كانت مكة غافية على أحلامها، يتمدد فضاؤها إمتداداً ضبابياً، شوارع خالية وأشجار النخيل ساكنة إلا من إهتزازات خفيفة إثر مرور النسمات الليلية بها، الحمام الذي لاتهدأ رفرفة أجنحته طوال النهار نام على وقع السكون، السماء مسقوفة بالنجوم تنتظر قدوم القمر من غيبته المعتادة.
كذب المتنبئ الجويّ حين قال: ان بعض الغيوم ستعشش في السماء، وان الرياح قد تغزو الفضاء، وتعبث بالرمال وامواج البحر.
على أطراف المدينة كان البيت ساكناً، لاضجيج أولاد ،ولا وقع خطوات أودندنة اغنيات من المذياع أو التلفاز رغم أن أصحابه يسهرون كل ليلة حتى الفجر.
ثمة رجل من الوافدين يسكن في الحي ينظر بعين الحسد إلى الذين يعمل عندهم، وتنهشه الغيرة مما أنعم الله عليهم من رزق، يتمنى لو إستطاع إسخلاصهم هذا المال وهذه البيوت وامتلكها هو وحده، يعرف كل بيوت الحي وأصحابها بحكم عمله في السوبر ماركت الكبير، كان يوصل المشتريات إليهم وقلما يعود دون إكرامية، يحن الناس عليه بحكم غربته ويحظى بالعطايا من النساء والرجال ، يقدمون إليه مالذ وطاب وقلما كان يشتري طعامه.
هذا البيت بالذات كان صاحبه لايترك مناسبة إلا واغدق عليه فيها بالإكراميات والهدايا، يرسل إليه الطعام مع إبنه الصغير متمتماً: الرجل متغرب من اجل أولاده، ليس له احد هنا يطبخ له أو يرعاه.
دخل البيت متسللاً تجول في غرفه الخالية تماماً من البشر ، يفتح أبواب الدواليب يرى ثياباً تخجل المرأة من أن يراها أولادها، يفتح هذا الدرج ويغلق ذاك وكله أمل ان يخرج من البيت بعد أن تنتفخ جيوبه بالمال، إطلع على اسرار كانت البنت تخفيها عن أمها والإبن عن أبيه، عاث في البيت على هواه دون حسيب أو رقيب يضع بجيبه هذه الساعة ويتأمل ذاك القرط الذهبي ثم يلحقه بالساعة، يمني النفس برزمة كبيرة من النقود، وعلبة مصاغ المرأة والفتيات، وبينما هو يمارس طقوس جريمته في البحث عن المال، إستفاق احد الجيران كي يشرب الماء لفت إنتباهه ضوء مصباح يدويّ يتحرك داخل منزل جاره والذي ودعه قبل أيام وسافر مع أسرته للإستجمام بعد أن حصل على إجازة من عمله، إتصل من فوره بالشرطة،.وما هي إلا بضع دقائق حتى كانت دورية الشرطة أمام البيت وبصحبتها قصاص الأثر محسن القرشي" أبو عدنان"!
لاتدخل البيت الذي يوجد فيه مشتبه إلا بحذر شديد"!هذا القول لمحسن القرشي قاص الأثر إستخلصه بعد تجاربه الطويلة في حياته من خلال عمله كقصاص أثر، فالحياة التي قضاها في تتبع آثار المجرمين وإحتكاكه بهم، وبرجال الشرطة وسماعه حكايات عن المجرمين وغدرهم
ونفسياتهم الإجرامية جعلته على غاية من الحذر حين يقترب من مجرم. ومع ذلك فقد وقع صاحبنا في فخ هذا المجرم حين تطوع لإقتحام المنزل دون سلاح، معتمداً على شبابه وقوته. تقول الحكاية: إن أبا عدنان دخل المنزل بهدوء وثقة وتوجه من فوره إلى إلى الصالة الكبيرة حيث
تتوزع أبواب الغرف منها أشعل الأنوار، سمع دبة أقدام في الغرفة المقابلة تسير على رؤوس أصابعها، تبحث عن مكان آمن تتسلل منه إلى خارج البيت. تتبعها، فتح الباب الذي يختبئ خلفه اللص، وقبل أن يحاول الفرار إنقض عليه تعاركا بالإيدي، لكن الغدر هو صفة دائمة تلازم المجرمين ، فبمجرد دخول بيت من حنّ عليه وقدّم إليه المعونة وغمره بعطفه خلسة غدر به؟! وعندما أيقن اللص أن لامقدرة له على غريمه القرشي، إستل خنجراً كان يخفيه في ملابسه وطعنه في بطنه، كاد محسن ان يفقد توازنه، لكنه إستعاد رباطة جأشه واحكم قبضته عليه وسط نزيف الدماء الغزيرة والتي غسلت ملابسه، ألقاه أرضاً وقيده، ثم اقتاده أمامه إلى دورية الشرطة. كاد أن يهرب المجرم عندما انشغل رجال الشرطة بإسعاف أبي عدنان، لكنه أيضاً هو من نبههم إلى ذلك.
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 08-11-2012 في 04:50 PM.
كانت مكة غافية على أحلامها، يتمدد فضاؤها إمتداداً ضبابياً، شوارع خالية وأشجار النخيل ساكنة إلا من إهتزازات خفيفة إثر مرور النسمات الليلية بها، الحمام الذي لاتهدأ رفرفة أجنحته طوال النهار نام على وقع السكون، السماء مسقوفة بالنجوم تنتظر قدوم القمر من غيبته المعتادة.
كذب المتنبئ الجويّ حين قال: ان بعض الغيوم ستعشش في السماء، وان الرياح قد تغزو الفضاء، وتعبث بالرمال وامواج البحر.
على أطراف المدينة كان البيت ساكناً، لاضجيج أولاد ،ولا وقع خطوات أودندنة اغنيات من المذياع أو التلفاز رغم أن أصحابه يسهرون كل ليلة حتى الفجر.
ثمة رجل من الوافدين يسكن في الحي ينظر بعين الحسد إلى الذين يعمل عندهم، وتنهشه الغيرة مما أنعم الله عليهم من رزق، يتمنى لو إستطاع إسخلاصهم هذا المال وهذه البيوت وامتلكها هو وحده، يعرف كل بيوت الحي وأصحابها بحكم عمله في السوبر ماركت الكبير، كان يوصل المشتريات إليهم وقلما يعود دون إكرامية، يحن الناس عليه بحكم غربته ويحظى بالعطايا من النساء والرجال ، يقدمون إليه مالذ وطاب وقلما كان يشتري طعامه.
هذا البيت بالذات كان صاحبه لايترك مناسبة إلا واغدق عليه فيها بالإكراميات والهدايا، يرسل إليه الطعام مع إبنه الصغير متمتماً: الرجل متغرب من اجل أولاده، ليس له احد هنا يطبخ له أو يرعاه.
دخل البيت متسللاً تجول في غرفه الخالية تماماً من البشر ، يفتح أبواب الدواليب يرى ثياباً تخجل المرأة من أن يراها أولادها، يفتح هذا الدرج ويغلق ذاك وكله أمل ان يخرج من البيت بعد أن تنتفخ جيوبه بالمال، إطلع على اسرار كانت البنت تخفيها عن أمها والإبن عن أبيه، عاث في البيت على هواه دون حسيب أو رقيب يضع بجيبه هذه الساعة ويتأمل ذاك القرط الذهبي ثم يلحقه بالساعة، يمني النفس برزمة كبيرة من النقود، وعلبة مصاغ المرأة والفتيات، وبينما هو يمارس طقوس جريمته في البحث عن المال، إستفاق احد الجيران كي يشرب الماء لفت إنتباهه ضوء مصباح يدويّ يتحرك داخل منزل جاره والذي ودعه قبل أيام وسافر مع أسرته للإستجمام بعد أن حصل على إجازة من عمله، إتصل من فوره بالشرطة،.وما هي إلا بضع دقائق حتى كانت دورية الشرطة أمام البيت وبصحبتها قصاص الأثر محسن القرشي" أبو عدنان"!
لاتدخل البيت الذي يوجد فيه مشتبه إلا بحذر شديد"!هذا القول لمحسن القرشي قاص الأثر إستخلصه بعد تجاربه الطويلة في حياته من خلال عمله كقصاص أثر، فالحياة التي قضاها في تتبع آثار المجرمين وإحتكاكه بهم، وبرجال الشرطة وسماعه حكايات عن المجرمين وغدرهم
ونفسياتهم الإجرامية جعلته على غاية من الحذر حين يقترب من مجرم. ومع ذلك فقد وقع صاحبنا في فخ هذا المجرم حين تطوع لإقتحام المنزل دون سلاح، معتمداً على شبابه وقوته. تقول الحكاية: إن أبا عدنان دخل المنزل بهدوء وثقة وتوجه من فوره إلى إلى الصالة الكبيرة حيث
تتوزع أبواب الغرف منها أشعل الأنوار، سمع دبة أقدام في الغرفة المقابلة تسير على رؤوس أصابعها، تبحث عن مكان آمن تتسلل منه إلى خارج البيت. تتبعها، فتح الباب الذي يختبئ خلفه اللص، وقبل أن يحاول الفرار إنقض عليه تعاركا بالإيدي، لكن الغدر هو صفة دائمة تلازم المجرمين ، فبمجرد دخول بيت من حنّ عليه وقدّم إليه المعونة وغمره بعطفه خلسة غدر به؟! وعندما أيقن اللص أن لامقدرة له على غريمه القرشي، إستل خنجراً كان يخفيه في ملابسه وطعنه في بطنه، كاد محسن ان يفقد توازنه، لكنه إستعاد رباطة جأشه واحكم قبضته عليه وسط نزيف الدماء الغزيرة والتي غسلت ملابسه، ألقاه أرضاً وقيده، ثم اقتاده أمامه إلى دورية الشرطة. كاد أن يهرب المجرم عندما انشغل رجال الشرطة بإسعاف أبي عدنان، لكنه أيضاً هو من نبههم إلى ذلك.
الأستاذ علي خليل الشيخي
المعذرة أعدت كتابة النص هنا ربما جاءت(*) سهواً في تنزيله