كان الكلام ُ نعمة ً في تلك الليلة ِ بالذات ، تماما كالأشجار والزهور ..
فالشوق في ليلة كهذه لا يأتي بالتقسيط ، بل تراه كمياه متدفقة من شلالات ٍ
تجرفك إلى مناطق تجهلها من الأودية والمنحدرات .
وكنا معا ، نلهث ُ خلف َ مفرداتنا ، نرسم تعلقنا ببعضنا البعض ، ونشم رائحة
العشق ِ التي تفوح في كل حرف وكلمة ...
ها أنت ِ تحررت ِ من ذاكرتك المتعبة ، وخرجت من عباءة الخوف والقلق ..
واستطعت ِ أن تكوني أنت ..تقتربين أكثر من روحك ، تنطلقين في براري
رغبتك دون قيد ، تغادرين دوائر خوفك ، وتنطلقين كغزالة ..
اليوم وأنا أستعرضُ تلك الليلة ، أجدها لغزارتها ودهشتها ، كأنها أطول مما
كانت ْ ، رغم أنها بلغة الوقت مرّت كبرهة ...كوميض برق في ليلة ماطرة ..
أي ّ صدفة تلك َ التي حملتني إليك ، أو حملتك لي ، أو حملتنا لبعضنا ، ربما
أنت تلك الأنثى التي رأيت ُ خيالها وأنا أقوم بالتنقيب في ذاكرتي ، فوجدتني
أبحثُ عنك قبل لقائنا بزمن طويل ، طريقتك في التفكير ، تفردك في رسم ضحكة
تثير جنوني ، ملامح وجهك ، جمالك الفائر ، وطريقة نطقك للحروف والمفردات ،
براعتك في الإصغاء لي ، ما أجمل الأنثى حين تملك براعة الإصغاء !!
وتوحي لعاشقها ، بكل مفردات الإعجاب وهو يتكلم ، ما أجملها حين لا تشعر بالملل
وهي تتغزل فيه ، ولا تخجل في ترديد الكلمات التي يحبها ... وتمنحة مساحة واسعة
من تعلقها به ...كنت ِ أنت كذلك ، جميلة حد الدهشة ..
أطل ّ صباح ٌ أخر ...
وجاء نهار جديد ٌ بمشاغله وضجيجه ، أراه يباغتني ويسرق مني غصبا ، ليلة تمنيت ُ
لو نسي النهار البزوغ ، وتأخر ضوؤه كثيرا ، تمنيت ُ لو توقف َ الزمن ، وأجدني على
غير عادتي ، أتمرد على الوجه الفضولي للشمس ، وأحب أن يبقى الليل بعتمته ،
حتى أكتبك كما أريد ، ربما لأن حكايتنا رقيقة كالثلج أ أخاف من حرارة الشمس أن تذيبها
أو أننا كشريط فوتوغرافي مصور ، نخاف على الضوء أن يحرقه ...
فأنت ِ أنثى نبتت ْ في سراديبي السرية ، وفاتنة امتلكتها بحب سري ..أريد أن أغلق كل الأبواب
والنوافذ ، وأعتزل كل من حولي ، وأكتب عنك بعد أن أتخلص من كل الضجيج ...فلا أرى سواك
ولا أسمع غير صوتك ، رغم كل ذلك ، ما زلت ُ أتأمل تفاصيل ليلة نذرناها للجنون ...
وها أنا أترجمها بلغة مهذبة تليق بقدسية عشقي لك ، ونقاء حبك لي ، أكتبها بلغة رشيقة تتفق مع رغبتك في حبك للأشياء المهذبة ، ولطالما كنت ُ رجلا يحب الفوضى لينعم بالنظام ...ها أنا
أتمرد ُ على طبيعتي وسجيتي ، وأستعيد وقاري ، وأرتب ُ مشاعري وأنا أكتبك ، لأنني في النهاية
لا شيء يعنيني إلا أنت ... كم أحبك !
جمال جديد تشرق شمسه في هذه المحطة
حب وعنفوان وظل عشق يتمدد هنا
الشاعر الوليد دويكات
نص يعزف على وتر الاحساس .. رقيق وصادق.. شفاف ومفعم بالحياة
لغة مزجت بين جمال التعبير وبراعة التصوير فبدا النص أشبه بصورة مرئية
تحياتي
حسبت ُ أن ّ محطة سفر السفرجل (41 ) ستلقى مصير
العديد من المحطات ، والتي باتت عبئا على ذائقة العابرين ...
منهم من بات يكتفي بالمرور دون زرع وردة ، ومنهم من ينظر لها
خلسة من نافذة الزائرين ، ومنهم من يخشى الإقتراب منها ...