وينفثُ في ليـل الهواجس زفـرة
فتخرج مثل النار من جوف موقدِ
كأن فـؤادي موقــدٌ وهواجسي
جمــارٌ يؤججهـا لهيـبُ تنهدي
قد اسودّ وجه الليل فازداد وحشـة
وطـال فلا فجر يطلّ فنهتدي
تظل به الأشبـاحُ والصمْتُ مطبِقٌ
تحرك ركبَ الرعـبِ في كل مشهـد
وإن عسَّ كلبٌ في دياجيه أو عوى
نبـيـتُ بوهم الخوف مثـل مُقيّدِ
وغطّت سمـاء العـرْبِ سودُ سحائبٍ
فمــا زلـتُ أنظـرُ في فضاء ملبّدِ
يحجِّــب ضــوْءَ الشمس عنا ولم يزل
شعــاعٌ لهــا يســري بليـلٍ أسودِ
*****
كأن نيــام القوم لذ لهـا الكرى
وحطّت على أسماعهـا صُم ّجلمدِ
فمـالي إذا حدثْـتُ قومي ناصحـاً
يكون حديثي عندهم غيرمسنـدِ
وإن قـام ثرثارٌ بهــم يستميلهـم
فيوردُهـم في نصحه شـرّموْردِ
*****
أقـول ولـو أن الحقيقـة مرةٌ
تُغصُّ بها نفسُ الأثيـم المفسد
متى ترجعُ الأوطـانُ يوما لأهلهـا
وأسيادُها تستجـدِ عطف المعتدي
قـد اختنقـت آمالـُنـا بقلوبنــا
كما اختنق التوحيدُ في صدرمُلحد
****
فلســطين تأبى أن تكون حليلة
لخاطبها بالسـلـم أو بالتــودّدِ
فما شهد التاريخُ عقدَ نكاحهـا
لمن رامهـا إلا بحــدّ المهنّــد
إذا أسدُ العِـرّيس لم يك ضاريا
يظل عليه الذئبُ يسطو ويعتدي
****
وقفتُ على دار العروبـة باكيا
بها عهدَ عـزّ قد تولى وسؤددِ
توالت عليها النائبات ُفأصبحت
" تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد "
غـدت كل دار للعروبـة منتدى
بـه كـل رمـز للخيانة ينتدي
تمـزّقنـا سبـلُ الخلاف ولم نزل
على مفرق الأحداث للجهل نرتدي
الأجدل عبد الحليم