هناك ..
حيث الرمال تكفن رغباتنا .. بنواح الطاعون ِ
كسلالة ٍ ، داهمتها
قيثارة الموج
لففت أحشاء جيوب الصبر
ونثرت رئات تماثيل ٍ .. تنفست أخيرا ً
على فخذ البحر
لأبتكر غيمة ً
تتخبط بنوافذ قمري المدعوك ِ
برعشة الرحيل
ولوثة النحت المتلاشي لنجوم الصبح
على آنية الليل
نشجت ُ .. أوراقا ً يكنسها العمر
بعدما نهشنا جمر أفئدتها
عند عرجون محطات لاذت
بالصمت .. حتى المغيب
لم أكن أدري
أني سأتيه هنا .. مثلما تهت هناك
لم أكن أدري
أني سأنزلق مدحورا ً .. على قفازة الوقت
وحيدا ..ً متقاطرا ً ، كالرماد
لم أكن أدري
أني سأنام وفي ظمئي
تسعون ناقوسا ً لحلم ٍ ، مطوي
كسجادة عند رئة حروفك
لم أكن أدري
أني سأوصد زيتا ً تذرفه نفسي
ليقتحمني غبارك المرصوف كطحلب
على تفاحة الوئيد
فوق قميص وحدتي
لم أكن أدري
أني سأتأبط نقيق ضفائرك
عند كهف البوح
لألفظ عند نوافذه
ألف قصيدة وقصيدة من قصاصات نظرة
لم تجعل الشمس تهنأ .. بإكمال دورتها
حول رمش فصولك
لم أكن أدري
أني سأغادر عباءة الحلم
وحيدا ً ..
مثلما خلقت ُ
ومثلما أرتويت ُ
ومثلما (( ... ))
لأحتفي
بالقمر المنذور جنينا ً.. عند أكفان أصابعك الذاوية
لم أكن أدري
أني سأحيا بلا (( أنت ِ))
بلا (( لون ٍ ))
ولا (( طعم ٍ ))
ولا (( رائحة ٍ ))
لا وجهة لي .. ولا بوصلة
كخريف داهم لغة ً
أوراقا ً .. تسقط من شفة اللامعنى
فتتعكز ببقية باقية من نقطة مستديرة
عند بوابة الروح
لم أكن أدري
أن ثمة شيئا ً في رماد الفقد ِ
يقص ألسنتنا .. بمرآة ٍ توقد الليل
عند مساطب أحذيتنا المطعونة بالرحيل
لم أكن أدري
أني أحبك ِ كل هذا الحب
يا صمتا ً أيقظ في أبراج فراغاتي
دوامة البكاء
لم أكن أدري
أن الكف التي إنتشلتها يوما ً
وكادت أن تقبّلني
هي ذاتها التي ستمتص
ملح هويتي .. عند رماد شموعي
لم أكن أدري
أني سألملم الجمل النافقة
لأبثها قصيدة نازفة ً
بأوردة عشقك
لم أكن أدري
ما سأدّريه ، وما ستراكمه الريح
فوق سروج نوافذي
لم أكن أدري
أن قلاعا ً قد تتهاوى
وألف قيامة ٍ يمكن أن يصلى
على جنازتها
عند سنابل الجرح
لم أكن أدري
أن الحب بسعة البحر
وأن الفقد بقدر
الحلزون المطحون !
هي:-
خفف الوطْء فوق تراتيل حلمك الأبدي
فمنذ رحيلي النازف
والروح رابضة خلف الضلوع
أرى عيناي من خارج زمن أعمى
أرى رأسي مفصولا عن جسدي
لساني مائعا يعوم في مياه بارقة
ألبس معطف سراب غربلته الخطوب
منذ بكائي في البرد
وأنا أعيش مرتجفة في الصوف الأبدي
الصدر ينفض الجوع
أعانق ضلع الملل
وأنا المصنوعة من الطين الصامت
وأنت المشتعل في غبطتي
كيف أداري وهمك الراخم في ذهني
وأنا لا املك قدرًا على مقاسي
شئت قليلاً أن أدخل عمقك الناري
فتوهجت فقيرة
أبحث عن كساء لروحي
أشعلت ذاكرتي من ظلال نائمة
فكيف أمسك صوت قلبي الصاعد بلا رحمة وأعود رغبة مالحة في ذكرى رأس مبتور
كيف احصد عتمتي المنهكة
وأسير في ضوء معكوس
بلعت الريح من أنفاس دهشتي
أهمس بحياء الأعجوبة
لستُ أعرف
غير حذائي الرطب المرتجف بنصل قدمي شرايين الأرض تهزني
ذهني ساكن في أسى عطش مريض
والرؤية مني مهاجرة
كالفضاء الذي ينمو في زمن البلاهة
أحن إليّ كالدروع القوية
أحن إلى دمي المتخثر
وأن أغرق في جسد إغفاءة شوق
فكيف أمتطي روحي الممسوسة بك
وأنهض في هدوء يبكي
من يرفع يد العشق في زمن الانتظار
لا تكتب حزن العظم في الهشاشة
ولا تعزفني من ناي حزين
أقرأني من وجهي الأصفر
أشرب حريقي بعد الكأس الأول
وأعلن في الليل سقوطي
أنا شرخ من لغة مبتورة
شريعة ساكنة في مطر ضرير
أتيت قبل موعد الليل
اغسل رغبة تتكسر
في نار لا تنطفئ
مهنّد
ثنائية بينك وبين الشّاعرة عائشة الحطّاب يعيشها قارئها ملء القلب فتنبض بها روحه ويفيض منها وجدانه....
والثنائيات في الادب فنّ راق وجنس أدبيّ يستلزم منجزات وخصوصيّات وانتظام وانسجام ...فهو يزن القوافي بخطو الجمال والتّناغم...
حتّى كأنّ القلوب فيه وجيب للقوب تساير انفعالات القصيدة المنطلق.....وهو لذلك ينزع الى كثير من الدّقة والتّريّث ...
موفقان يا مهند انت وشاعرتنا الرّقيقة عائشة الحطّاب فقد أمتعتما الذّائقة وارتقيتما بها الى أعلى هودجها