أخي الجليل | عبد الرسول معلة
إن الجدل مستمر حول الشعر قديم قدم الشعر ذاته ومحاولات الخروج به عن مسيرته العربية بدأت منذ العصر العباسي حيث فن المواليا ورغبة الموالي في تغيير مساره إلى غير ما أنشئ من أجله واستقدام لغة الأنباط إلى المعجم الشعري العربي وأرى أن هذا الجدل سيستمر إلى أن تقوم الساعة وهذه سنة الحياة وسنة الفنون وخلال عمليات الجدل هذه المستمرة عبر القرون لم يتوقف المحافظون عن الحفاظ عن مسيرة الشعر ولم يتوقف المجددون عن المطالبة بتغيير مساره وهذا أمر طبيعي فليس الأمر استاتيكيا بالمرة بل ديناميكي وهذه الديناميكية هي التي تبعث في الشعر الحياة
ثم إن الشعر فن متنوع الأغراض والمرامي فمنه الشعر السياسي والتعليمي والمتقلب في كل فنون الحياة وهذه ظاهرة صحية فللشعر ميدان وللنثر ميدان وكلاهما عبر عصور الأدب العربي يحاول أن يحتل مساحة الآخر فإن نظرنا للأمر من منظور أن أي فن يتسع ليشغل مساحة الفن الآخر فهذا دليل قوته لا ضعفه ففي العصر العباسي مثلا بدأ الشعر تتسع دائرته ليدخل مساحات النثر ويحاول التقلب فيها فظهر الشعر التعليمي التاريخي والفلكي بل تطور فيما تلاه ليتناول قواعد النحو والصرف كما فعل ابن مالك على سبيل المثال ... ومع تنوع الشعر يتنوع الشعراء الذين تتبنى كل طائفة منهم لونا من ألوانه وتجعله دائرة لممارسة إبداعها ومن ثم ترى هذه الطائفة أن دائرتها الإبداعية هي المنطلق الحقيقي للشعر ... ونحن جميعا لا ننكر أن الشعر منه الوجداني ومنه الذهني ومنه من يمزج بين النسيجين ووجهة نظري المتواضعة أن كل هذا في مصلحة الشعر فكلما تقلبت فنونه وتنوعت ارتقى وازدهر
وقصيدة النثر لون فرض نفسه وأصبح له مريدوه وأنصاره ومن ثم علينا نحن – المحافظين – ألا نفعل كما فعل أسلافنا حيث ندفن أدمغتنا في الرمال بل وجب علينا أن نتعاطى معه ولا نسير على مبدأ ( كَفِّر واعتزل ) بل إن التعاطي معه ومحاورته الحجة بالحجة يساعدنا كثيرا في إثبات هويتنا وأن الشكل العربي الأصيل قادر على التعاطي مع معطيات كل عصر ومن هذا الجدل يأتي الثمار , ثم علينا أن نعترف كمحافظين أن تقنيات قصيدة النثر أو القصيدة الحداثية على مستوى التصوير أو التركيب البنيوي للجملة التعبيرية أو سير دراما الحدث الشعري تقنيات عالية السبك وإن حوارنا معها نحن – المحافظين – قد يجعلنا نفيد من تلك التقنيات فنمارسها في القالب المحافظ فنثبت أننا قادرون على التعاطي مع كل المعطيات الزمانية والمكانية
أخي الجليل وأستاذي النبيل | عبد الرسول معلة
تحياتي وإجلالي ولنا في الحديث عودة