قد تقدم حديث أنس رضي الله عنه حين قالوا هنيئا لك يا رسول الله هذا لك فما لنا ؟ فأنزل الله تعالى " لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا" أي ماكثين فيها أبدا " وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ " أي خطاياهم وذنوبهم فلا يعاقبهم عليها بل يعفو ويصفح ويغفر ويستر ويرحم ويشكر " وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا" كقوله جل وعلا " فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ " الآية.
ثم ذكر تعالى الأعذار في ترك الجهاد فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر وعارض كالمرض الذي يطرأ أياما ثم يزول فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ ثم قال تبارك وتعالى مرغبا في الجهاد وطاعة الله ورسوله " ومن يطع الله ورسوله وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ" أي ينكل عن الجهاد ويقبل على المعاش" يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا" في الدنيا بالمذلة وفي الآخرة بالنار والله تعالى أعلم .
وقوله تعالى" وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ" قال قتادة وأبو مالك والسدي " وَأُزْلِفَتِ " أدنيت وقربت من المتقين " غَيْرَ بَعِيدٍ" وذلك يوم القيامة وليس ببعيد لأنه واقع لا محالة وكل ما هو آت قريب.