بالتقسيط , اشترت له تلفونا نقالا ,تستقطع هذا المبلغ من كدها ,على ماكينة الخياطة , اشترطت عليه أن يكون اسمها ورقمها أول الأسماء ,هو الأول والأخير بعد وفاة أبيه عند ولادته , لذا سمته احمد المنحوس , في ربيعه العشرين , ولد ذكي مجد في دروسه ,كانت تتمنى له أن يكون طبيبا ,كان عند حسن ظنها , يمازحها في بعض الأحيان ويقبل باطن قدمها , يقول لها أمي - يقولون إن الجنة تحت أقدام الأمهات ,ليلامس خديه مخشن قدمها , في يوم الأربعاء خرج صباحا ,يحمل أواني الماء المثلج ليقوم بتوزيعه على الناس الوافدة إلى المدينة المقدسة ( اشرب الماء وتذكر عطش الحسين ) ,لم يمر على خروجه ,إلا ساعة ونيف ,حتى دوى في المنطقة انفجار هز أركان السماء الأربعة , هرولت مذهولة إلى باب البيت
- يمه احمد .,يمه حمودي اسم الله , صراخ ,عويل ,أنين , أصوات أبواق سيارات الإسعاف , الإطفاء , الشرطة ,من شدة الذهول خرجت من دارها بملابس البيت , لم يغطي رأسها سوى بعض من شيب السنين ,سنين القحط والحرمان وانتظار المستقبل المجهول , تذكرت , إنها اشترت له نقالا يوم أمس , عادت إلى دارها لتبحث عن نقالها اتصلت به ,
- يمه حمودي ,جاوب ...
رن الهاتف , لم يرد احد , اتصلت مرة أخرى به ,وأخرى , وهي تبحث بين الأشلاء المتناثرة الباقية من تلك الأجساد الميؤس منها , اتصلت مرة ثالثة ورابعة وعاشرة عسى أن يرد عليها ولدها
الو , يمه حمودي اسم الله , وين انته يمه .
صوت غريب لم تألفه سابقا - حاجة أحنا مركز الطب العدلي شهقت إلى السماء
يا الله اخترت الحياة من اجله ,سامحني يا الهي سأختار الموت من اجله , شقت زيجها وخرطت الخدود بأظفارها
الله اكبر بس هو عندي , وهي في هذه الحال لا تعرف ماذا تفعل , وإذا بظل يعلو جلستها التفت إلى الوراء
حمودي , يمه اسم الله , وين تلفونك , سقط منه عند خروجه من الدار , ذبلت الشفاه , تهدلت الرموش , اصفر الوجه , فقدت الشعور بما حولها , لديه بقايا من الماء البارد ليغسل وجها من تراب الرصيف ...