الدائنون، أولئك المجرمون، يركضون ورائي بفواتيرهم التي تفوح منها رائحة الجريمة و الربي، هم لا يترددون بمطالبتي أينما يبصروني، أنا وحيد و مرتبي لا يكفي حتى لسد حاجاتي أو سداد فواتير مجاملتهم، أبلغهم كلما غمزوا لي بدينهم أن اصبروا فان الله يحب الصابرين، صاحب الحانة، بائع السكائر،بائع العطور، بائع الفواكه و الخضار، كلهم و في كل يوم يشهرون بوجهي فواتيرهم المحشوة برصاص الإفلاس، أبي يطالبني هو و أمي بتسديد فواتير الحليب و الملابس و الدفاتر و الأقلام التي كانت جزءا من ديون طفولتي، زوجتي تطالبني بفواتير الزواج الجسدية و الروحية و المادية، الحكومة تعلق على حائطي إنذارات نهائية تطالبني بدفع فواتير الماء و الكهرباء و الهاتف و الهواء، الحزب و جمعية حقوق الإنسان التي لجأت إليها طمعا بالدفاع عن حقوقي، تطالبني اليوم بدفع متراكم الاشتراك الذي لم أسدده منذ شهور، أطفالي تتساقط يوميا من طرف لسانهم فواتير اللعب و الحلويات قلت للجميع اصبروا.
جمعت فواتيرهم و توجهت بوجهي إلى ساكني (( الخيمة الزرقاء )) عسى أن أجد بعض العطف لديهم، ولكن ما أن باشرت بالتضرع إليهم حتى انفرجت بوجهي أبواب الجحيم تطالبني بسداد فواتير طويلة و ثقيلة، فاتورة للصلاة مدتها أربعة و ثلاثون عاما و أربعة شهور و ثلاثة أيام أي آلاف بل ملايين من الركع و السجدات، فاتورة أخرى لحج البيت و أخرى للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أخرى للصيام، و أخرى تطالب بصلة الرحم و أخرى، و أخرى، و أخرى، آه ... ما أقوى الدائنون و ما أضعفني، كم هي ثقيلة هذه الديون و كم هو قليل اجري . ***
الأديب القدير مشتاق عبد الهادي
أسعد الله أوقاتك
اقتربت كثيرا من حدود الواقع بل أطبقت على أنفاسه
كنت جريئا في اللجوء إلى الخيمة الزرقاء لتضع بطلك في مأزق أشد حرجا مما سبق
عموما الخيمة الزرقاء رحيمة كما تعرف والدائنون في أمس الحاجة للرحمة أيضا لكن الويل كل الويل يأتي من أولئك الذين سلبوا الرعية حقوقها وقذفوا بهم إلى العدم
تحية لقلمك الذي يقطر إبداعا
تثبت مع التقدير