هي لم تكن أيّام وعلى شطآانها ارتكبت جريمة البكاء ولا سماء أنزلتْ ماء الطهر لتغسل أدران الظنون الخبيثة ..كل ما في الأمر هذا الوقت تراجيدي المزاج .. والروح فيه تجيد العوم على سطح الحلم ..
قرب الفراغ وفي أعماق المنتهى كان الشوق يلبس ثوب التحديّ. معلناً الصمت أمام نار تُعاند الوقت الراحل تريد التهام كل شيء حتى هواء الأيدي حين التصفيق في فراغ الوجود..
ألفُ سؤال في أقطاب الممنوع تتجلّدُ..
مَنْ أقوى من وجعٍ سكن المقلُ وتمرّسَ لغة التمدد..؟؟
من يشعل أصابع الزمن ويختبئ في تجويفة ..فارغة من كل شيء سوى عتمة ترهق أحداق الأنا..؟!!
في محيط هذا الكون لا مجال للحظة عتاب ..بيني وبين الدهر ثأرٌ ولحظة فرح ولحظة وجود منعية تستحمُّ قبل الدفن ..شرط القدر هذا ليحلَّ لها الثرى ..
أتعلم ..أنت الذي تسكن الخيال ..بل أنت الذي ابتلعه المستحيل ..ويمكن أن تكون كذبة وأتقنتُ حروفها ..هذا لأن النور وقتها كان كحلاً أسوداً وضعتهُ على عيون المسافة لأراها بك أجمل ..ونسيتُ بأن اصطباغ الحقيقة يشوه النظر ..
أتعلم بأنني ...مللتُ الزمن الكئيب وموّال التجوال بين مقاومة الروح وذُلَّ النفس ..مللتُ زيارة العجائب والتبرج على أدراج اللهفة ..
أتثق إن قلت شيئاً ..صار وقت خلاء الأحقاد من شروط البقاء فالأمر في غاية الضرورة ..قبل أن يُشرق فجر المساء وقبل أن يغفو الندى على أهداب الشفق أودُّ زيارة ذاك المنسي ذاك الفرح أو مسكَ ذيله إن أمكن ..أشعر به يدخل ثقوب الكلام ويتوسدُ النبض ..
تعال بيديك وافتح سلّمُ الأنغام..وليكن الوقت حصيرة واستلقي كما يليق بعاشق يرنو إلى السماء يضحك كمجنون يسأل الغمام الامتطاء وبأعلى صوته يُنادي الربيع ...
سيأتي زمن قادم ..وستصير الحجارة عرافة الدروب ستكون الإشارة أبجدية تسكن سماء العيون وينتهي هذا الزمن الممل من التكثيف وعقد الكلام وركض الوعود وتلفيق عهود الأمل بين غفوة ويقظة
بيديك أنت ..أغلق هذا المدى العتيق أودُّ فيك البعيد الأكثر إقناعاً ..أو الفرح الفرح ...
تعال هنا ..اذهب هناك ..وافرح حين أشيرُ لك يا فؤاد ..
اقتصّصتُ جنح العادة ..لقنتُ حنجرتي الهديل واحتراف نهاوند الصمت وبين يديّ ينام عُقاب الذكرى..إهمس همساً لا ترفع صوتك كما قلت لك نحن في عهد الصمت أخشى الآن.. أخشى كثيراً أن يكون للصمت لسان ويفاجئني بالصراخ ويمشي الضجيج في أزقة فرحي ..
ويطير الشوق الذي ألعب به على طريقتي ...أتدري مالذي أفعله أنا.؟
أنا أحرر مُدن ضجرٍ من قهر يقبع بين المسمع والنظر ..
أُصهرُ صوتي في بوتقة لأبيعه لسنونو يغادر اليأس ..
أناجيك أيّها الصقيع ..فُكَّ عِقابكَ عن أقطاب الوحدة أريد للأمس أن يطوي صراعه الأزليّ ويرحل عن امتداد عروشي ..أجهزُّ الآن طرحة لوسادة الصبر وأفرش قرنفلاً أحمر لأشعل في أعماقي شموع ابتسامة
ألا أيُّها الفرح تفتح لي صدرك ..
الهيام مبعثر بين هناك و أصابع الوقت أريدُ له سريراً وقلب عشق وأريد محصولاً من قمح الأمل ..كما أريدُ دمعة فرح أتعرف لمَ..؟!! لأغسل بهجة النظر.. بصراحة لا أثق بماء طهورٍ أكثر نقاء من عرقِ عيوني ....
ألا أيُّها الفرح تتذوق لحم الانتظار المقدد وترش من ذاكرتك ملح الحنين وتأتي متربعاً أمام الشوق تصطاد الحنين .
ألا تأتي لنقتسم الحياة ونهفو عن الحقيقة قليلاً ..تعال تعال نسبح ونعوم للحظات وننسى بأننا في دائرة المراقبة ..
تعال نفترش ساحل الغروب ضوءاً ونمدُّ بساط المتعة قبل أن يغسلنا هطول الذاكرة ونصبح حلماً منسيّاً لكن احذر الضحك بصوت عالٍ وحالات الجنون والهذيان لا لشيء...فقط لكي لا يُكبلنا الزمن بحديد جبروته ويسقط قناع الفرح ويكون الصمت حكماً مؤبداً.....
فذة هذه الحروف
تقتات من صدر المعاناة
تشق عباب الروح
لا تنتحر
لاتموت
بل لتبعث حية
راقية
معبرة
تنسدل
هنا
وهناك
بأبهة وسيادة
البياض هنا لوحة ترسم بها حياة تجري
تعدو
تركض في جميع الاتجاهات
ثمَّ شوق عميق
حب عميق
حياة عنيفة
هنا حرف يكبر
يغزو
يصهل
يدون من سماء الوجد كل جديد
وهنا لغة تنفلت من عقال
لتنطلق بحبور
بدفء
جميلة انت نجلاء وحرفك
أحبُّ مطالعة كل كلمة على حدة
محبتي وكل التقدير
نص ماتع رائق رقيق النغمات بمثابة رسالة أدبية واثقة الخطوات
طربت كثيرا لهذه المعزوفة الحانية ..
نص أذبت فيه المفردات كالسكر النبات
ومن جمال السبك والمعنى زرعت حقولا ًمن التألق
دمت ودام نبض يراعك
يثبت
مع التقدير وأعطر التحايا
رحلة مضنية بين عتمة و بصيص نور في دروب الحياة عشناها خلال حروفك البديعة نجلاء.
قراءة ما تكتبين ممتع نجلاء لأنك تصفين من التجارب ما تعيشه النفس البشرية
و المعاناة هي نفسها سواء كانت شرقية أم غربية الموطن...
فالإنسان واحد و الطموح يتشابه و الألم لا فرق لديه بين عربي أو أعجمي.
شكرا لهذا الإمتاع و الإبداع الذي راق لي كثيرا.
تقبلي مني تحية مضمخة بشذا الياسمين.
الكبير القدير ناظم العربي
---------
أينما تكون هلالات النور تشع
وسطور الأمل تسوّرُ مداد الحنين
لحضورك معنى الورد للربيع ..
كل الشكر والتقدير لك وأدامك الله بكل الخير والصحة
كلّما قرأت نصّا لنجلاء وسوف تيقّنت أنّ ادبها يقدّم معاناة إنسانيّة في أبعادها الوجوديّة تبدو فيها مختلفة بخواطرها المجنّحة حتّى كأنّه حديث باطنيّ أو مكاشفة حميميّة ...
وهي وإن إنطلقت من معاناة ذاتيّة تؤكدها صيغة المتكلّم في النّص فإنّها تلامس تخوم أدب تأملّي بما في مضامينه من أعماق وأبعاد ترنوالى رمزيّة ودلالات وايحاءات.
أيتها القديرة نجلاء
ما أروع نصوصك فهي تتوشّح بشعريّة فائقة تتناسب مع أدب الخواطر والرّسائل الأدبية .
تشجيعي لك دوما فاكتبي وانهمري ....