شكرا أستاذتي عواطف لهذه المقطوعة التي جئتنا بها
رغم ما يمر به البلد إلا أن هناك بعض المناطق تحاول جاهدة الحفاظ على هذه العادة الجميلة التي اعتادها العراقيون
و الخوف عليها من اندثارها كتراث جميل
فما زال بعض الشباب يحاولون جهدهم القيام بمهمة (المسحرجي) كما نسميها ليكسبوا الأجر و الثواب و ليتحدوا الظرف الصعب و ليحافظوا على تراث آبائنا و أجدادنا
تحياتي لك و لكل من مر و ساهم
بداية كان لحرص المسلمين على طعام السحور، تعدد وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم وقت السحر منذ عهد الرسول والى الآن، فكان المسلمون يعرفون وقت السحور في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بأذان الصحابي "بلال بن رباح"، ويعرفون الامتناع عن الطعام بأذان الصحابي "عبد الله ابن أم مكتوم"؛ فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم".
وفي مكة كان "الزمزمي" ينادي من أجل السحور، وكان يتبع طريقة خاصة، بحيث يرخي طرف حبل في يده يتدلى منة قنديلان كبيران حتى يرى نور القنديلين من لا يستطيع سماع ندائه من فوق المسجد.
ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية تعددت أساليب تنبيه الصائمين، حيث ابتكر المسلمون وسائل جديدة في الولايات الإسلامية من أجل التسحير.
ويذكر المؤرخون أن المسحراتي ظهر إلى الوجود عندما لاحظ والي مصر "عتبة بن إسحاق" أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها وقت السحر، وكان ذلك عام 238 هجرية، حيث كان يطوف على قدميه سيرا من مدينة العسكر إلى مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط مناديا الناس: "عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة".
وفي عصر الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور، ومع مرور الأيام عين أولو الأمر رجل للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي: "يا أهل الله قوموا تسحروا"، ويدق على أبواب البيوت بعصاً كان يحملها في يده تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة، ويدق أيضا على أبواب المنازل بعصا يحملها في يده.
وقد تطورت بعد ذلك ظاهرة التسحير على يد أهل مصر، حيث ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلا من استخدام العصا، هذه الطبلة كانت تسمى "بازة" وهي صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتي دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة فاستعان المسحراتي بالطبلة الكبيرة التي يدق عليها أثناء تجوله بالأحياء، وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة، ثم تطور الأمر إلى عدة أشخاص معهم "الطبل البلدي" و"صاجات" برئاسة المسحراتي، ويقومون بغناء أغان خفيفة حيث شارك المسحراتي الشعراء في تأليف الأغاني التي ينادون بها كل ليلة.
شعر القوما
وفى العصر العباسي في بغداد كان "ابن نقطة" أشهر من عمل بالتسحير، حيث كان موكلا إليه إيقاظ الخليفة الناصر لدين الله العباسي، فقد كان ابن نقطة يتغنى بشعر يسمى "القوما" مخصص للسحور، وهو شعر شعبي له وزنان مختلفان ولا يلتزم فيه باللغة العربية، وقد أطلق علية اسم القوما لأنه كان ينادي ويقول: "يا نياما قوما.. قوما للسحور قوما"، وقد أعجب الخليفة بسلامة ذوقه ولطف إشارته.
وعندما مات أبو نقطة خلفه ولده الصغير وكان حاذقاً أيضا لنظم "القوما"، فأراد أن يعلم الخليفة بموت أبيه ليأخذ وظيفته فلم يتيسر له ذلك، فانتظر حتى جاء رمضان ووقف في أول ليلة منه مع أتباع والده قرب قصر الخليفة وغنى القوما بصوت رقيق رخيم فاهتــــز له الخليفة وانتشى، وحين هم بالانصراف انطلق ابن أبي نقطة ينشد: يا سيد السادات لك في الكرم عادات، أنا ابن أبي نقطة، تعيش أبي قد مات، فأعجب الخليفة بسلامة ذوقه ولطف إشارته وحسن بيانه مع إيجازه، فأحضره وخلع عليه ورتب له من الأجر ضعف ما كان يأخذ أبوه.
مهنة الشهر الواحد
والمسحراتي يتفرد بخاصية في عمله، حيث يقتصر عمله في ليالي شهر رمضان المبارك فقط، أي أنها المهنة الوحيدة التي يعمل صاحبها شهراً واحداً في السنة، وقد ارتبطت أجرة المسحراتي ببعض التغييرات على مر العقود، ففي منتصف القرن التاسع عشر كانت الأجرة مرتبطة بالطبقة التي ينتمي إليها المتسحر، فمنزل الشخص من الطبقة المتوسطة على سبيل المثال عادة ما يعطى المسحراتي قرشين أو ثلاثة أو أربعة قروش في ليلة العيد، ويعطيه البعض الآخر مبلغاً زهيداً كل ليلة، ولم يكن للمسحراتي أجر معلوم أو ثابت، غير أنه يأخذ ما يجود به الناس صباح يوم العيد أو ما يعرف بالعيدية، وعادة ما كانت العيدية من الحبوب، سواء كانت ذرة أو قمحاً، وأحيانا كثيرة كان يتقاضى أجرته كحك العيد، وبين هذه وتلك لم يكن أجر المسحراتي بالمعنى المفهوم المتداول، ولكنه هبة يجود بها كل صاحب بيت حسب قدرته.
مسحراتي.. بنكهة عربية
ومن مصر انتشرت مهنة المسحراتي إلى الولايات الإسلامية الممتدة شرقا وغربا، ليتخذ "المسحراتي" أشكالا مختلفة في كل منها..
فقد كان أهل الشام ذوي طقوس خاصة تحيط بالمسحراتي، حيث كان المسحراتية في الشام يطوفون على البيوت وهم يعزفون على العيدان والصفافير وينشدون الأغاني الخفيفة.
وفي عمان يوقظ المسحراتي النائمين على الطبلة أو بالناقوس وهو يقول "يا نائمين الليل قوموا تسحروا .. يا مسلمين السحور يا صائمين" ، وفي الكويت يقوم المسحراتي الذي يسمى أبو طبيلة بالتسحير ومعه أولاده فيردد بعض الأدعية وهم يردون عليه.
وفي اليمن يقوم بالتسحير واحد من الأهالي بالحي حيث يدق بالعصا على باب البيت وهو ينادي على أهله قائما : قوموا كلوا، وفي السودان يطرق المسحراتي البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوسا ودفتر به أسماء أصحاب البيوت حيث ينادي عليهم بأسمائهم قائلا " يا عباد الله وحدوا الدايم ورمضان كريم ".
أما في السعودية فيوقظ المسحراتي النائمين بقوله " ربي قدرنا على الصيام واحفظ إيماننا بين القوم ، وفي المغرب العربي يقوم المسحراتي بدق الباب بعصاه ليوقظ النائمين.
المسحراتي يتراجع
إلا أنه في السنوات الأخيرة أخذت ظاهرة "المسحراتي" في التراجع بسبب كثرة الوسائل العصرية التي تساعد الإنسان على الاستيقاظ دون الحاجة إلى تذكير، كما أن العادات قد تغيرت وانقلبت الموازين، فأصبحت مثل هذه العادات القديمة شيئاً تراثياً بالنسبة للكثيرين، وأخذوا يتسلون بالوسائل الحديثة كالمنبه والتليفون المحمول، وأصبح الكثير من الناس يسهرون حتى الفجر في مشاهدة البرامج والمسلسلات التلفزيونية أو السهرات المتنوعة عند الأصدقاء أو في أي مكان آخر مما أدى إلى انقراض هذه المهنة وغيرها من المهن التي ظلت صامدة لعشرات بل مئات السنين تحت رياح التغيير والعولمة.
المسحراتي في بيروت
ولكن لا يزال المسحراتي موجودا في القرية، ووظيفته الأساسية ما زالت حتى الآن الإمساك بالطبلة أو الصفيحة والطرق عليها بالعصا والنداء على كل سكان الحي كل باسمه داعياً إياه للاستيقاظ، ولا يزال المسحراتي يحتفظ بزيه التقليدي أثناء التسحير وهو الجلباب، وقد يستخدم الدف بديلاً عن البازة.
وبينما تقتصر مهنة المسحراتي في معظم الدول العربية والإسلامية علي رجل واحد يقوم بهذه المهمة، إلا أن دولتي الكاميرون وتركيا تنفرد بظاهرتين فريدتين البطل فيهما المسحراتي ولكن مع بعض التغيرات..
ففي الكاميرون لا تقتصر عملية التسحير على مسحراتي واحد فقط، ولكن يقوم بمهمة التسحير جماعة يتراوح عددها بين 10 و15 فردا حاملين الطبول الأفريقية الشهيرة لإيقاظ السكان المسلمين، حيث تمتاز العاصمة ياوندي بوجود عدد كبير من المسلمين بها، فيظهر المسحراتي في شوارعها خاصة في الأحياء المعروفة بأن أغلب سكانها من المسلمين، وتشير الإحصائيات أن عدد المسلمين في الكاميرون يتراوح من 40% إلى 55% من السكان و ينتشرون بكثافة في الريف الكاميروني.
المسحراتي في تركيا .. فتاة
أما في تركيا فإن الفتيات بدأن يكسرن احتكار الرجال لمهنة المسحراتي وأصبحن يشاركن فيها، فمنذ 3 سنوات ولأول مرة في تاريخ تركيا، قامت إحدى البلديات بمحافظة إنطاليا بتدريب خمس من الفتيات على عمل المسحراتي، لكي يقمن بالتجول في الشوارع في ليالي رمضان لدعوة الصائمين للسحور، حيث يتجولن سوياً وهن ممسكات بالطبلة ويتغنين بكلمات وأشعارًا مقتبسة من الأدب التركي .
في فلسطين
لا تزال مهمة المسحراتي موجودة
حيث يقوم بها مجموعة من الشبان المتطوعين
وخصوصاً في مدينة القدس التي تتعرض لهجمة صهيونية شرسة من أجل تهويد ما تبقى منها
............
أشكرك سيدتي على نبش هذه الذكريات العزيزة على قلوبنا
محبتي
فلو كان في منطقتنا مسحراتي لما قضيت يومي - اليوم - بلا سحور ...
لاادري لم أنتبه للمنبه فاستيقظت عند الرابعة فجرا اي بعد نصف ساعة من الإمساك
رمضان مبارك على الجميع
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟