استيقظ على منبهه البيولوجي ....حضر نفسه للخروج ...ولأن أحدا لم يستيقظ معه ...لم يكلم أحد .
نزل على درج البناء بهدوء مقيت ...ولأن جاره الذي مر بجانبه لم يلق التحية ...لم يلق عليه التحية هو .
وقف على موقف انتظار الحافلات العامة ...رأى كيف تتدافع الناس دون نظام ...انخرط في المعمعة ...ولأن أحدا لم يحاول الوقوف بنظام ...لم يحاول هو .
تضايق من رائحة سجائر الشخص الذي يجلس بجانبه ...ولأن أحدا لم يعترض ...لم يعترض هو .
شعر بالإمتعاض من الأغاني التي يضعها سائق الحافلة وبصوت عال ...ولأن أحدا لم يطلب منه التغيير ...لم يطلب هو .
نزل من الحافلة وأغلق بابها ...ولأن الأغلبية تغلقها وهي تقاتلها ...كذلك أغلقها هو .
رأى أناس مجتمعين حول حادث سير ...ولأن أحدا لم يطلب منه المساعدة ...لم يتدخل هو .
دخل المبنى الوظيفي مقطب الحاجبين ...يسلم ويرد السلام كمن يؤدي وظيفة ...ولأن أحدا لم يضحك في وجهه لم يضحك هو .
رأى كيف يرتشي بعض أصحابه ...ولأن أحدا لم يخبر ...لم يخبر هو .
رأى كيف يتهرب البعض من الدوام قبل نهايته وقبل أن يقضي كل ماعليه من عمل ...ولأن أحدا لم يتكلم ...لم يتكلم هو .
مناسبة عند مدير العمل رغم كرهه له ...ولأن الجميع دخلوا عليه ليهنؤوه ...دخل هو .
عاد إلى بيته يحمل بعض الحاجيات ...ولأن الجميع يفعل ذلك فعله هو .
ولأن كل الآباء يقبلون أبناءهم ...قبل ابنه هو .
ولأن كل الرجال تسأل ...ماهو الغداء ...سأل هو .
ولأن كل الأزواج ينامون مع زوجاتهم ...نام هو .
صورة يكررها أغلب البشر ...لذا كررها هو .
ولأن الجميع بعد عمر من السنين بموتون ...مات هو .
التوقيع
سوف أُلْبِسُ الحزن ثوب العيد
سقط الفرح من شجر الأحلام
قضى في الظل
أضحى أبعد من الخيال
يا الله
حكاية نتجرعها كل يوم
فكم نقلد بعضنا وعندما لا نجد احدا نقلدنا
وكم نولد اسوة بغيرنا
وكم نموت كما يموت غيرنا
وكأن الجواهري هنا:
لقد اسرى بي الاجل *** وطول مسيرة ملل
وطول مسيرة من دون *** غاي مطمح خجل
انه روتين الايام ورتابة الحياة
المبدعة الراقية سوسن
دمت بخير
آه...رتابة الأحداث هنا كانت كالصاعقة
إنّه موت على قيد الحياة ...ربّما
هو / هي / هم / نحن وجميعنا نفعل ذلك
الغريب في الأمر...أننا في خلوتنا مع أنفسنا
نتذمّر بصمت...ولا نتغيّر !
//
تحيتي وتقديري لشخصكِ وحرفكِ أيتها السوسنة