يا أيها الحادي أعدْ بنتَ الهُدى
ياليلُ كمْ زادتْ على نارِ الحَشا = بُعدُ الديارِ وفرقةُ الأحبابِ
رَحَلوا إلى حيثِ النوى وقلوبُهمْ = بَقِيَتْ تَحُنُّ لأُسْرَةٍ ورِكابِ
تاللهِ ما أقسى الأسى وفراقَهمْ = فيهِ الفجائعُ أعْظَمُ التِطْرابِ
فحَمِلتُ أحزاناً أتَتْ ببلائِها = زَحْفاً ، لتُثْكِلَ بالفراقِ شبابي
أناْ بَيْنَ آلامي التي كابدْتُها = وتعبّدي كالرّسلِ في المِحرابِ
أطلَقْتُ مَكْنونَ الصَّبابَةَ بالجوى = لمّا رَماني الدَّهرُ بالقِرْضابِ
قدْ كُنتُ مابينَ النجومِ كدُرّةٍ = شعَّتْ بلا شَمْسٍ ولا أسبابِ
حتى فَقَدْتُكُمُ فبُتُّ كأنني = في التُّرْبِ لا في الخِدْرِ والأطْنابِ
ماكُنتُ أحْسَبُ كوكباً تَحتَ الثرى = مُتأمِلاً لِمَدامعي وعِتابي
لمّا رَمَتْني الحادثاتُ بنَبْلِها = حِقْداً ، وَداءُ الغَدرِ في أكوابي
وَعَلامَ ترمي النائباتُ سِهامَها = ويدومُ في هذا الزمانُ مُصابي
فكأنّها ثاراتُ بَدْرٍ أُشْرِعَتْ = أمويةَ الراياتِ والأثوابِ
لمْ تقضِ مِن آلِ الرسولِ ديونَها = حِقداً لتُخفي رايةَ المُنتابِ
واسْتَبْدَلوا سُننَ الرسولِ وغيّروا = تلكَ الأصولِ ببدعَةٍ وسَرابِ
قدْ كانَ لي كَهْفٌ حَصينٌ ساترٌ = مِن ْكلِّ ليثٍ في الوغى والغابِ
اثنانِ ماعايَنْتُ أدهى مِنهُما = ظُلمُ البتولِ ووحدَتي وعَذابي
يا أيها الحادي أعِدْ بنتَ الهُدى = لكُماتِها مِن خيرةِ الأطيابِ
ما ساوَموا حِزْبَ الطليقِ وجُنْدَهُ = فكأنّهمْ للموتِ بالأبوابِ
أَنَسيتَ كيفَ تقدّموا بقلوبِهِمْ = كأشاوسٍ بأسِنّةٍ وحِرابِ
رَبطوا القلوبَ على الرماحِ وواجَهوا = عادي الزمانَ بوَقْفَةٍ وَوِثابِ
صَدّوا عن الدينِ الحَنيفِ كتائباً = والحربُ تَعْشَقها أسودُ الغابِ
بالأمسِ قدْ كانَ الأحبةُ ساعدي = كأُسُودِ غابٍ في ربوعِ هِضاب ِ
سَقَطَ اللوا ، وَبَقيتُ مِن لحظاتِها = أغفو على الأشجانِ والأوصابِ
أمْسَيْتُ أنظُرُ للزَّمانِ فَلا أرى = إلاّ ذَبيحاً ساقِطاً بهِضابي
ألقى السرورَ فلا ينوءُ بعَبْرَتي = هيَ في الطفوفِ مَحَطّتي وإيابي
لاتُدْرِكُ الأيامُ سرَّ خلودِها = وَلَو اسْتَعارَتْ فِطْنَة َ الألبابِ
وإذا تُجاوبُني القلوبُ تَكَمّدَتْ = فكأنّما هي سورةٌ بكتابي
وإذا الصَّباحُ بَدا وَشَقَّ ضياءَهُ = بقي الحزينُ على دُجى الأحْقابِ
عِشْتُ النَّوى وصَحبتُهُ في رحلتي = كالذِّئْبِ ذو غَدْرٍ وذو أنيابِ
في كلِّ وادٍ مُجرمٌ لأميّةٍ = في قَلْبِهِ حِقْداً على الأطيابِ
إنّي هَدَمْتُ عروشَهَمْ في خُطبَتي = بحَقائقٍ وأدِلّةٍ وَجَوابِ
ورَفَعْتُ فيها رايتي فنَشَرْتها = في سائرِ الأرجاءِ والأقطابِ
وعقدتُها لاثنينِ ، آلَ مُحمّدٍ = ولشيعةِ الكرارِ في الأصْلابِ
لكنَّ نزفاً كلّما طببتُهُ = تبقى فجائِعُهُ على المِحرابِ
في كلِّ آوِنَة ٍوكلٍّ مَسيرَةٍ = ماكلَّ مِن دَمْعٍ ومِن تِسْكابِ
وكذاكَ آلامُ الزَّمانِ مَكانها = وَسْطَ الحشا كنوافِذِ النُشّابِ
فإذا أتى عادي الرَّدى لجَماعَةٍ = يمضي مُضيَّ الواحِدِ الغلاّبِ
وجرَتْ خطوبُ الدَّهْرِ في مِضْمارِها = بينَ الفوارسِ مِن بني الأحْسابِ
ياوَيْحَ نورِ الشمسِ أصْبَحَ مُظلِماً = وَهْوَ الحياةُ لِمُجَملِ الأسبابِ
خلَتِ الطفوفُ وقَدْ مَضَتْ أبطالُهُا = عِندَ العليِّ المُنعِمِ الوَهابِ
نزَلَت ْعلى أرضِ الطفوفِ وَعَفّرَتْ = تلكَ الخُدودِ بِسَجْدَةٍ وثوابِ
حملوا على الأعناقِ نَهْجَ مُحمّدٍ = بمَلاحِمٍ وبطولةٍ وخِضابِ
أقسَمْتُ أنّكَ في الطفوفِ هَويَّتي = وَسفينَتي وعقيدَتي وقِبابي
يتساءلون بأيِّ صبرٍ أقتدي = بالمرتضى ، أمْ مَن ْوَراءَ البابِ
أذْهَلتِ أقطابَ الدُّنا في كربلا = عَلَويةُ الأمجادِ والألقابِ
بُغِتَ الطليقُ ، فزُلْزِلَتْ أركانهُ = والحقُّ طاعَنَهُ بِشَرِّ حِرابِ
وكذاك تَتخِذُ الحقائقُ دولةً = أسمى مِنَ الكِذب القصيرِ النّابي
فخذي القصيدَ مجللاً مِن مهجتي = لأصوغَ مِن شجو القلوب ِكتابي
ياقبّةَ الأحزانِ تحْتَكِ قِصّةٌ = قدْ أحرَقَتْ قلبي مَعَ الكُتّابِ
علي كريم الربيعي ( سراج ) – الأربعاء 3/11/2010- كتبت مقدمتها في دمشق من أمام قبة العقيلة زينب عليها السلام