معلوم أن علامة التقسيم المباشر هي النقطتان، في مثل حديث "ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".
لكن هناك سياقات لا تصلح فيها النقطتان؛ لأن التقسيم فيها يكون غير ظاهر، وإذا تم استعمال الفاصلة أو النقطة لا يتضح المقصود؛ لذا يلزم استعمال الفاصلة المنقوطة في الموضع الأول الذي يمثل القسم الأول، وتكون الفاصلة أو النقطة قبل الموضع الآخر الممثل القسم الآخر، وكذلك قبل الأقسام الأخرى إن وجدت.
ومثال ذلك هذا النص المقتبس من "فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي- الجزء الأول- ص44- دار ابن الجوزي.
جاء التقسيم بعد كلمة "المحبوبة"، فوضعت الفاصلة المنقوطة قبل "فإن" بادئة القسم الأول، ووضعت الفاصلة قبل "وإن قدم"؛ لعدم وضعي علامات ترقيم قبلها.
ولو حدث ووضعت فاصلة قبل "وامتثال"، أو قبل "وتقديمها"- لكنت وضعت النقطة قبل القسم الآخر تمييزا حتى لا يظن أنه ليس قسما رئيسا لو وضعت الفاصلة قبله.
وهاكم النص:
وإنما تتم المحبة بالطاعة كما قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ.
وسئل بعضهم عن المحبة، فقال: الموافقة في جميع الأحوال.
فعلامة تقديم محبة الرسول على محبة كل مخلوق: أنه إذا تعارض طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أوامره، وداع آخر يدعو إلى غيرها من هذه الأشياء المحبوبة؛ فإن قدم المرء طاعة الرسول وامتثال أوامره على ذلك الداعي كان دليلا على صحة محبته للرسول وتقديمها على كل شيء، وإن قدم على طاعته وامتثال أوامره شيئا من هذه الأشياء المحبوبة طبعا دل ذلك على عدم إتيانه بالإيمان التام الواجب عليه.