شكيل ـــ شعر: فَايز خضُور..
ما كان –يوماً- غريباً على دمعنا.
لا تراه الأكف الضريراتُ:
يركض بين الشرايين والنبضِ،
بين التعجب، أو طلبِ الفهمِ..
ما بين حشرجة القاتل المتبجِّحِ،
ينمو بثوراً تزيِّن جسم القتيل.
لم يكن خاطراً أيقظ البالَ،
بعد مجيئي إلى الكون، قابلتهُ،
والشجرُ المثقلُ الظهر بالحَمْلِ،
يحرسُهُ من حراب الوشايةِ.
إنه الحلو، صادف موسمه الدمويَّ.
أَسمَوْهُ شتَّى الكنايات...
توّجتُهُ سيِّدَ العُشْقِ.
بالعُشْب كحَّلتْ جفنيهِ.
أفعمتُ هيكلَه المتجددَ بالمدهشِ.
أغيِّر من حزن عينيه وهْجاً،
أثيرُ الوداعةَ في ناهديهِ الخجولينِ،
وأبقيتُ سُرَّتهُ بُرْعُماً ضامراً،
أمارسُ تشكيله جسداً آدمياً.
أقرِّبهُ من حدود التصوّرِ:
عاودتُ، عاودتُ، آن استرحتُ.....
محمِّلةً بالأزاهيرِ والقشِّ:
مِن جديدٍ منحتُ المهابةَ للحلوِ.
شاءَ التصاويرَ ملتوفةً.؟!
وعُكازتي حَرْبَةٌ في العيونْ".
شاءَ، ما شاءَ، كلُّ الرغائب فاتحةٌ للجنونْ..!!
إنه الحبُّ، بارحْتُهُ قانطاً،
صِحْتُ: يا ناسَ هذي المدائن.
أرجعوا للحبيب مُطامَنَةَ العيشِ
هيِّئوا شُرْفَةَ الذبحِ،
لمَّوا الغبارَ المعتَّق،
مثل حُبِّ المصابيح للعتمِ..
عن مسير التولُّه باللونِ:
في الأبيضِ، الأخضرِ، الأحمرِ، الأزرقِ....
"كلُّها تستفزُّ التعاسةَ،
وانتحى لائذاً بالشراسةِ،
يستلهم الغضبَ المتدثِّر بالصدِّ،
بالحاجة المستثارة "للموتِ".
صحتُ بهِ: يا جميلُ استدر،
غُضَّ وجهَكَ عن خجل التحتِ.
"أنتَ أدرى بوهوهة النشوة المستباحة"
زمانُ السقوط من الغيب للسطحِ.
الآن، كلُّ العيون مسطَّحة،
الآنَ، ما عاد من كُرةٍ في البلادِ:
الشَّجرُ الباسق القد، طأطأ،
والنهدُ صار صفيحاً من الجِلْدِ،
والعراءُ السوادُ، العراء السواد، إذن واقعٌ،
والسواد إذن لغةٌ في كتاب السنين.!!
سوريا-الموقف الأدبي –العدد 3- تموز 1975