أميرالأدب الفرنسي بلا منازع، صاحب الحياة المليئة بالبؤس والمعاناة فيكتورهوجو. نشأ هذا الأديب الشاعر في صباه شغوفا بالحياة و بالحريه كارها للعدوان فى اى صورة من صوره. فأول ما امسك بالقلم كتب يدافع عن الحريه، وظل يدافع عنها طول حياته فى كتاباته المختلفه طيله تسعة وخمسين عاما وهى المدة بين كتابه الاول الذى اصدره فى سن العشرين وكتابه الاخير الذى اصدره فى سن الثمانين.
ولد عام 1802 فى باريس في مدينة بيزانسون وكان أبوه يحمل رتبة كونت على الأسطول الفرنسى فى فترةالغزو الفرنسى لأ سبانيا. عاش في أحضان الطبيعة حيث كان عمل والده التنقل بين الأرياف. كما وصفه أحد أصدقائه . أرسله والده الى المدرسة فى اسبانيا وكانت هذه الفترة كما يصفها هوجو فيما بعد من اقسى فترات حياته خصوصا بسبب ذلك الأحدب الذىكان يوقظ الطلبة كل صباح والذى اشتق منه هوجو فيما بعد شخصية الأحدب فى روايته " أحدب نوتردام " وأيضا بسبب صبيان كانا يضربانه كلما وجدا فرصة لذلك .وقد اشتق من أحدهما شخصية مجنون كرومويل فى مسرحيته الشهيرة" مجنونكرومويل " ومن الآخر شخصية جوبتا البغيض فى روايته " لوكريس بورجيا ".
وبعد ذلك عاد الى باريس حيث كان والده يأمل فى أن يدرس ابنه الهندسة ولكن الأبن " فيكتور" لم يطق أن يدرس تلك الدراسة التى تعتمد على القوانين الرياضية حيث كان يميل للشعر والأدب ، لذلك ترك الهندسة واتجه للشعر وكتابة القصة ولذلك عاقبه أبوه بقطع المعاش الشهرى الذى كان يرسله له، لذلك اضطر هوجوأن يعتمد على قلمه ليكسب رزقه.
عندما عاد هوجو إلى اسبانيا كان لا يزال يذكر زميلته أديل التى كان يحبها أيام الدراسة وفى هذه الاثناء كانا قد كبرا فتقدم لخطبتها ولكن والدها رفض بسبب اوضاعه المادية فحز ذلك فى نفسيته فكتب رائعته " هانديزلاند " وفيها يصف حياته هو وأديل، وبعدها رق قلب والدها لهما ووافق على الارتباط . وقد قرأها الملك لويس الثامن عشر واعجب بها فقرر له معاشا سنويا مقداره الف فرانك فرنسى مما ساعده على اتمام زواجه فى عام .. 1823وفى عام 1824 توفى لويس الثامن عشر وخلفه أخوه شارل العاشر ودعا هوجو الى حفل تتويجه فكتب قصيدة بعنوان " تتويج شارل العاشر " اعجب بها الملك شارل وزاد فى معاشه السنوى. بدأ هيجو بالتأثر بالشرق، الشرق الجميل، فقد قرأ التوراة والإنجيل والقرآن الكريم وترجمة الف ليلة وليلة، ثم قرأ تاريخ الإسلام وحياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, فتأثر بذلك كله وأصدر ديواناً سمّاه ( الشرقيات ), وقد ترجمها الأستاذ أحمد حسن الزيات في مجلة الرسالة وكانت من أروع ما ترجم الزيات وقد احتوى هذا الديوان البديع على 22 قصيدة منها (ضوء القمر) و (السلطانة المفضلة) و (نورالصهباء) و (وداع الفاتنة العربية) و(من ربوع الأندلس) و (كناريس) و (نوار) و (روؤسالسراي).
يقول هيجو في قصيدة
"ضوءالقمر": كان البدر مشرق الجبين يتنقل على ذرى الأمواج وقد فتحت النافذة ذراعيها لخطرات النسيم فجعلت الملكة ترنو إلى البحر وهو يتكسر ويطرز مطارف جزائره السوداء بنقوش أمواجه ا لمفضضة فهوى العود من يدها وهو يرن. فأصغت فسمعت صوتاً أبح يردده الصدى: أتراها سفينة تركية قادمة من مياه الدردنيل تضرب جزر اليونان بسيوف الحقيقة.
وفى عام 1830 كتب رائعته المسرحية " هرنانى " ونجحت نجاحا باهرا ولكن رغم هذا النجاح فقدعزل نفسه عن ا لعالم واودع ملابسه الخارجية فى خزانة ليكتب رائعته الروائية " أحدب نوتردام " وفى عام 1851 حدث انقلاب فى البلاد وكان فيكتورهوجو وقتها قد اشتغل بالسياسة ووصل إلى رئاسة الحزب اليسارى الاشتراكى واستولى نابليون الثالث على العرش وحاول فيكتور هوجو وانصاره مقاومة هذا التغير لكن محاولتهم بائت بالفشل. لذلك ترك البلاد متجها الى بلجيكا وهناك كتب عدة روايات لاذعة تنتقد الملك مما ادى إلى أن تضيق الحكومة البلجيكية به وبكل من هرب اليها من الفرنسيين المعارضين لذلك فرإلى لندن ولكن لم يعجبه ضبابها واستقر اخيرا فى جزيرة صغيرة فى بحر المانش بالقرب من سواحل نورماندي. وفى هذه الاثناء غرقت ابنته وزوجها فى نهر السين واصيبت ابنته الأخرى بالجنون ومن قلب كل هذه المعاناة كتب هوجو خير ما أبدع رائعته "البؤساء". عاد الى فرنسا فى عام 1870 بعد سقوط حكم نابليون الثالث وظل يكتب ولم ينقطع عن الكتابة. في 18 مايو 1885 أصيب هيجو بالتهاب رئوي. ولما زادت وطأة المرض, شعر بدنو الأجل, فودّع أصدقاءه قائلاً آخر بيت من الشعر: (ها هنا يقتتل الليل والنهار) ثم طلب حفيديه وضمهما إلى صدره يقبّلهما وهو يبكي, وقال: اقتربا مني يا ولديّ, كونا سعيدين وأقيما على حبي ولما أخذ يعالج سكرات الموت, قال له صديقه بول موريس: أنت لن تموت يا سيد فيكتور. قال هيجو: كلا ... ها هو الموت فمرحبا به... الوداع. وأسلم فيكتورهيجو الروح في يوم الجمعة 22 مايو 1885 وتوقف بموته القلم السيّال الذي بهر عقول الشعراء والأدباء والكتاب ومحبيه.
ومن أعماله الشعريه ديوانه (المفاجأة القلبية) يقول في إحدى قصائد هذا الديوان:
بما أنني نهلتُ من روحك الصافية الفياضة وألقيت بين يديك جبيني الشاحب
واستنشقت عطر الزهور وأنا أمشي بجوارك
وبما أنه أتيح لي أن أصغى إليك وأنت تقولين لي الكلمات التي تنشر ما طواه القلب من الأسرار ولما رأيت ثغرك البسّام يفتر على ثغري وعينيك تذرفان الدمع فوقع بيني قلت للسنين التي تمر مر السحاب أسرعي... أسرعي ولاتتمهلي وانقضي سراعاً فلا آبه بالمشيب... ولتذهب أزهارك الذابلة في قلبي إلى الأبد. يا سلام ..يا سلام يا هوجو اهذا شعر أم هو لب وعصارة الشعرالبديع الرائع
مات هوجو، ولم يمت فما زال ذكره خالداً بما خلده من أدب رائع رفيع. قال عنه بعض النقاد
امتعتنا با سودان من ذاكرة أشهر و أبرع أدباء فرنسا وأكثرهم رومانسية...
فيكتور هيغو الرائع الذي استقى أدبه من بؤس الناس وفقرهم وحياتهم الكادحة ولعل روايته الشهيرة البؤساء
رواية فلسفية ودينية وما ورائية تمثّل التوبة ونهوض الإنسان بالندم والتكفير الطّوعي.
.
وهي رواية نفسية في تصوير أشد الحالات تأزماً في أعماق الذات
.
موقف جان فالجان بين المجد وعذاب الضمير؛ موقف جافير بين الواجب وعرفان الجميل
.
موقف ماريوس بين القبض على مجرم من جهة والوفاء لوصية أبيه من جهة أخرى
.
وهي رواية غنائية (من حيث النوع الأدبي) بما عرضت من خواطر وما وصفت من مشاعر
.
إنسانية كالعاطفة والحقد والحبّ والأمومة والبنوّة... وغنائية كذلك من خلال الظلال
فشكرا سيدي الرائع لما سلطت من أضواء على اديب فرنسا الفذ الذي كما قلت ظلت أعماله خالدة على امتداد العصور
شكراً على حضورك الرائع في هذا المتصفح عن عبقري فرنسا فكتور هوجو
يقال عنه أنه أسلم وأعلن إسلامه كان ذلك في 6 سبتمبر 1881 بحضور أحد الشيوخ
الجزائرين وأختار له اسماً وهو أبوبكر تيمناً بسيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه.
كان ذلك قبل وفاته بأربع سنين.
بالعودة إلى أشعار فيكتور هوجو وما قيل عنها ُيعتقد أنه كان مسلماً . يقال أنه استلهم
بعض السور والآيات القرآنية مثل سورة الزلزلة التي تبدو معانيها وتركيبتها واضحة
في هذه القصيدة إذ يقول:
سوف تزلزل الأرض زلزالا شديدا
وسيقول الناس يومئذ مالها؟
وسيخرج الناس من الظل ومن قلب الأرض أفواجا
صفرا سيأتي الأموات ليروا أعمالهم
ومن يعمل شرا في وزن النملة
سوف يرونه
ومن يعمل خيرا في وزن ذبابة
سوف يرونه ولن يؤثر الشيطان فيهم أبدا.