كانتْ رسالة أكثر من رائعة ، رسالة قرأتها أكثر من مرة ، رغم
قلّة حروفها ، تأملتها ، وأعترف أنني عُدتُ لها مرات كثيرة ..
كانتْ أنثى فائرة الجمال ، تترك لملامحها حرية التعبير، لتنوبَ عن
لسانها في الكلام .
وجاء صوتها عصر ذاك اليوم ، ليؤكد الموعد ، وبقي صوتها عالقا في
الذاكرة بعد أن أنهتْ المكالمة ..قليلة هي الأصوات التي نحتفظ بنبراتها داخلنا
وكثيرة هي الأصوات التي يزعجنا سماعها ..
صوتٌ رشيق وقور ، تتهادى كلماته في الأذن لتستقر في القلب ، صوت سيدة
يبقى ما بقيت الذاكرة ، تستطيع أن تميّز ذبذباته جيدا ، وتكتشف مواطن جماله
علوا وانخفاضا ..انتهت المكالمة وتأكدَّ الموعد ..وأيّ موعد كان !!
كانت القائقُ والساعاتُ تمرُّ مسرعة ، وشعرتُ أنني ذاهب لإمتحان ، لم يكن يخطر
ببالي عيون الكثيرين التي ترصدُ ظهوري الأول ، بقدر ما كان يشغلني لقاءها وحديثها ، وكيف يمكنُ أن أكون تلميذا نجيبا يحفظ درسه جيدا ويجتاز امتحانه ...
ذهبتُ ...ولمحتها للوهلة الأولى ...تجلسُ واثقة على مقعد بدى لي وكأنه عرش ..
وأنها مليكة مُتوجة ...كانت قدماي قادرةً على حَملي، وكان بين ضلوعي قلب لا يرتعش ...ربما لأحافظ على وقاري ورزانتي ...
توجهتُ لها ، صافحتها ..وكانت ملامحها تحمل عبارات المرحب بي ...
أنثى تستوقفها العيون، وعيوننا في لحظة تفضحنا ، فوجدتني في لحظة قادرا
أن أعبرَ عن حب بسبب نظرة ...
لكنني لم أكن غبيا لأعبر لك عن حبي من النظرة الأولى ، ربما لأنني على يقين أنني أحببتك ما قبل لقائنا الأول وما قبل النظرة الأولى .
كل ما فيك كانت أشياء أعرفها ، أشياء كانت تشدّني إلى تفاصيل محببة إليّ ..
وملامح تجذبني ، وكأنني كنت قد هيأتُ نفسي لأحب أنثى تشبهك تماما ، أو أنني كنت منذ البدء مستعدا لأحب أنثى كأنت .
جلستُ بعيدا عنك ، وتفصل بيننا أمتار قليلة ..تركتك تُعدّينَ نفسك وتتهيأين للقائي
على طريقتك ...وكانت ملامحك تلاحقني ، وثوبك الأسود أصبح في لحظة لوني المفضل ، وباعث دهشتي وجذبي ...لونٌ طغى في لحظة على كل الألوان ...
كنتِ أنيقة حد الدهشة ...تختارين تسريحة شعرك بدقة ، تضعين ساقا على ساق ..
قليلة الحركة ، قليلة الكلام ...ألم أقل لك أنَّ ملامحك كانت تنوب عن لسانك في الحديث ... كانت الساعاتُ قبل أن آتي لموعدي / موعدنا سريعة ، وعندما وصلت ،
كانت الدقائق ثقيلة ...ربما هي رغبة ملحّة داخلي أن أصبح في لحظات عالمك الوحيد ، وشاعرك الوحيد ، وعاشقك الوحيد ...نعم ، سأكون لك ولو لجزء من الزمن
وتكونين لي ...سأحبك على طريقتي ، وأترك عيوني تعانق عيونك ...
وحان موعد إقترابي منك ...واقترابك مني ..واقترابنا من بعضنا ...نظرت لي بشيء
من الدهشة ، وقبل أن يحين دورك في الكلام ، تسمرّتُ أمامك وأنا أسافر في ملامحك ...وكانت عيناكِ في نظرة خاطفة لي ....تقولُ أشياء كثيرة ...