غربة غرست أنيابها في المكان . مرض تزحف جيوشه نحوي . ركضت مسرعاً إلى حيث أرى . صبياً كنت ، أنظر إليها بشهوة الحياة . مروا مسرعين ، كبيرهم يحمل لي صورة قديمة ، لها عيون بسعة الجمال ، والآخرون صامتون . رأيتها تقلدُ المكان بالخشوع ، تضمني كأنها تخفي عن العيون خرائط القدر .قدماي تجريان ، وأنا أهرول خارج المدينة . رميت بالحياة من النافذة . على السطح وقفت منتظراً موتي . هواء يشيخ ، حرارة تسري في العروق ،
صوت يغيب خلف الجدار،
رأيت غيمة تطوف ،
نوافذ بلا ستار .
طيور بلا جناح .
نهر ينثر ماء الذكريات ،
حشائشٌ تدغدغ اقدام السنيين .
كانت تُلوحُ للعصافير، تُطعم السنابل ،تستقبل القادمين بشموخ نخلة ، لها نظرة واحدة ، تغني عن الكلام . ضفائر طويلة ووجه ملاك . قطعتُ ذراعيَ ومضيت ، تركتهما حول بيتي ومضيت ، تدثر الليل بالسكون . على الأرض تنام . مرض يسري . لهب يستنشق المكان . حياتي صورة من صراخ . أعزل بلا سلاح .عيناها مقفلتان ، تشع منهما حكاية مبهمة .
شفاه يابسة .
ظهراً مقوس في أول العمر .
جسر عبرنا عليه لخمسون عام ،
رأيتها تبتلع الحياة بصمت عجيب .
(( فاجأتني بالصمت وفاجأتها بالكلام ، وقلت : نهاية قبل الأوان ))
شراشف بيضاء ترف أمامي . لفت جسمها الطري . وجهها يعلن الابتسام .مراكب تملأ الفضاء ، رأيتها تأخذ مركبا وتمضي ،أنزلتني في الطريق ومضت وحدها ،أخذت صمتها .تركت قلبي لجرح جديد .صمتها و الصباح .نظرت إلى الراقدين ، من أوصي عليها ؟ يا نجمتي في السماء ، سأتركها وأسير . وجدتها خلفي تحرسني من الحروف . جاءت الحروف نحوي . قدماي جامدتان . أصابعي عاجزة . حروف تقطعني وتصلبني في الكتاب .مصير لنصف إنسان . حروف كأنها خناجر ، تنهش لحمي ببطء شديد . يعثر بي الطريق ،
رأيتها أمامي ، تفرش قلبها ،
تسقط قبلي ،
فيكون صدرها بين راسي والحجارة .
أمامي تسير ، تحمل قبرها وتسير .
(( فاجأتني بالأرض وفاجأتها بالسماء ، وقلت : حياة تنزل وأخرى تنبع من قلب الصخور ))
في كل رؤيا ،معي تكون ، رائحة الصلاة والدعاء ، سبع سنين ولم أعترف .من ذا يقول هي أختفت ؟ نخفي عن بعضنا السؤال . شيء كان ولم يكن، حلم بدهشة الحقيقة ، حقيقة بطعم الذهول ، شمس فر ضوؤها حين غفلة ، قمر في إكتماله جاءه المحاق ، على قبرها وقفت . وجدتها تشعل البخور فوق مشهدي ..تغسله ببقايا حياة ، وأنا أهيل الرمل على بياض عمرها ... ياله من جمال !! كيف أعود ؟
لقد رزقت بطفل جديد ،
بيتي بنيته والورود ،
شيب يدب على هامتي ،
ساق تجرُ ، ودرب يميل .
(( فاجأتني بالموت وفاجأتها بالحياة وقلت : ولادة جديدة وموت قديم ))
من روائع ما قرأت من خواطر في النبع حماك الله
أستاذي أحمد، مساؤك الخير
لك حرف متميز بشاعريته الجميلة جدا، و قلم مسؤول عن كل كلمة يكتبها حماك الله
تنتقي الجميل من الكلمات فتصوغها ببراعة و مهارة و تغدق عليها من العبارات ما يجبرنا على الاستقرار عند حرفك طويلا
أثبت هذه الـ روح في السماء غريبة لروعتها و جمالها
و كم وددت لو أرى ردود أستاذي أحمد على باقي خواطر زملائنا لنتواصل جميعنا
فتواصلنا جميعا مع بعضنا البعض يسهم في ارتقاء منتدانا و ارتقاء ما نكتب حينما نناقش أفكارنا و حروفنا و خواطرنا مع بعض
لك تحياتي و لحرفك الألق.