هـذا صغيـــري قــد أتـاني ضـــاحكاً
مسـتبشـــراً كاللـحن فـي الأوتــــار
فعجبــت منـه وقلـت عــلَّ قدومــــه
فَرِحـــاً لمقـــْدِمِ موْعــــد الإفــــطار
فســألته مــا بـال طفْـليَ ضـــاحكاً
وعليـه تبـــدو فرحـــة السُــــــمّار
ركض الصغيــر كأنمـا هو ســابح
فـوق الســــحاب برفقــةَ الأقمــار
العيــد أقبــل يـــا أبـي وأُريـــد من
بيـن الثيــاب جميلهــــا لنهــــاري
وأُريــــد أحذيــة وألعـابــــا بهــــا
من زاهـيَ الألــــــوانِ والأنــــوار
وأُريـد منك دراهمـــاً كي أشــــتري
لشــقيقتي ســـــرا من الأســـــرار
فضحكت والدمع السـخين بأعيـنـي
والحـزن صار مُـدافعــــاً أفــكاري
نظـر الصغيـر إلى عيونيَ واجمـــاً
مســـتغرباً مـن دمعتـي ومـــراري
وبـدت عليـه مع الكـآبــة دهشــــة
قـد ماتت الضَّحِـكات في الأزهــــار
مـاذا أصــابك يـا أبي ولــمَ البــــكا
أَحَـــَزِنْتَ من طلبي علـى إكـْثـــــار؟
لـن أشـتري، إني أُريـــــدك باســماً
أنـت الحبيـــب ومنيتـي وخِيـــــاري
فحضنتــــه ومسـحت دمعيَ علّنــي
أَهـَب ُالصغـير ســـعادةَ الأطيـــــار
وعجلتُ أرقبـُــهُ وثغـــريَ باسـِـــم
لكـنَّ جــــوفـيَ متــرعٌ بِمَـــــــرار
لك يـا صغيري ما تريـد وتشـتهي
مـــا العيـدُ إلا بهْجـــةَ الأزهـــــار
كيــف السـعادة في فـؤاديَ تلتقـي
مع حـُزْن أوطـاني وأهل جِـــواري
هـذي فلســطين الحبيسـة تكتــوي
والقـدس يخنقهـا عـــدوٌٌ ضــاري
والمســــجد الأقصى يئَـن لبغيـــه
وعليـــه تجثـــم زمـــرة الأشـــرار
وهنـاك أطفـــال صغــــار تشــتكي
قهـــر العـــــدو وقبضـة الفُجّـــــار
لـم يعرفـوا للعيـــد طعمـاً بعدمــــا
فقــــدوا الأحبــــة ســادة الثــــوار
وعِـراقُ مجـــدٍ ما يـزال مُعـذَّبــــاَ
والصيــد بين مخــالب الأشــــرار
قـــد هـزّهم بلـد الرشــيد بمجـــده
وحضـــارة ســـمقت بكل فخـــــار
فـأرادت الصُّلبــــان هتـــك تراثــه
فأتـَتْ اليـــه جــــوارحٌ وضــواري
وهنــاك في أرض الشــآم مواجـع
كســت التــراب قـــلائدا من نـــار
فبكت ســماء قــد أظلَّت مجدهـــا
وجــرت دمــوع الـورد كالأنهــار
وكذاك لبنـــان العزيمـــة والفــــدا
هدمـــوا البنــــاء بوابـلٍ من نــــار
ضربوا الصغـار مع الشيوخ بعـالمٍ
نَصـبَ الشـــراك لثـــائرٍ مغْـــــوار
ناهيـك عن أحــزان إخـــوان على
شـــتى البقــــاع بموطن الكفـّـــار
هـم في عـذابٍ واضطهـادٍ مثقـــلٍ
بالهَـــمِّ والأحــزان ِ والأخطـــــار
وجهـادهم صنــع الحيـاة مهيبـــةً
وخيــــارهم يــزدان بِالإصــــرار
لا طعــم للأعيــادِ يُفــرح في فمـي
فامـرح صغيـري كالطيور جِـواري
واضحكْ فطعـم العيـد عندك مُفـرحٌ
وغـــداً يكـون الضحْـكُ كالمُــــرّار*
والله أســـأل أن يعــــود مُجَــــدداً
فَــــرَحٌ يُهـلّل في ذرى أمصـــاري
وتعـود ضحكتنـا لسـالف عهدهـا
والعيــد يمـلأ بالهوى أشــــعاري