الغبار الأسود أفاق وهو يكاد يختنق من الغبار الذي يغطي المكان,نظر من النافذة الى الخارج وكانت الرؤيا معدومة ,يبدو انها عاصفة رملية تمتم في داخله ,اسرع يغلق الشبابيك المفتوحة ولكن دون جدوى فقد كانت العاصفة تضرب الأبواب بقوة وحباتها الرملية باتت تغطي الوجوه وجدران الدار والأفرشة والأثاث , الجميع راح في غفوة عميقة وبدا الغبار المتكدس يمد خيوطه العبثية ,وبقايا عصافير تائهة لا تعرف وجهتها. استيقظ الجميع وهم في نوبة سعال حادة,وأصواتهم مشوشة بذات النبرة ,كان السيد ضرغام والدهم يصرخ بهم بأن يعطوه قطعة قماش مبللة فهو يكاد يختنق,صوته لا يكاد يصل الى مسامعه ولايرى احداً,فقد فقد الرؤيا بعد ان تقطعت اسلاك الكهرباء وساد ظلام دامس,المسافة بين المطبخ وغرفة نومه حفظها عن ظهر قلب يقطعها بدون تردد ,خرج يتلمس الجدران حتى وصل للمطبخ ومن ثم الى حديقة الدار وجد امامه ابنته الوسطى وهي تحاول نفض الغبار عنها دون جدوى -اين باقي العائلة خاطبها بصوت عالٍ - لا أدري أبي,أنني لا ارى شيئا - هل معك هاتفك - لا - لنعد نبحث مصباح او هاتف بصعوبة بالغة وصلا الى باب المطبخ ,فجأة رن الهاتف الجوال اسرع ضرغام الى الهاتف مستدلاً برنينه,لم يعد يعنيه من المتصل بقدر ما يعنيه مصباحه نعم..من المتصل انا ىسراب شقيقة زوجتك يبدو ان قريتكم تتعرض لعاصفة رملية مخيفة,دع العائلة تسرع بالخروج نحن بأنتظاركم,لم يجبها واغلق الهاتف الجوال واضاء مصباحه,هو لا يطيق سماع اهل زوجته فمنذ أن تزوج شيرين وعائلتها تتدخل بالصغيرة والكبيرة,فوالدتها أمرأة متعجرفة سليطة اللسان وحقودة,قاطعهم منذ ثمان سنوات وهاهم اليوم يتصلون به,ربما شامتين فهو لا يأتمن جانبهم. اضاء مصباح هاتفه النقال ورغم صعوبة الرؤيا وجد الأولاد يهرعون اليه مستدلين بضوء الهاتف,ووخرجت زوجته وهي ترتدي الكمامة مما شكل مفاجأة للجميع,كيف علمت بالعاصفة واشترت كمامة,ولم لم تشتري لكل العائلة,هو لم يتفجأ بها فهي انانية لا تحب إلا نفسها,طلب من الجميع ان يكونوا قريبين من بعضهم للخروج من القرية,اقترح عليهم أن يذهبوا الى اعمامهم في القرى الغربية من قريتهم,واجه رفضا غاضبا من زوجته التي وجدت الفرصة سانحة لتعود الى اهلها ,اما هو فقد اصر ان يبقى على تخوم القرية لحين انجلاء الغبار ويجد طريقة ما لتخفيف هذا الغبار بطلبه المساعدة من ايا كان عدا اهل زوجته فهو يعرفهم وخبرهم لا يأتمنون ولهم ثأرقريب وبعيد معه ومع عائلته . وصلوا الى تلول قريبة من القرية,زوجته دون اذن منه ومعها ولدها الكبير وابنته الصغرى توجهوا معها بأتجاه قرية اهلها ولده الاخر قرر ان يتجه الى شمال القرية وهي منطقة تسكنها اغراب مرتفعة يفصل بينها وبين قراهم بحر واسع,وبقيت معه ابنته الوسطى,لم ينفع اعتراضه,فقد فقد زمام المبادرة وتفكك عقد الأسرة,بقي يراقب رحيلهم,وينظر الى كل الأتجاهات ,كان قد اصابه العجب,فقريته الوحيدة التي يغطيها الغبارمع القرية المجاورة (بلاد الكرام),ولم يجد اي تحرك من القرى المجاورة لانقاذهم. كان قد راح هو وابنته في اغفاءة عميقة,ايقظه ضجيج صوت غريب,كانت النجوم تضيء المكان,نظر الى قريته وهاله ما رأى ,طائرات بمرواح عملاقة فوق القرية تثير الغبار ,وطرق اذنه صوتا اخر قادما من اتجاه قرية زوجته,عقد لسانه وهو يرى حفارات عملاقة تحفر في الرمال ومراوح عملاقة ترسل الغبار بأتجاه قريته,أي حقداً اعمى هذا الذي يجعلهم يساهمون في طمس مدينته ,احتضن ابنته وهي تبكي بحرقة.وهي تشاهد قريتها تكاد تختفي من كثرة تراكم الرمال عليها... اخرج مسحاة بدون عصاها الخشبية كان قد حملها مع بعض ثيابه,نظرت اليه ابنته وقد اصابتها الدهشة... ما ذا تفعل بهذه المسحاة أبتي وهي التي لا تحمل اكثرمن كف تراب ..... اجابها سنزيل الغبار عن القرية بها......
ألا.. لو كان ربع العرب من شيمة هذا الرجل ... أما كنا بخير؟!
يا لضمائرنا المتجمدة في دهماءِ فتورِ اليأس منا.. متى تصحو وهلة من انتصار؟!
سلمت الأنامل أيها القدير
ألا.. لو كان ربع العرب من شيمة هذا الرجل ... أما كنا بخير؟!
يا لضمائرنا المتجمدة في دهماءِ فتورِ اليأس منا.. متى تصحو وهلة من انتصار؟!
سلمت الأنامل أيها القدير
الغبار الأسود أفاق وهو يكاد يختنق من الغبار الذي يغطي المكان,نظر من النافذة الى الخارج وكانت الرؤيا معدومة ,يبدو انها عاصفة رملية تمتم في داخله ,اسرع يغلق الشبابيك المفتوحة ولكن دون جدوى فقد كانت العاصفة تضرب الأبواب بقوة وحباتها الرملية باتت تغطي الوجوه وجدران الدار والأفرشة والأثاث , الجميع راح في غفوة عميقة وبدا الغبار المتكدس يمد خيوطه العبثية ,وبقايا عصافير تائهة لا تعرف وجهتها. استيقظ الجميع وهم في نوبة سعال حادة,وأصواتهم مشوشة بذات النبرة ,كان السيد ضرغام والدهم يصرخ بهم بأن يعطوه قطعة قماش مبللة فهو يكاد يختنق,صوته لا يكاد يصل الى مسامعه ولايرى احداً,فقد فقد الرؤيا بعد ان تقطعت اسلاك الكهرباء وساد ظلام دامس,المسافة بين المطبخ وغرفة نومه حفظها عن ظهر قلب يقطعها بدون تردد ,خرج يتلمس الجدران حتى وصل للمطبخ ومن ثم الى حديقة الدار وجد امامه ابنته الوسطى وهي تحاول نفض الغبار عنها دون جدوى -اين باقي العائلة خاطبها بصوت عالٍ - لا أدري أبي,أنني لا ارى شيئا - هل معك هاتفك - لا - لنعد نبحث مصباح او هاتف بصعوبة بالغة وصلا الى باب المطبخ ,فجأة رن الهاتف الجوال اسرع ضرغام الى الهاتف مستدلاً برنينه,لم يعد يعنيه من المتصل بقدر ما يعنيه مصباحه نعم..من المتصل انا ىسراب شقيقة زوجتك يبدو ان قريتكم تتعرض لعاصفة رملية مخيفة,دع العائلة تسرع بالخروج نحن بأنتظاركم,لم يجبها واغلق الهاتف الجوال واضاء مصباحه,هو لا يطيق سماع اهل زوجته فمنذ أن تزوج شيرين وعائلتها تتدخل بالصغيرة والكبيرة,فوالدتها أمرأة متعجرفة سليطة اللسان وحقودة,قاطعهم منذ ثمان سنوات وهاهم اليوم يتصلون به,ربما شامتين فهو لا يأتمن جانبهم. اضاء مصباح هاتفه النقال ورغم صعوبة الرؤيا وجد الأولاد يهرعون اليه مستدلين بضوء الهاتف,ووخرجت زوجته وهي ترتدي الكمامة مما شكل مفاجأة للجميع,كيف علمت بالعاصفة واشترت كمامة,ولم لم تشتري لكل العائلة,هو لم يتفجأ بها فهي انانية لا تحب إلا نفسها,طلب من الجميع ان يكونوا قريبين من بعضهم للخروج من القرية,اقترح عليهم أن يذهبوا الى اعمامهم في القرى الغربية من قريتهم,واجه رفضا غاضبا من زوجته التي وجدت الفرصة سانحة لتعود الى اهلها ,اما هو فقد اصر ان يبقى على تخوم القرية لحين انجلاء الغبار ويجد طريقة ما لتخفيف هذا الغبار بطلبه المساعدة من ايا كان عدا اهل زوجته فهو يعرفهم وخبرهم لا يأتمنون ولهم ثأرقريب وبعيد معه ومع عائلته . وصلوا الى تلول قريبة من القرية,زوجته دون اذن منه ومعها ولدها الكبير وابنته الصغرى توجهوا معها بأتجاه قرية اهلها ولده الاخر قرر ان يتجه الى شمال القرية وهي منطقة تسكنها اغراب مرتفعة يفصل بينها وبين قراهم بحر واسع,وبقيت معه ابنته الوسطى,لم ينفع اعتراضه,فقد فقد زمام المبادرة وتفكك عقد الأسرة,بقي يراقب رحيلهم,وينظر الى كل الأتجاهات ,كان قد اصابه العجب,فقريته الوحيدة التي يغطيها الغبارمع القرية المجاورة (بلاد الكرام),ولم يجد اي تحرك من القرى المجاورة لانقاذهم. كان قد راح هو وابنته في اغفاءة عميقة,ايقظه ضجيج صوت غريب,كانت النجوم تضيء المكان,نظر الى قريته وهاله ما رأى ,طائرات بمرواح عملاقة فوق القرية تثير الغبار ,وطرق اذنه صوتا اخر قادما من اتجاه قرية زوجته,عقد لسانه وهو يرى حفارات عملاقة تحفر في الرمال ومراوح عملاقة ترسل الغبار بأتجاه قريته,أي حقداً اعمى هذا الذي يجعلهم يساهمون في طمس مدينته ,احتضن ابنته وهي تبكي بحرقة.وهي تشاهد قريتها تكاد تختفي من كثرة تراكم الرمال عليها... اخرج مسحاة بدون عصاها الخشبية كان قد حملها مع بعض ثيابه,نظرت اليه ابنته وقد اصابتها الدهشة... ما ذا تفعل بهذه المسحاة أبتي وهي التي لا تحمل اكثرمن كف تراب ..... اجابها سنزيل الغبار عن القرية بها......
وهذاما حدث فعلا للقرى العراقية ومدنها الغربية خصوصا.!
غبار الثارات "السوداء" وصل حتى "طريبيل" كنت هناك وأعرف
أهل (راوة) و (الرطبة) و(القائم) و(الخالدية) و(الرمادي) و(الهيت)
والقائمة تطول ولن أنسى أهل (الفلوجة) وحكاياتهم التي لم يصورها
الإعلام كما حدثت فعلا. واعلم كيف امتد هذا لغبار الى شمال العراق
وكيف لجأ البعض الى أقليم كردستان، والأردن. هذا بالنسبة
لمن كتبت لهم النجاة.
وأتساءل كيف استطاع الاحتلال تقسيم العائلة الواحدة وشتت
وجهتها الواحدة الى جهات مختلفة ..ومن أجل ماذا كان
صراعهم هذا.. أعجب ما في الأمر أننا أدركنا بوقت متأخر ان هذا المحتل
عرف من أين تؤكل الكتف، فمرر سمه عبر إذكاء شرارة الطائفية وخلافات
الماضي السحيق التي أعادها للواقع. لا شك أنه وجد من اغرته المغريات
فصافحتها كفه التي لن تجد ما سيغسلها من عارها وقد امتلأت بدماء أخوته
هم أكثر الناس ندما هذا ما قالته ألسنة من تجرأوا على قول الحقيقة. كان
الدرس عميقا وترك ندبة تروي دمها وحكايتها بالطول والعرض.
لقد دخل عدونا الى أدق تفاصيلنا.. بل الى ما يفصل هذه التفاصيل وما
يجعل منها نقاط ضعف ولج منها حتى وصل القلوب وأعمق ما في النفوس
وهذا ما علينا جميعا أن نفهمه وأن لا ننساه فالدرس أعمق من كل الأوصاف
نسأل الله تعالى أن يعيد للناس رشدهم وأن يعيد الأمن لكل أهل العراق وأن
يعيد لبلاد الرافدين هيبتها لقيادة الأمة من جديد
نص رائع .. رمزية راقية متقنة ..وإسقاطات بارعة
خدمت فكرة النص الإنسانية ورسالتها النبيلة والهادفة
ولا أنسى السرد المشوق والقفلة المدهشة.
أدديبنا القدير قصي المحمود
بوركتم وبورك نبض قلبكم النقي
احترامي وتقديري
التوقيع
قبل هذا..ما كنت
أميـــز..
لأنك كنت تملأ هذا
الفراغ..صار للفراغ
حيــز.!!