أخبرنا سعيد بن محمد المقري قال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن أحمد المديني، قال: حدَّثنا أحمد بن عبد الرحمن السَّقَطِي، قال: حدَّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا همام عن قتادة عن أنس، قال: لما نزلت: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هنيئاً لك يا رسول الله ما أعطاك الله، فما لنا؟ فأنزل الله تعالى: { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ...} الآية.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه، قال: أخبرنا أبو عمر بن أبي حفص قال: أخبرنا أحمد بن علي الموصلي، قال: حدَّثنا عبد الله بن عمر، قال: حدَّثنا يزيد بن زريع قال: حدَّثنا سعيد بن قتادة عن أنس، قال: أنزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} عند مرجعه من الحُدَيبية.
نزلت وأصحابه مخالطون الحزن، وقد حيل بينهم وبين نسكهم، ونحروا الْهَدْيَ بالحديبية.
فلما أنزلت هذه الآية قال لأصحابه: لقد أنزلت عليَّ آية خير من الدنيا جميعها.
فلما تلاها النبي صلى الله عليه وسلم قال رجل من القوم: هنيئاً مَرِيئاً يا رسول الله، قد بَيَّن الله [لنا] ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله تعالى { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي...} الآية.
تفسير بن كثير
يقول تعالى: { هو الذي أنزلالسكينة} أي جعل الطمأنينة، قاله ابن عباس، وعنه: الرحمة، وقال قتادة: الوقار في قلوب المؤمنين، الذين استجابوا للّه ولرسوله وانقادوا لحكم اللّه ورسوله، فلما اطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت، زادهم إيماناً مع إيمانهم؛ ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين، فقال سبحانه: { وللّه جنود السموات والأرض} أي ولو أرسل عليهم ملكاً واحداً لأباد خضراءهم، ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد، لما له في ذلك من الحكمة البالغة، والحجة القاطعة، ولهذا قال جلت عظمته: { وكان اللّه عليماً حكيماً} ، ثم قال عزَّ وجلَّ: { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} أي ماكثين فيها أبداً، { ويكفر عنهم سيئاتهم} أي خطاياهم وذنوبهم، فلا يعاقبهم عليها، بل يعفو ويصفح ويغفر ويستر، { وكان ذلك عند اللّه فوزاً عظيماً} ، كقوله جلَّ وعلا: { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} ، وقوله تعالى: { ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين باللّه ظن السوء} أي يتهمون اللّه تعالى في حكمه، ويظنون بالرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم وأصحابه أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية، ولهذا قال تعالى: { عليهم دائرة السوء وغضب اللّه عليهم ولعنهم} أي أبعدهم من رحمته، { وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً} ، ثم قال عزَّ وجلَّ مؤكداً لقدرته على الانتقام من الأعداء؛ أعداء الإسلام من الكفرة والمنافقين { وللّه جنود السموات والأرض وكان اللّه عزيزاً حكيماً} .
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 11-20-2014 في 07:45 PM.