العم عوّاد
بسم الله ,,,, ما شاء الله ,,,,اللهم صلّ على محمد وال محمد,, ربّي زد وبارك ,,,,موسم خير ان شاء الله.
كان عواد يردد,, وهو يتعثّر بأسمال كانت ذات يوم من الايام : ثوبا,,,, و حيث عينيه المتعبتين,, تحدقان بحبات التمر وكأنها حليّ تناسقت الوانها بين :اصفر وبنىّ غامق,,, في اعالي النخل..
(موسم بركة)قالتها زوجته( سعديه) مؤيده,,,,, وكم من النسوة في ريف العراق يحملن هذا الاسم تيمنا بالسعادة ,,,,,لكنني - وللأسف - قلما وجدت احداهن تنعم ولو بشيء يسير مما: قد يسمى سعادة بمفهوم غيرهن من نساء الدنيا.
العيد,,,, وموسم المدارس على الابواب ،والتمر لا يزال معلقا بين السماء والارض
لكن عواد كان يصبّرهم ويعدهم بملابس وحلوى,,, وتصرخ آخر العنقود: وعروسه
فيرد عليها : اكبر عروسة في السوق,, وفي نفسه شوق كبير لحضور ذلك التاجر الذي يأتي كل موسم ليشتري التمر قبل جنيه ويدفع جزءا من السعر مقدّما: كسلفه.
كم هو طيّب اذ جاء هذا العام قبل العيد وكانه يعلم بالحال.
في ساحة القرية تحلّق الفلاحون حوله,,, حتى زال تراب الطريق عن سيّارته,, لشدة التصاقهم بها وهم يفاصلونه ويساومهم على السعر,,, ,باعوا واشترى وسلّم العرابين كما يسمونها ,, واستقر به المقام في بيت عواد البسيط حيث آخر مشواره.
لم يكن العشاء مميزا بالنسبة له,, ولكن خبز التنور الحار: استهواه وخصوصا مع ديك بلدي,,,,, ولكم حزن الاطفال حين وجدوا ريشه الفاحم متناثر على باب الدار تنكشه الغربان.
في الصباح: اكتفى التاجر ببيضة مع بعض الشاي فيما كان الوالد منشغلا بعقاله الذي لم يلبسه منذ زمن، ووصايا الاطفال طبعا فهو ذاهب الى المدينة مع التاجر للتسوق بعد ان حصل على سلفة لا بأس بها.
في الطريق كان عواد ساهما يضرب اخماسا بأسداس ,,,, ثوب وعباءة لسعديه
وقميص و ,,,و ,, ودشداشة لي، ثم عاد وشطبها من حساباته,,,, وعلى رأيه: لدي
واحده فما الداعي للتبذير؟
كان التاجر يحدّثه عن المدينة والزحمة واشياء اخرى من غير ان يجيب بشيء
فظن الرجل انه نائم,,, شأن اغلب الريفيين حين يستقلون السيارات,, فسكت وتركه
في بحر حساباته,,, حلوى ودراجه وكره ,,,,وانتبه اخيرا في احد المطبات حيث اصطدم رأسه بالزجاج الجانبي للسيارة .
انزله التاجر على مشارف المدينة ,,,, سار في الزحام عبر شارعاً واخر .. بخطى سريعة وكأنه يسير في الفضاء، فحذاء العم عواد القادم من بطن الزمن لم يتعود السير على الاسفلت .....كان واضعاً يده على صدره خوفاً من السرّاق .. كما يفعل سكان الارياف عند زيارتهم المدينة .
صعد سيارة توصله الى السوق لكنه صعق وكأنه سقط من نخله عالية حين همّ ان يدفع اجرة السيارة ( يا اولاد الحراااااااااام حتى الهوية حتى الهوية ؟ ) بحث تحته وفي كل مكان .. في جيوبه وثيابه دون جدوى .
فصاح بالسائق لينزل ويعود ادراجه مشياً الى موقف السيارات الذاهبة الى قريته .
كان قلبه يقطر دماً كلما نظر الى الشوال الذي ناولته اياه في الصباح ليضع فيه المشتريات ,,, قطع المسافة من الشارع العام حتى بيته القابع في وسط الحقول مشياً وكأنه يقطعها اول مرة .. كانت رجلاه تتحركان برتابة حتى انه اصبح لا يشعر بهما ,,,, ومن بعيد تراكض الاطفال وكأنهم طيور بريه تستقبل والدها وهو عائد من رحلة صيد ,,,, حينها تمنى ان تنخسف به الارض ولا يضيّع عليهم فرحتهم هذه ... فكل الامور قد تهون على الانسان الا رؤية الحزن والانكسار والاحباط في عيون اطفاله .
تعلق به الاطفال وظلوا يتضاحكون وكأنهم يخفون عنه شيئاً حتى انهم لم يستغربوا منظر الشوال الفارغ ,,, اما سعديه فكانت تعلو ضحكتها كلما اقترب اكثر وهي تشير اليه بشيء اسود صغير: يشبه محفظته التي: نسيها في البيت مع الهوية والنقود في الصباح ,,,,وهو مشغول بتسوية عقاله !!!.