صحيح مسلم:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قُلْتُ لِسُهَيْلٍ: إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنْ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ قَالَ: وَرَجَوْتُ أَنْ يُسْقِطَ عَنِّي رَجُلًا قَالَ: فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي كَانَ صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.
شرح النووي:
وَأَمَّا شَرْح هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ الْإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ مَعْنَاهَا حِيَازَة الْحَظِّ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ . قَالَ : وَيُقَال : هُوَ مِنْ وَجِيز الْأَسْمَاء , وَمُخْتَصَر الْكَلَام. وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كَلِمَة مُفْرَدَة يُسْتَوْفَى بِهَا الْعِبَارَة عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَة ، كَمَا قَالُوا فِي الْفَلَاح: لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كَلِمَة أَجْمَع لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مِنْهُ .
قَالَ : وَقِيلَ : النَّصِيحَة مَأْخُوذَة مِنْ نَصَحَ الرَّجُل ثَوْبه إِذَا خَاطَهُ، فَشَبَّهُوا فِعْل النَّاصِح فِيمَا يَتَحَرَّاهُ مِنْ صَلَاح الْمَنْصُوح لَهُ بِمَا يَسُدّهُ مِنْ خَلَل الثَّوْب . قَالَ : وَقِيلَ : إِنَّهَا مَأْخُوذَة مِنْ نَصَحْت الْعَسَلَ إِذَا صَفَّيْته مِنْ الشَّمْع , شَبَّهُوا تَخْلِيصَ الْقَوْل مِنْ الْغِشّ بِتَخْلِيصِ الْعَسَل مِنْ الْخَلْط .
قَالَ : وَمَعْنَى الْحَدِيث : عِمَاد الدِّين وَقِوَامه النَّصِيحَة . كَقَوْلِهِ : الْحَجُّ عَرَفَة أَيْ عِمَاده وَمُعْظَمه عَرَفَة .