الهـــروبُ إلـــى الأمــام
أنا لستُ أملِكُ غيرَ عِبْءِ السيرِ في قَيظِ الفَلاةْ
خَطْوِي بلا دَرْبٍ، ولكني أسيرُ لمنتهاهْ
ساقايَ من رَهَقٍ
وحِملي لستُ أحملُه،
ولكنّي أنوءُ بكلِّ أحمالِ الحياةْ
كفايَ من شوكٍ،
وزهري شفَّ يعبرُه النسيمُ ولا يراهْ!
حزني بلادٌ،
ليسَ يدري مُنتهاها سندبادٌ
تاهَ فيها ألفُ حُلمٍ، بين كُثبانٍ
وغاباتٍ وغاياتٍ
وأشباحٍ لأشباحٍ تعيشُ بلا وفاةْ!
الصمتُ يقتلُني،
وأقتلُه فأحييني
أكلّمُه فيُخبرُني بأسرارٍ تُجلّيني
أجادلُه فيجدلُني
أجندلُه فيجلدُني
ويصنعُ ألفَ وهمٍ مثلَ أفكاري تماثلُني
وتطعنُها رُؤاهْ
فأظنُّ أنَّ العقلَ تاهْ!
***
وأريدُ أسقطُ، أستريحُ من المسيرِ
أريدُ أَمْرُدُ، أستقيلُ من الهجيرِ
أريدُ أخضعُ للبلادةِ، للسعادةِ
ألفَ عامٍ كالحريرِ
وأزرعُ الفيفاءَ زهرًا من خيالاتِ احتضاري بينَ أحضانِ الفتاةْ!
لكنني لا أستطيعُ
ولدتُ أمشي للأمامِ بلا إمامٍ أو لجامٍ
ليسَ يتبعني القطيعُ
عشقتُ في تِيهي أضيعُ
ولا رجوعَ بغربتاه
وَاضيعتاه
لا شيءَ حولي الآنَ آنَ
وكلُّ ما أمضيتُ كانَ
ولستُ أعرفُ أينَ قُطعانُ السَّـفَاهْ
أرهقتُ خَطْوِي في جنونِ الرملِ، والإعصارُ من خلفي سَفاه
لا حَـلَّ إلا في المسيرِ إلى الأمامِ
إلى الأمامِ
إلى الأمامِ بلا نجاةْ!
***
الليلُ جاءَ
نسيتُ ـ فرطَ القيظِ ـ هذا الليلَ.. آهْ!
حينا، رُوَيدا،
ثم راودني النُّعاسُ بجنةِ النومِ اللذيذِ المُشتهاةْ
وغفوتُ أمشي
حالِما بالمستحيلِ أطيرُ حُـرًّا في سَماهْ
فسقطتُ منّي في الظلامِ،
وسَـكْرةُ الأحلامِ أوهامُ الغرامِ
فلم أُعِرْ نفسي انتباهْ
وصرختُ لكنَّ الرياحَ ....
الخَطوُ راحَ
وتُهتُ عني في الفلاةْ!
***
الآنَ أدركُ والحياةُ بلا حياةْ:
هذا الطريقُ بلا طريقٍ،
أو غريبٍ،
أو وصولٍ في مَداهْ
لكنّ خَطوي يستمرُ على الطريقِ لمنتهاهْ!
محمد حمدي غانم
27/11/2010
-------------------------
ملحوظة:
التاء المربوطة تنطق هاء عند الوقف (أي عندما تكون ساكنة)، وتنطق تاء عند الوصل (أي عندما تكون متحركة).. وهذا الاختلاف في النطق، هو سبب الاختلاف في طريقة الكتابة الإملائية، ولو كانت التاء تنطق تاء دائما لكتبت مفتوحة دائما.
وهناك خطأ شائع في النطق العامي لبعض الإخوة العرب خاصة الشوام، يجعلهم ينطقون التاء المربوطة تاء عند الوقف.. وهذا الخطأ سقط فيه بعض شعراء مدرسة المهجر في بعض قصائدهم.