(كل شيء على مايرام) ...تمتمتها شفاهي المرتعشة علّها تتركني قليلا وشأني تلك العجوز
التي لم أستوعب شيئا ممّا قالته....فنصف فرحتي بالكعب العالي كان يصارع نصفي الآخر المشبوه به
في تلك الليلة الغريبة ..لا أثر للثوب الأبيض ...لا وقع للطبول... ولو كنتُ حقا الأميرة...فلماذا إذاً لستُ نائمة حتى مجيء الأمير؟
وكيف سأتحوّل من طفلة إلى امرأة؟؟
يا إلهي حتى البخور لا رائحة لها...فرضتُ على نفسي أن تتخيّل بعيدا عن الخذلان ...
" أن قامتي ستطول حالما تقصر جديلتي" ...سيصل بيّ الكعب العالي يوما ما إلى مفاتيح أبواب القصر...
إلى حكايا ألف ليلة وليلة...أو ربّما إليّ...لم أكن على قدرٍ من الذكاء...كي أبحث عنّي ،
كنتُ فقط أبحث عن دُميتي التي صنعتها لي أمـي ذات يوم وأنا في السادسة من عمري....
أذكر حينَ ملأتْ بطن الدمية ببقايا الأقمشة وطرزت العينين بخيط أسود والشفتين بالأحمر ...
فاحتضنتها وذهبتُ إلى الغرفة المجاورة ...ووضعت وسادة صغيرة تحت فستاني
فشعرتُ بشيء لذيذ لم أفهم سرّه يسري في عروقي ...!
اِكتشفت بعد مرور الزمن ...أنّ غريزة الشعور بالأمومة تجعل وخزات القدر أقل إيلاما !
بكلّ براءة...كنتُ أتمنى أن ترافقني دميتي في حياتي الجديدة ...والموعد يدنو والخوف ينتابني جرعات
ثم جرعات... فيتصبب العرق على جبيني وكأنني مصابة بحمّى التيفوئيد...وطيف أبي لا يبرح المكان
كما طيف جدّتي...لكنني لم أكن على دراية كافية بالحياة لأبكي على رحيل الطيّبين ،
فكيف لي أن أبكي على بقاء الـ (.....) عفوا الآخرين !
اِقتربت منّي العجوز ...بيدٍ كانت تحمل حذائي ذو الكعب العالي وبالأخرى تربت على كتفي وتحاول
أن تخفف وطأة قهقهتها في أذني خشية اِنهياري...أظنّها قالت لي : أنها سنّة الحياة !
سألتها أين أمـي؟ وهل ستبكي بعد قليل كما فعلت عندما غادرت خالتي الصغرى البيت؟
هل حقا ستبكي عليّ كما بكت عليها ذات يوم ؟
في تلك اللحظة المغمورة بتساؤلاتي الساذجة...دخلت (سراب) وهي أحدى قريبات أمي
وشقيقة ذلك الرجل الذي كان ينتظرني خلف الباب...
لملمتْ سراب بقايا جديلتي على الأرض وكأنّها بذلك تلملم سني عمرها الثلاثين في طبقٍ من ذهب
ولم أفهم حينذاك...سبب نبرات التوبيخ في صوتها بوجه الوقت...
الخطوط السوداء حول عينيها ، أثارت ذهول قلبي الصغير...واليوم...تذكرني بالدائرة المغلقة التي وضعتني فيها
حين أمرتني بالخروج من الغرفة لاستقبال الضيوف ...ثم الذهاب معهم...
لكنّها لم تخبرني.... أنّني البديل اليتيم وثمن زواجها من شقيق أمـي ... بعد أيام قلائل !
،،
أمـــل الحداد
المتألقة أمل
هذه هي الحياة سيدتي لا نفهمها الا
بعد فوات الآوان ومرور القطار مسرعا
بنا حتى نكتشف يوما ونحن أيلين الى السقوط
من قمة العمر ونتمنى لو أننا نعود الى الوراء
كي نعيش حياتنا كما نفهما الآن
تحياتي
المتألقة أمل
هذه هي الحياة سيدتي لا نفهمها الا
بعد فوات الآوان ومرور القطار مسرعا
بنا حتى نكتشف يوما ونحن أيلين الى السقوط
من قمة العمر ونتمنى لو أننا نعود الى الوراء
كي نعيش حياتنا كما نفهما الآن
تحياتي
حتى ولو اِكتشفنا أمور كثيرة بعد فوات الأوان
لا ينبغي علينا أن نتمنى العودة إلى الوراء...بل دائما إلى الأمام
" فالحياة مدرسة ..وإن لم يكن النهار صديقنا فهو معلّمنا "
شكرا لحضورك العطر أخي المحترم رياض حلايقة
والحمد لله على سلامة عودتك
هكذا هي لا بد ان ننصاع لما يصنعه القدر وما يوخز بإبرة كي نرى العالم بوجه أخر ويمتد الزمن بنا لنرى ما كنا نحلم به وهو داخلنا يقهقه فراشات بيضاء متوجة بتاج ورقي يرسم على وجنتي طفلة وتحتها ثوب العيد ولعبة تزينها ملمس ام ملئتها بالحنان والفرح فنشعر بتلك الهتافات الصغيرة رغم بلوغ العمر واستمرار الوقت ورحيل الطيبين ويخلو طوق الياسمين من بساتين الفرح ولكن هناك أمل يبلغ بوجه طفلة او طفل يرى شراع ماض بأحلام ضحكاتهم .... ما زلنا نخشى رحيل كثر من حولنا من الطيبين فأحفظهم يارب بحفظك وأجعلنا لهم ذكرى طيبة تذكر الى يوم الميعاد .............. جعلتنا نهرب لتلك الايام يا استاذتي العزيز وكأنها ليلة البارحة غدت تلوح لي بذلك الحصان الصغير الذي كنت احتضنه في سن الثالثة من العمر ما زلت ارغب بالعودة الى تلك السنين لكن محال هذا الطفل بداخلنا يكبر والعمر بتجاعيده يصغر والطيب بقلوبنا لا بد ان تستمر كي نُذكر كي نكون يوم ما لحن يدندن فيه ما نترك او يترك ..... حفظك الله يارب بعمر طويل ملئه الفرح والسعادة وطفل بداخلك يبتسم دائما بالرقي والجمال
التوقيع
نكتب حينما نجوع .... لعل لفافة ورق تسد قرقرة أقلامنا
لملمتْ سراب بقايا جديلتي على الأرض وكأنّها بذلك تلملم سني عمرها الثلاثين في طبقٍ من ذهب
.............
كانت بالنسبة لها بداية جديدة وقدمت لها على طبق من ذهب ... كيف لا وقد حصلت ( سراب )على ما تريد
وتلك الجديلة كم حملت معها من صراخ صامت لا يسمعه إلاك ..... وذلك الكعب العالي - حلم كل طفلة - كم خبأ في ضجيجه من قصص لم تروى بعد ...وستروى يوما بصوت مرتجف ويد مجعدة تحمل ذات الحذاء وتضعه في ذات المكان ....
هذه الشراكة في ارتكاب ذات الجرم تكررت عشرات المرات في مجتمعات كانت ولا تزال خاضعة لنظام عشائري يعمل وفق عادات وتقاليد بالية لا مناص من تطبيقها في مجتمع يعاني من التخلف وعدم القدرة على مواكبة التقدم الذي تشهده الحياة.
نص يندرج تحت لواء الواقعية الاشتراكية .. يحتوي على ذخيرة جمالية هائلة من اللغة التي تمس شغاف القلب فتستحث العواطف وتجبرها على الرضوخ لشراسة الأسى الذي تحمله الكلمات .
الغالية أمل نص جميل ولغة عذبة وقدرة هائلة على استقطاب المتلقى واستنفار جميع مجساته
دمت بخير وألق
تحية ومحبة
(كل شيء على مايرام) ...تمتمتها شفاهي المرتعشة علّها تتركني قليلا وشأني تلك العجوز
التي لم أستوعب شيئا ممّا قالته....فنصف فرحتي بالكعب العالي كان يصارع نصفي الآخر المشبوه به
في تلك الليلة الغريبة ..لا أثر للثوب الأبيض ...لا وقع للطبول... ولو كنتُ حقا الأميرة...فلماذا إذاً لستُ نائمة حتى مجيء الأمير؟
وكيف سأتحوّل من طفلة إلى امرأة؟؟
يا إلهي حتى البخور لا رائحة لها...فرضتُ على نفسي أن تتخيّل بعيدا عن الخذلان ...
" أن قامتي ستطول حالما تقصر جديلتي" ...سيصل بيّ الكعب العالي يوما ما إلى مفاتيح أبواب القصر...
إلى حكايا ألف ليلة وليلة...أو ربّما إليّ...لم أكن على قدرٍ من الذكاء...كي أبحث عنّي ،
كنتُ فقط أبحث عن دُميتي التي صنعتها لي أمـي ذات يوم وأنا في السادسة من عمري....
أذكر حينَ ملأتْ بطن الدمية ببقايا الأقمشة وطرزت العينين بخيط أسود والشفتين بالأحمر ...
فاحتضنتها وذهبتُ إلى الغرفة المجاورة ...ووضعت وسادة صغيرة تحت فستاني
فشعرتُ بشيء لذيذ لم أفهم سرّه يسري في عروقي ...!
اِكتشفت بعد مرور الزمن ...أنّ غريزة الشعور بالأمومة تجعل وخزات القدر أقل إيلاما !
بكلّ براءة...كنتُ أتمنى أن ترافقني دميتي في حياتي الجديدة ...والموعد يدنو والخوف ينتابني جرعات
ثم جرعات... فيتصبب العرق على جبيني وكأنني مصابة بحمّى التيفوئيد...وطيف أبي لا يبرح المكان
كما طيف جدّتي...لكنني لم أكن على دراية كافية بالحياة لأبكي على رحيل الطيّبين ،
فكيف لي أن أبكي على بقاء الـ (.....) عفوا الآخرين !
اِقتربت منّي العجوز ...بيدٍ كانت تحمل حذائي ذو الكعب العالي وبالأخرى تربت على كتفي وتحاول
أن تخفف وطأة قهقهتها في أذني خشية اِنهياري...أظنّها قالت لي : أنها سنّة الحياة !
سألتها أين أمـي؟ وهل ستبكي بعد قليل كما فعلت عندما غادرت خالتي الصغرى البيت؟
هل حقا ستبكي عليّ كما بكت عليها ذات يوم ؟
في تلك اللحظة المغمورة بتساؤلاتي الساذجة...دخلت (سراب) وهي أحدى قريبات أمي
وشقيقة ذلك الرجل الذي كان ينتظرني خلف الباب...
لملمتْ سراب بقايا جديلتي على الأرض وكأنّها بذلك تلملم سني عمرها الثلاثين في طبقٍ من ذهب
ولم أفهم حينذاك...سبب نبرات التوبيخ في صوتها بوجه الوقت...
الخطوط السوداء حول عينيها ، أثارت ذهول قلبي الصغير...واليوم...تذكرني بالدائرة المغلقة التي وضعتني فيها
حين أمرتني بالخروج من الغرفة لاستقبال الضيوف ...ثم الذهاب معهم...
لكنّها لم تخبرني.... أنّني البديل اليتيم وثمن زواجها من شقيق أمـي ... بعد أيام قلائل !
،،
أمـــل الحداد
تمتمت الشفاه بــ مالايرام.. على لسان أديبة تدري مايرام قطعاً..
اختزلت القاصة النساء، بامرأة نصفها الآخر رجولة، لأن الرجولة موقف، وهنا أرادت ابنة الحداد أن تعطي صورة ضبابية عن المشهد، كي لاتلج نصها بالكشف.
لكنها أخفقت بتأنيث البخور، بعد أن أعمتها رائحته الأنثوية.. فقالت " يا إلهي حتى البخور لا رائحة لها "
ثم وقعت في خطأ آخر، ولكن من زاوية أخرى.. حين قالت: "أن قامتي ستطول حالما تقصر جديلتي".
وهذا من ناحية أسلوب القص.. أما إذا اشتغلنا عليه شعراً، فإننا مخطؤون.
لكني سأتحدث الآن عن مكونات النص، ومآلاته، وما انطوى عليه من فكرة..
ألنص باذخ بفكرته، وأنيق بلغته، ومرعب بقضيته، وجميل بصناعته.
فالبناء مشتمل على كل الأصول، ابتداءً من الفكرة، ووصولاً إلى الخاتمة.
حيث لم تشط كثيراً عن المضمون بل أكدته بلغة مفعمة بالرفاهية.
ألبؤرة مؤيدة للثريا، والمتن وشى بالحكاية.. وهذا لـَعَـمْري اشتغال شعري على نص قصصي، أهنئ الأستاذة أمل الحداد عليه.
محبتي وجل تقديري لآنستي المؤبدة.
أستاذة أمل الحداد أبهرني هذا النص بكل ما فيه وتعليقات الأساتذة وما جاء فيها كان مميزا جدا
لهذا سأسجل إعجابي الخالص وأهرول مسرعة لأعيد القراءة من جديد
فائق احترامي لقلبكم السامق
فاطمة الجنوب
التوقيع
فاخفض جناحك للأنام تفز بهم ان التواضع شيمة الحكماء
في كل يوم يمر
نتعلم درس جديد
وبالرغم من إن هذه الدروس تزيدنا خبرة وتوضح لنا الكثير من الأمور التي كنا نغفل عنها ولا نفهمها
إلا إنها في نفس الوقت تزيدنا ألماً
لإن هذه الغفلة أخذت منا ما لا يمكن إعادته بعد
وهي لذة العيش بهناء وسعادة
ففي مجتماعتنا الكثير من هذه القصص التي توأد الحلم وتقتل الفرحة تحت الكثير من المسميات والأعراف المتداولة