حرصاً منا على تعميم الفائدة لكل معني بجنس القصة القصيرة جداً..
أود نشر تعقيب الأستاذ قصي المحمود، على قراءتي "القصة القصيرة جداً.. بدايات وأسس".. بإفراده كموضوع قائم بحد ذاته..
والله من وراء القصد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ عمرمصلح
ألأخ والصديق أبا الفاروق المحترم
تحية اعتزاز وتقدير..أما بعد
جزيل شكري اليك لهذه الدعوة الكريمة وهذا التفاعل الرائع
وهي إن تنم عن تواضع جم وخلق رفيع في خلق حوارات
منهجية نستفيد منها جميعاً من خلال البحث والتقصي, رغم
اختزلت وافضت في المعلومة في بحثك اعلاه, وتاسيساً على
ذلك..
وقبل أن أدلو برأيي المتواضع في هذا الجنس الأدبي من
القصة القصيرة جداً, أوجز إضافة لما ذكرت بان البحث في العناصر
البنيوية التي تتحكم في هذا الجنس الأدبي من خلال
الدلالة والوظيفة واستكشاف العناصر الاساسية من حكائية ولغة
شعرية وتكثيف ومقومات فنية وجمالية كالتنويع والمفارقة مع
الاستهلال والخاتمة, وتؤشر بدايات هذا الجنس الادبي كما وضعه
الباحثون عام 1971 إثر ترجمة رواية (انفعالات) لناتالي ساروت
من قبل المترجم المصري جلال العشري واستخدم توصيف القصة
القصيرة جداً لأول مرة, وساهمت المتغيرات في العالم العربي كما
يراها جاسم خلف الياس في ترسيخ ونضج هذا الجنس الأدبي, وظهرت
دراسات نقدية ومنها (القصة القصيرة جداً، مقاربة بكر) للدكتور
أحمد حاسم الحسين وهي دراسة فنية فتحت الباب لما
بعده من الباحثين, أما جذورها.. هناك من يراها غربية أو من أمريكا
اللاتينية وان نسختها العربية تأثرت بروائيون غربيين أمثال ناتالي
ساروت وكلود سيمون وميشيل بوتور وروبير بيانجيه وغيرهم, أما
الاتجاه الاخر وهو ما أميل اليه ليس لأني عربي ولكن معطيات
الأدب العربي الموروث منه والحديث تعطي الدلالة على أن القصة
القصيرة جدا موروث عربي لكنه لم يوضع في قالب الحداثة بالمفهوم
المنهجي والعلمي, فموروثنا مليء بالحكاية السردية والنكتة..
والطرفة والحديث والمقالة والمثل والأسطورة والخرافة وقصص الحيوان ..الخ
ألعرب يختلفون عن باقي الأمم.. فعندهم المتداول شمولي وليس مجزأ بمعنى
أدق أن غيرهم من الأمم متداولها مجزأ كأسطورة أو حدث منفصل
فعندهم جزيئيات التاريخ متداول إلا أن العرب متداولهم
يدخل في كل جزيئيات حياتهم وإن افتقدوا التدوين
وللدلالة فالنسب يتفردون به عن الأمم ولم يصبح علم قائم بذاته
إلا بعد الفتوحات الإسلامية وظهرت الحاجة للتدوين فكان
ابن السائب الكلبي أول من وضع علم النسب وحوله من المتداول
إلى التدوين المؤرخ , إلا إن القصة والشعر والطرفة والنكتة
وغيرها لم تتوفر لها الأسباب والدوافع حتى تأخذ مكانتها العلمية
والتأريخية المدونة إلا في العصر الحديث, لذا بقيت ضمن المتداول
ومن العصر الحديث قبل بروز هذا الجنس كان أمير الشعراء أحمد
شوقي في شعره يمتلك كل مقومات القصة القصيرة جداً وبصورة
شعرية رائعة وكمثال لا الحصر,ففي قصيدته (الحمار والسفينة)
سقط الحمار من السفينة في الدجى.....فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى اذا طلع النهار أتت به..........نحو السفينة موجة تتقدم
قالت: خذوه كما أتاني سالماً..........لم أبتلعه, لأنه لا يهظم
وقصة البيتين في مقتل المهلهل وهو يطلب من قاتليه أن يقولا
لاهله هذين البيتين
(من مبلغ الحيين أن مهلالا لله دركما ودر ابيكما)
والقصة معروفة حين عرفا ما يقصد وهو يقصد
من مبلغ الحيين أن مهلهلا أمسى قتيلاً في الفلاة مجندلاً
لله دركما ودر ابيكما لا يبرح العبدان حتى يقتلا
أما الحاضر فهناك في اللغة الجنوبية لغة تسمى (الحسچة) وهي لغة
رمزية فيها لمسة شعرية تمتلك كل مقومات الومضة الرمزية
قصة وحكمة ورسالة بليغة, وهناك القصص الكثيرة والموروثة
كلها تؤشر على أن المتداول في الموروث العربي فيه مثل هذا
الجنس من الأدب ولكنه لم يوضع موضعه العلمي والممنهج بأطر
الأدب الحديث.
------
المصادر:
1-مقالة جميل حمداوي
2-القصة القصيرة جدا في الادب المصري
3-البدايات واسس القصة القصيرة جدا
-------------
شكرا اليك اخ عمر..مع اجمل وارق التحايا
مودتي وتقديري
قصي المحمود