العمدة والكتاب - قصة قصيرة

العمدة والكتاب

زمان .. زمان قوي كان فيه إسكافي طيب ، كان عايش في قرية صغيرة جدا زى جزمة الطفل إللي لسه مولود ، كان كل أهل القرية بيلبسوا من صنع إيده حتى العمدة - إللي كثير ما كان بيزور المدينة ، وكثير ما كان بيشترى هدومه من محلات المدينة ومتاجرها - كان بيصر باستمرار أنه يروح للإسكافي بنفسه علشان يفصل له جزمته ، ويفضل قاعد قدامه ، وهو بياخد المقاسات ، وهو بيقص الجلد ، وهو بيغرز الإبرة إللي عندها كان بيحصل للإسكافي الطيب حاجة غريبة كإنه كان بيتبدل ، بتلبس وشه ملامح حزن غريب تحوله لكهل .. تتهدل شفايفه ويعيط ، ولما يخرج الإبرة يضحك .. يضحك قوي كإنه طفل لسه خارج للدنيا دلوقتي بس مادقش أحزانها .. يستعجب العمدة ويسأله .. يمد إيده ويفتح كتاب ويشاور على صفحة ويقول للعمدة ..
- أنا الرجل دا .. أنا إللي ضيعت الحلم لما حاولت أحوله لواقع .. آه لو كنت سبت الحلم..
العمدة إللي عمره ما قدر ولا عرف يقرا يستعجب ويقول له
- لو تقول لي بس فيه إيه الكتاب دا .. وليه مش عايز تحكي لي الحكاية ؟!!
يدوّر الإسكافى وشه لجزمته ويبدأ يغرّز من جديد ويعيط من جديد .. العمدة إللي متعود على إن النوم يهرب منه مدة طويلة كل ما يقابل الإسكافي وإللي عارف إنه فين على ما بيقدر ينسى الحكاية ويرجع عمدة من جديد مسك الكتاب في إيده .. فتحه .. نفس الخطوط .. نفس الصور ..
"ياترى بيقول إيه الكتاب ؟!! ... إيه إللي فيه يخلي واحد يعيط أو حتى واحد يضحك ؟!!.."
العمدة قفل الكتاب لكن ماسبوش حطه تحت باطه
- الكتاب يا عمدة ..
- هاخده منك يومين .. يومين بس..
العمدة طلع م الدكان على محطة القطر .. سافر .. نزل المدينة .. طلّع الكتاب من تحت باطه وإداه لأول واحد قابله
- يا أخينا ممكن تقول لى إيه حكاية الكتاب دا ، ممكن تقراهولى ..
الراجل ضحك ...
- جى من بلدكم علشان أقرا لك كتاب حواديت .. أما راجل مجنون بصحيح ..
ومشي وسابه .. العمدة مشي يعرض الكتاب ع الناس .. لكن كل إللي قابلهم ضحكوا عليه ..
"إيه إللي ممكن يعوزه إنسان أو إللي ممكن يلقاه في كتاب حواديت ؟!!.. إيه فايدته لعمدة ؟!!"
ع المغرب العمدة تعب ... هده المشى قعد على مصطبة قدام فرن كبير .. بص لقى واحد قاعد جانبه الدقيق إللي مغطى ملامحه دل على إنه من عمال الفرن .. قرب منه
- سلام عليكم .. ممكن والنبى تقرا لي الكتاب دا
- بس دا كتاب كبير قوي ..
حاول العمدة يتذكر فين الصفحة إللي كان بيفتحها الإسكافي .. قعد يقلب في الكتاب .. فجأة إيده اتبلت مية ..
" أيوه هى ده .."
الله لكن الصفحة مش زى ما شافها في المحل .. "ده مافيهاش إلا مية .. راح فين الكلام !!!... "
الإسكافي أكد له أنه صاحب الحكاية ده .. إن سبب دموعه موجود جوا الكتاب وهو شاف بعينه الخطوط أكثر من مرة .. غريبة !!!...
الراجل إللي كان الدقيق مغيب ملامحه قال له ...
- عموما ماتقلقش أنا عارف الحكاية وممكن أحكيها لك لإني أنا لآخر – جاره – حكايتي ده ..
وفتح صفحة ثانية كان فيها خطوط وصورة برضة مغيبها الدقيق .. العمدة إللي مد إيده ومسك الصفحة احتار .. "إيه حكاية الناس ده!!... كل واحد له صفحة .. ماكانش أنا لآخر لى صفحة ..."
شدته حكاية الكتاب أكثر من حكاية الإسكافى أو حكاية الجار .. بدأ يقلب الصفحات ويبص في الصور .. يدقق ..
الغريبة إنه فعلا شاف صورة تشبه تماما زى ما يكون هو ... لكن لبسه غريب مقطع وشعره منكوش وعيال كثير بتجرى وراه وتحدفه بالطوب بالظبط زى ماكان بيشوف العيال بيعملوا في مجذوب القرية .. "إيه إللي وصلني للحالة ده .. حلم ولا حقيقة !!؟ .. لازم أعرف ... لازم أعرف "
عارفين لو شفتوا العمدة دلوقتي ... لبسه مقطع وشعره منكوش والعيال بتجرى وراه من مكان لمكان تحدفه بالطوب وهو ماسك الكتاب في إيده بيعرضه على كل واحد يعدي من قدامه .. نفسه يلاقى حد يقرا له مش بقى حكاية الإسكافي أو الجار الساكن في كتاب الحواديت لكن حكايته هو إللي بقت صفحة من صفحات الدموع بالنسبة له

https://mahertolba.maktoobblog.com

مرحباً استاذي الكريم

هذه في الحكاية الشعبية

تقديري

الله يسترها معانا وتكون صفحتنا خالية من الطوب والزلط
الأديب ماهر طلبه
أسعد الله أيامك وكل عام وأنت بخير
تقديري