لا...... مسلـﱠﱠحــة
بلا جدوى وقفت معاندة مكابرة مقاومة أمام جبروت وحشيتهم . لاحت سياطهم غير مرة على متنها . أصابعهم القذرة عصرت جسدها البريء ولوثت نقاء أنوثتها الباضة . لم تجد مفرا مما كان ولا ملجأ تتوجه إليه غير تقديم سيل من التوسلات وفتح محاجر دموعها على مصراعيها . خارت قواها واستسلمت بعد ما أطلقت آخر صرخة وجع بوجه المغتصب الأول . الذي قطف عذريتها قسرا .
انحدرت إلى سبات مؤلم ضاج بأصوات تكبيراتهم المزيفة ورائحة أجسادهم النتنة . اختنق نومها بهواء فاسد غيـﱠب أحلامها الجميلة وآمالها الوردية الناعمة التي ادخرتها لفتاها في عش زوجية مقدس مرشوش بأطيب وأغلى ما حملته رفوف محلات بيع العطور .
عاشت لوقت ليس بالقصير تحت ضغط كوابيس مخيفة تقاطرت إلى رأسها اليوم لتستعرض بشاعتها أمام قلب مرهف نقي عامر بالطمأنينة والحياء . في حين كان الأنجاس يتبادلون ادوار رغباتهم الوحوشية بجسد هامد مسجى تحت ظل شجرة تعرقت أوراقها خجلا من فعلة شنيعة حدثت تحتها .
أفاقت على يد آخر وحش سحلها فوق الأحراش والحصى , أراد أن يرمي بها في النهر بعد أن نفـﱠذ مهمته الذكورية فيها . صرخت بوجهه ( لا ) فاردته قتيلا , وسقطت هي لأعماق سبات ثان . قدماها متدليتان على حافة النهر تلامسان وجه الماء المصبوغ بالدم المتدفق من رأس الوغد الذي تقاسم جسده النهر واليابسة , حينما رشقته رصاصة انطلقت من فم بندقية ثائرة هدرت ب ( لا ) مسلحة .
مازحت الأمواج قدميها , وتطاول البلل لأذيال ثوبها . اقشعر جسدها ملتذا بلسعة البرد التي المـﱠت بها وأخذت من عروقها مأخذا . فزﱠت بهـدوء . رموش عينيها هي أول من تحسست موجودات المحيط حينما لامست نعومة القماش الذي كان يغطي جسدها . سمعها أعلمها بسكون المكان . رفعت نصف جسدها . رشـﱠت نظراتها الخائفة إلى جوارها . كورت قطعة القماش التي كانت تغطي جسدها الشهيد وقبلت فيها كلمة ( الله اكبر ) . والى هناك كم من الوحوش متناثرة الأجساد نصف العارية . والى مبعدة عنها يرقد جسد تحتضن ذراعاه التراب بوداع أخير صامت إلا من دفق دماء الشهادة .
نهضت . تلفعت بالعلم . تخطت الأجساد المقتولة وهي تنثر بصاقها على لحاهم القذرة . عمدت صوب النهر . غسلت عنها الأدران التي علقت بجسدها من فعلة هؤلاء الأوغاد . ثم عادت إلى الجندي البطل . امتدت مع طوله . نادته بأجمل ما يقدم من كلمات الشكر والثناء لعرفانه الجميل .
ــ يا بطل عرفت أنك من قتلتهم . وأنت من حملتني من حافة النهر إلى الظل . وغطيتني بالعلم قبل أن تغتالك رصاصة غادرة . شكرا لك يا أبن العراق الأصيل ... يا أخي .
نشرت أطراف العلم فوق جسديهما . قبلته وغفت على ذراعه تشاركه ميتتـه المقدسة ...