آخر 10 مشاركات
العلة في العروض(علل الزيادة) (الكاتـب : - )           »          الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > مدرسة النبع الأدبية > قسم مدرسة العروض والقافية والطريق للشعر

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 08-15-2010, 03:09 AM   رقم المشاركة : 1
نبعي
 
الصورة الرمزية عبد الله جمعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله جمعة غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي الطريق إلى الشعر

الحمد لله وكفى , والصلاة السلام على النبي المصطفى
إخوتي وعشيرتي من ( آل النبع ) المشرق ؛
اسمحوا لي أولا أن أذكر لكم أنني قد بدأت بنداء ( الآل ) وليس ( الأهل ) فالآل كانت في أصلها من مادة ( أ هـ ل ) وأبدلت الهاء همزة وأدغمت الهمزتان فأصبحتا في حال المد ( آل ) وهي بمعنى الأهل إلا أنها أصبحت بحسب استخدامها – على اللسان العربي المبين - لا تطلق إلا على العزيز الشريف في قومه فلا نقول ( آل الإسكاف ) وإنما نقول ( آل الرسول – آل الزعيم – آل الأمير ) لذلك ولعلمي بأقداركم فقد ناديتكم بقولي ( آل النبع ) وأنتم أجدر الشعراء وأجدر مرتادي منتديات الإنترنت استحقاقا لهذا اللقب لما تتميزون به من رشاقة التعبير وقوة الفكر وعميق المعرفة والثقافة , ومن هنا جاء التفكير في إنشاء القسم فإننا – لا سمح الله – لا نعلم مبتدئين وإن كان هذا من ضمن أهدافنا ولكننا من خلال هذا القسم المستقل نسعى إلى اختلاق دائرة للجدل والتفاعل حول جميع العلوم الداعمة للمنتج الشعري , فليس تدارس الشعر مقصورا على تدارس العروض والقافية كما يظن البعض , فإن أوزان الشاعر واحدة من عشرات العلوم بل لا أبالغ إن قلت مئات العلوم التي يرتكن إليها الشاعر ليبتني فضاءه الشعري ويعمقه ويوسع رقعته حتى يصل إلى أن يرتقي سلم الخلود القولي ...
وعلى سبيل المثال لا الحصر فسوف نفتح دوائر جدلية حول علوم اللغة وعلوم النحو والصرف وعلوم البلاغة وعلم الأسلوب وعلوم المنطق والفلسفة والتاريخ وفلسفة التاريخ والفقه والشريعة والاجتماع وعلم النفس وعلم الحضارة والمدارس الفكرية الأدبية والنقدية في جميع أنحاء العالم وعمل دراسات مقارنة بين الآداب العالمية ودراسات مقارنة بين اللغات المختلفة مستعينين بكل من له باع وتخصص في هذا الأمر من أساتيذنا الكبار ومن ذلك مثلا أن نطرح نصا عالميا مثلا ونطلب من أديبنا وشاعرنا الكبير (عبد اللطيف غسري) أن يترجمه لنا لما له من باع عميق في ذلك ثم نضع أمامه نصا عربيا لأحد شعرائنا الكبار في المنتدى هنا ونقوم بعمل قراءات مقارنة بين النصين ونتداخل جميعا حول الطرح حتى نخرج منه بأدوات تدعم شاعر النبع وكل شاعر يريد أن يصل إلى منصة الإجادة فالدرس سيكون على نصوص شعرائنا الكبار في النبع ولن نطبق المبادئ العلمية والنقدية على نصوص عفا عليها الزمن وقتلت بحثا بل نحن في حاجة إلى أن ندرس على طاولة نصوص أدبائنا وشعرائنا الكبار هنا في النبع أو في الساحة المعاصرة حتى يكون الدرس طازجا شهيا ثم نمر على علمي العروض والقافية كفرع من فروع العلوم الداعمة للمنتج الشعري ... ثم نعرج على كل ما يدعم الفكر الشعري من علوم وإن استدعى الأمر أن نتجادل حول الذرة أو الهندسة الوراثية بما أتانا الله من معرفة حتى نصل بالقسم إلى أن يصبح تراثا تاريخيا يعول عليه في حركة التطور الشعري لتتحول إلى ثورة تغيير في تاريخ الأدب العربي المعاصر لما لعلماء هذا المنتدى من قدرات على تحويل مسار التاريخ الأدبي إن اجتمعوا وسيجتمعون بحول من الله وقدرته ومشيئته ,,, ولا أكون مبالغا إن ادعيت أن هذه الحركة سوف يسجلها تاريخ الأدب لما ستتميز به من تفرد وريادة
من هنا أقول ؛ نحن لا نسعى إلى أن نضع تلميذا وأستاذا – حاشا لله – ولكننا نسعى إلى أن نفتح عقولنا جميعا على بعضها البعض حتى يثمر هذا الفتح عن ميلاد عقلية أدبية كبرى قادرة على التأثير في المجتمع الشعري العربي وربما العالمي بمشيئة الله وتحول مساره وتنبه العالم أن في العالم العربي عقليات تستحق أن يتوقف عندها التاريخ ويلتقط ما تحدثه من انفجارات فكرية
إذن فالداخل هنا لن يدخل بغرض الدراسة بقدر ما هو داخل بقصد التدارس وكل متفاعل هنا سيكون مؤثرا متأثرا , فلا يوجد عقل على وجه الأرض لا يملك معرفة تفرد بها ومن خلال الضخ الفكري فسنكون كلنا هنا معلمين متعلمين مؤثرين متأثرين كبيرا وصغيرا ولا فضل لأحد هنا على أحد بل الفضل بعد الله سبحانه وتعالى سينسب لكل متفاعل بما يملك من فكر ... وحين سعينا إلى تسمية هذا القسم ( مدرسة الشعر ) إنما قصدنا أنها ستكون مدرسة مستقبلية لكل وافد جديد على المسرح الشعري يدخل هنا ليعلم أنه كانت هنا عقليات مفكرة أنشأت له مدرسة تورث في الفكر العربي الشعري والنقدي , فنحن نضع أساسا لصرح أدبي سيتحول في المستقبل إلى مدرسة تتعلم منها الأجيال وكان هذا هو القصد ... وحين أغلقنا قسم المحاضرات عن التعليقات لم نكن نعني غلق الباب على من يضيف وإنما حفظ تسلسل المحاضرات ولكننا إن وجدنا طرحا في قسم ( بين السائل والمجيب ) يستدعي أن ينقل إلى قسم المحاضرات ليصبح إضافة فسوف نقوم بنقله على الفور ليدخل سلسلة المحاضرات منسوبا لصاحبه فما كان التقسيم بغرض احتكار دائرة المحاضرات . نحن لا نسعى إلى أمجاد شخصية زائفة وإنما نسعى إلى مجد جماعي خالد يمجد كل من ساهموا فيه ويخلدهم ولنعلم جميعا أن خلود الفرد قادم مع خلود الجماعة , فاليد الواحدة التي تضرب على سطح الماء تنثر قليلا من الماء ولكن مجموعة الأيادي إن ضربت ضربة مجتمعة سوف تحدث إعصارا يحرك الأفق الشعري
هذه إطلالة أردت أن أضعها في صدر الحلقة الأولى حتى نبصر ما نحن مقدمون عليه ...
بارككم الله







آخر تعديل عبد الله جمعة يوم 08-15-2010 في 03:33 AM.
  رد مع اقتباس
قديم 08-15-2010, 03:53 AM   رقم المشاركة : 2
نبعي
 
الصورة الرمزية عبد الله جمعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله جمعة غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي الحلقة الأولى

قبل الخوض في غمار البناء الشعري كان لابد وأن نتساءل : ما مفهوم التجربة الشعرية ؟ ومم تتكون ؟ وما العناصر المكونة لها ؟ وكيف يمكن للشاعر أن يسعى إلى تمكين كل عنصر حتى يصل بتجربته إلى مستوى الشعر الحقيقي ؟
التجربة الشعرية : [هي ذلك الناتج الشعري الصادر من الشاعر إلى الجمهور المتلقي في صورة قصيدة محاولا من خلالها تمرير إحساس ما أوقيمة سلوكية بهدف التأثير في إدراك ذلك الجمهور ووجدانه من خلال إحداث الدهشة والمتعة .. ]
والتجربة الشعرية : لها عناصر مكونة لها انصهرت جميعها لتخرج في النهاية ذلك المركب الشعري الذي هو مزيج من تلك العناصر التي تداخلت في بعضها البعض أثناء عملية الخلق الشعري وفق معايير مقننة لها ..
مع ملاحظة : أن الشاعر يكون ملما بتلك العناصر وتلك القوانين متنبها لها أشد التنبه قبل دخوله ( اللحظة الإبداعية ) حتى لا تتوقف اللحظة الإبداعية للبحث عن قوانين تكوين الإبداع وإنما يتم استدعاء تلك الروافد من اللاوعي وبصورة آلية لا تتأتى إلا بعد مران ودُربة فلا يجد الشاعر عناء في تضفير تلك العناصر مع بعضها البعض ... فالتجربة الشعرية ( بنت اللاوعي من الوعي إلى الوعي ) بمعنى أن الشاعر حين يواجه مثيرا ما يكون واعيا وحين تنفعل له قريحته يبدأ في الخروج من حالة الوعي الكامل والدخول إلى حالة شبه اللاوعي لمعايشة وإنتاج تلك التجربة ثم الخروج إلى حيز الوعي بعد تحقق الميلاد الشعري ليعكف على تجربته واعيا مرة أخرى من أجل تنقيحها والسهر على تهذيبها وبلوغ الهدف المأمول منها ... وأنبه هنا أننا بعملنا هذا لا نتوجه إلى نوع من الشعر دون الآخر وإنما هو يعتني بكل ألوان الطيف الشعري فصيحا كان أم عاميا عموديا كان أم تفعيليا حتى ما طرح في الآونة الأخيرة من شعر منثور فسوف تمتد أطراف هذا العمل لتطاله وتغذيه , حيث وضعنا نصب أعينا أن لا عنصرية في الشعر , إذ أن التعنصر الشعري هو الذي أضعف هذا الفن وحوله ساحته إلى معترك مقيت استنفذ طاقات الشعراء إلى غير ما خلقوا من أجله ...
إذن ؛ إن نظرنا للتجربة الشعرية فسنجد أنها ترتكن على ثلاثة دواعم أساسية هي ( الانفعال والوجدان – الفكر والتدبير – الأداء والتعبير ] وسنتحدث عن كل عنصر من هذه العناصر على حدة موضحين كيف يمكن تنمية هذا العنصر وما العلوم والروافد التي تدفع هذا العنصر إلى بلوغ النضج الشعري ...

العنصر الأول ( الانفعال الوجدان ) :


عبرت في محاضرات كثيرة وفي كواليس الجدل الشعري أن الوجدان هو سيد التجربة وما كل عناصر التجربة الشعرية - التي سنورد الحديث عن كل منها بالتفصيل في الحلقات القادمة – إلا خادم يعمل على حمل ذلك الوجدان إلى المتلقي ويمثل هذا الوجدان الفترة منذ بدء الاهتزاز النفسي لمثير ما سقط على سطح هذا الوجدان – داخليا كان أم خارجيا – وحتى يتسلم الفكر هذا التأثر النفسي ويعمل فيه ثقافته ووعيه وخبرته فيعيد ترتيبه وتنسيقه ... أو بمعنى آخر فترة الحضانة الشعرية التي تبدأ منذ التأثر بالمثير حتى التعبير عنه في صورة قصيدة
والوجدان الشعري نوعان :
الأول : وجدان خفيف ذو سطح رقيق سريع التاثر بأقل المثيرات التي تسقط عليه تماما مثل السائل الخفيف الذي يتوتر سطحه لأقل الأشياء وأخفها وزنا إذا سقطت عليه . ( نظرية توتر السطوح الفيزيائية )
وذلك الوجدان حقيقة هو معيار الحكم على الموهبة الصحيحة ومقياس الفطرة الشعرية السليمة فحين نستمع إلى شاعر مبتدئ جاء يتعلم أصول الشعر لا نملك من مقاييس للحكم على شاعريته سوى الوقوف على ذلك الوجدان الفطري حيث أن عناصر التجربة المتعلمة لا تكون قد ظهرت لدى هذا الشاعر , فنقف على أهم ما يشغل وجدانه وكيف يتناول ذلك الوجدان تفاصيل الحدث ودرجة استجابته لمفردات الحدث كما سيأتي تفصيله في هذه الحلقة
وهو ما يدفعني إلى القول بحكم لا يقبل الجدل أننا نحكم على صدق ونقاء الموهبة من خلال صدق ونقاء الوجدان وقدرته على التقاط أدق المثيرات لا بقدرته على التأثر بأقوى المثيرات .. فالوجدان الذي ينفعل لأقل المثيرات التي قد ترى تافهة حين يتعرض لمثير من العيار الثقيل فإنه يحدث أعاصير شعرية خاصة إذا وقف على أصول التجربة وكيفية إقامة البناء الشعري .
ولنكون موضوعيين سأضرب مثالين على هذا النوع من الوجدان ؛ أحدهما تراثى , والآخر عصري حتى نقف على كيفية الحكم على ذلك الوجدان بأنه من ذلك النوع الخفيف سريع التأثر
مثال تراثي :
( ذلك عنترة بن شداد سيد شعر الفطرة النقية بلا منازع عبر تاريخ الشعر العربي قد تأثر بالذباب وهو مثير تافه قليل الشأن لم يلتفت إليه وجدان شعري آخر ولكن وجدان عنترة أبى إلا أن يتأثر بهذا المثير وانفعل له وعبر عنه بواحدة من أروع الصور في تاريخ التصوير الشعري العربي إذ قال :

وخلا الذباب بها فليس ببارح غردا كفعل الشارب المترنم
هزجا يحك جناحه بجناحه قدح المكب على الزناد الأجذم
ولنتصور رجلا مبتور الذراعين يمسك عصاة بين عضديه تتأرجح منه ولا يستطيع لها تثبيتا فالذباب الذي يحك جناحيه في بعضهما البعض إنما هو شبيه ذلك مقطوع الذراعين ...
وحقيقة الأمر ؛ إن الوجدان القادر على التقاط ذلك المثير حين يتعرض لمثير قوي فلن ينفعل له انفعالا قويا فحسب وإنما سيكون قادرا على إحداث إعصار شعري وسيكون أيضا قادرا على التقاط أدق تفاصيل المثير ونسجها ووضعها داخل الإطار التعبيري بما يخدم دقة الصورة الشعرية ...
وهذا النوع من الوجدان يمر في رحلته الشعرية بمرحلتي نضج متتاليتين هما :
1 – المرحلة الفطرية البدائية :
وهي تلك المرحلة التي يتحرك فيها الشاعر بفطرته الوجدانية على حالها البكر غير مدعومة بنوع من الوعي أو النضج الفني وهذا ليس عيبا وإنما على الشاعر في تلك المرحلة أن يتخذ من هذه المرحلة سلما لارتقاء المرحلة الأعلى كما سيلي ...
وسأضرب مثلا بشاعر عامي سكندري توفاه الله قريبا قبل أن يخرج من تلك المرحلة حيث لم يجد من يأخذ بيده ليبلغ مراحل النضج الوجداني التالية ... شاعر اسمه ( عبد الحميد رمضان ) رحمه الله لو كان القدر أمهله ووجد من يوجه تجربته الفطرية إلى النضج الوجداني لأصبح واحدا من قامات الشعر العامي في العالم العربي .
فقد كان – رحمه الله – ذا سطح وجداني أملس شفاف يتأثر لأقل المثيرات ويتوتر لها وكان وجدانه قادرا على التقاط أدق تفاصيل المثير يقول في إحدى قصائده بالعامية المصرية :
شايله الواد بتطبطب فيه
تدعي المولى عشان يهديه
أصله ولدها الغالي عليها
الابن الغالي الله يخليه
نِنّه نام , نِنّه نام
يابني وادبح لك حمام
فزّ الواد من نومه وقام
قال لها يامَّه قولي لي بكام
دا احنا الفول بنجيبه بعافيه
واللا وعودك بس كلام
طب ما تقولي نجيب لك لقمه
ونغمسها بملح طعام
أحسن نحلم باللي ناقصني
عقلي يشت يا ست حرام
سايق ربي عليكي يا شيخه
إن تشدي ف بطني حزام
وامّا نعيّط تبقي تقولي
رايحه نجيب لك لقمه قوام
راحت في النوم المسكينه
أما الواد
ما عرفش ينام

وقد ضربت المثال بهذا الشاعر وتلك القصيدة لثلاثة أهداف :
( أ ) إظهار مدى الفطرة النقية في تناول الحدث على الرغم من عدم دعمها بأي داعم معرفي أو فكري فالتجربة بسيطة بساطة الحدث ذاته
(ب) إظهار مدى شفافية السائل الوجداني عند هذا الشاعر وقدرته على الانفعال بالمثير وإن كان تافها وتحويله إلى تجربة قد تؤثر في المتلقي بمنتهى القوة تماما كعنترة حين وصف الذباب
(ج) إثبات أن عملنا هذا ليس القصد منه التعنصر لنوع معين من الشعر وإنما كما أعلنت في بادئ كلامي إن أطراف هذا العمل ستمتد لتطال كل ألوان الطيف الشعري
نقف هنا على تلك التجربة ونسأل : ما المثير الذي حرك وجدان الشاعر ليخرج لنا تلك التجربة ؟ بالنظر إليها سنجد مثيرا قليل الأهمية عند الكثيرين منا يمر علينا مر الكرام دون أن نلتفت له ممثلا في غناء موروث شعبي تغنيه كل أم لوليدها كي يدخل إلى سكرات النوم .. تنشدها الأم الغنية لابنها والأم الفقيرة أيضا المعدمة التي لا تملك قوت يومها . وعلى ضآلة حجم المثير إلا أن السائل الوجداني الخفيف للشاعر ( انظر نظرية توتر السطوح الفيزيائية ) قد التقطه وتوتر له وانفعل به والتف حوله ليعالج به قضية من أهم القضايا المعاصرة وهي الفقر ... وأقول ؛ لو كان القدر أمهل هذا الشاعر وعاش ووجد من يوجه طاقته الشعرية لأصبح واحدا من هؤلاء الأساطين الذين أثروا وجداننا من شعراء العامية الكبار .
2 – مرحلة النضج الوجداني الموجه :
في هذه المرحلة يكون الشاعر قد أدرك أنه يملك ذلك النوع من الوجدان سريع التوتر والانفعال لأقل المثيرات – سواء أأدرك ذلك بعين ذاته أم هناك يد تولته ونبهته وسعت إلى توجيهه – ومن ثم فإنه يتجه طواعية إلى المرحلة الثانية من مراحل النضج الوجداني وهي مرحلة النضج الوجداني الموجه حيث يكون على التوازي قد بدأ في دعم رافده المعرفي الفكري حيث سيأتي إيضاحه في العنصر الثاني من عناصر التجربة الشعرية ( الفكر ) ومن ثم يبدأ في توجيه هذا الوجدان إلى القضايا التي تمس مجتمعه بصورة أكثر وعيا وعمقا ...
ولنضرب مثلا بشاعر سكندري عامي آخر – ومع سياق المحاضرات سوف ندخل إلى دائرة مبدعينا من شعراء النبع حتى نتخذ منهم مضربا للمثل ودائرة للتدارس – هو الشاعر السكندري " عادل عوض سند " ذلك الشاعر الذي وصل بتجربته الوجدانية إلى مرحلة النضج الوجداني الموجه حيث نجح فكره الناضج في توجيه وجدانه إلى الاقتراب من التجارب والمثيرات القومية فأحدث وجدانه قوة هائلة من الطاقة الشعرية التي أثرت وما زالت تؤثر في مجتمعه المحيط ... وسأستعرض لكم واحدة من قصائده بعنوان ( جرعة وطن ) لنقف على مكمن النضج في توجيه الوجدان الشعري لديه
فوق اللي فاضل
من حصيرة فرشتي
مددت رجلي المتعبة
ورجعت بالضهر لِوَرَا
وإيديّه خلفي مشبكه
دارت عينيه بدمعها
تفحص حيطاني الأربعه
في أوضه فاضيه مخربقه
ومحاره تنفر رملها ..
مع كل خطوه مسربعه
لابن الجيران
تعمل موسيقى ع الورق
جنب الحيطان
أوراق جرايد مهمله
بابرم ساعات
منها الكتير
ونسد بيها
شقوق في بابي مبينه
كل اللي رايح واللي جاي
واهو ..
منها بافرد ع الحيطان
علشان ما اعلّق هدمتي
مسمار .. وشابك بنطلون
مش فاكره .. كان
من أي لون !!
قرب يقع
رغم الجيوب الأربعه
ما شافتش عمله من زمن
ورموز لمصر الخالده
صوره قديمه للهرم
والنيل كمان
فوق منّهم
صورة ( جمال )
ورف شايل كام كتاب
هلكان ومال
على كرسي راحت قاعدته
ورجل واقعة من سنين
خاصمت وسابت ركبته
باشحطها في الباب وأقفله
والراس تدور
وأقول خلاص حان الأجل
والعين تحس بزغلله
وأحس صدري بينقبض
آخد شهيق
بتراب وفيه ريحة البلد
تزفر عينيه بالدموع
تسأل تقول :
فين البلد ؟
ويجيني صوت راديو الجيران
واسمع بقى
( مصر التي في خاطري وفي فمي )
ما اعرفش ليه رغم الشقا
( أحبها من كل روحي ودمي )
وامسح دموعي بجلد كتفي والتقي
جرنان قديم .. بنداري بيه
كسر القزاز
مكتوب عليه !!
( عدم المساس )
ووعود ماليها أي صحه من الأساس
تاريخه من عشرين سنه
أبلع في ريقي اللي ساعات
بيمرره تصريح سخيف
وابعد براسي وابتسم
لما لقيت حكمه تقول :
( الصبر مفتاح الفرج )
وكنت صابر ربما ؛
ييجي الفرج
واسمع لجلد البطن صوت ؛
لما افتكر شيء من رغيف
فاض من فطار يوم التلات
وأمد إيدي ننفضه
من نمل فيه عشش وبات
يكسر صلابة لقمتي
عند الحياه
اللي خلاص راح تنتهي
ما اعرفش فاضل فيها كام
يمكن يكون ؛
فاضل لي يوم
أو بعض يوم
أصل الطبيب حدد وقال :
آخره الخميس
يعني النهارده
وقول ساعات
وح ينتهي مرضي الطويل
اللي انكتب فيه صفحتين
تقرير لمدمن مات حقير
سطره الأخير
فيه كلمتين :
( تعاطى جرعة زائدة ..
من شيء خطير ..
أنهى حياته البائسة )
وبحبر تاني مختلف
كان بين قوسين :
( شامم .. وطن )
ولسه صوت راديو الجيران ؛
بيقول غنا
كان الأجل لحظتها حان
آخر نفس ..
( من منكمو يحبها مثلي أنا )
مثــ .... لي ... أنـــــــــــــ ؟ !!!

إن هذا القصيدة تمثل زلزالا مدويا يهد أركان النفس البشرية المتلقية لها ويحقق مقولتي – أن الشاعر قوة مؤثرة في سلوك المجتمع المحيط – وقد تكون قصيدة كهذه قادرة على تحريك وجدان أمة بأسرها .. لننظر إلى الدقة المتناهية في التقاط الصورة بأدق تفاصيلها . كل التفاصيل والانفعال الصادق لكل مفردة من مفردات اللوحة الكلية التي تقوم على نسج تلك التفاصيل . ثم ننظر إلى ذلك النضج الموجه الذي يوظف كل جزئية في مكانها الملائم من اللوحة مهما كانت هذه الجزئية متناهية في الصغر ومرجع ذلك إلى ذلك النوع من الوجدان الموجه القادر على تحريك الانفعال وتوجيهه إلى طاقة خلاقة تعالج قضايا المجتمع المحيط وتؤثر في سلوك أهله
انتظروني في الحلقة القادمة نتحدث عن النوع الثاني من الوجدان ( الثقيل ) وكيف يكون انفعاله باردا تجاه المثير حتى وإن كان المثير قويا وفي انتظار تساؤلاتكم في باب ( بين السائل والمجيب لنتحاور حول هذه الحلقة )






آخر تعديل عبد الله جمعة يوم 08-15-2010 في 04:08 AM.
  رد مع اقتباس
قديم 08-15-2010, 04:31 PM   رقم المشاركة : 3
نبعي
 
الصورة الرمزية عبد الله جمعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله جمعة غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر



الثاني : وجدان لزج ثقيل السطح لا يتوتر إلا للمثيرات العنيفة وعلى قوتها فإن توتره يأتي لزجا ثقيلا يرهق التجربة ويخنقها في مهدها فتخرج باردة لا نستطيع الانفعال لها وهذا الوجدان يعرض لنا نوعا من الكليات باهتة التفاصيل ,
انظروا معي جزءً من قصيدة قرأتها في أحد الدواوين بعنوان " أنشودة مصرية " :
مصر في القرآن ... والإنجيل ذكر يتردد
مصر رسم في الفؤاد ... المصري دوما يتجدد
سجل التاريخ مجدا ... يروي عن مهد الحضارة
وأبو الهول سيبقى ... شارحا أصل العمارة

والقصيدة كلها على هذه الوتيرة ... وبعقد مقارنة بسيطة بين هذه القصيدة وقصيدة الشاعر " عادل عوض سند " دون الدخول في تفاصيل نقدية نستشعر التباين الشديد بين التجربتين هذا وطني وذاك وطني هذا يحب وطنه وذاك يحب وطنه هذا يرى في وطنه الخلود والعزة وذاك يرى في وطنه الخلود والعزة رغم المعاناة ولكن أحدهما وجدانه ثقيل لزج سطحه لا يتوتر إلا ببرودة وضعف والآخر سريع التوتر سريع الانفعال يملك وجدانا شفافا يلتقط أدق التفاصيل كما عبرنا من قبل , أحدهما عرق فما اخترق والآخر احترق فحرق ... كلاهما يملك وجدانا شعريا ولكن الفرق شتيت ...
هنا أقول ؛ على الشاعر أن يقف على مدى قابلية وجدانه أو لنقل على من يرعى الشاعر أن يوقفه على مدى قابلية وجدانه على التأثر بالمثيرات دون أن يخدعه أو يخادعه ودون أن يصنعه أو يصانعه , وقديما ذهب رجل إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي ليعلمه العروض والقافية , فجعل الخليل يشرح له والرجل لا يفهم فلما مل منه الخليل قال له : " قطع البيت الآتي تقطيعا عروضيا [ إذا لم تستطع شيئا فدعه - - - وجاوزه إلى ما تستطيع ] ففهم الرجل أن الخليل قد مل منه فانصرف ولم يعد مرة أخرى . إذا فعلينا نحن النقاد أو كبار الشعراء الذين خاضوا التجربة وخبروها أن يكونوا حاملين لأمانة الحكم على ما يقبل من راغبي نظم الشعر فنوجههم بأمانة إلى الاستمرار في كتابة الشعر أو تركه إن لم يكن فيهم رجاء , وقد خبرنا كيف يمكن تقييم الفطرة الشعرية لدى الشاعر قبل أن يتعلم أصوله وروافده فإن كان من ذوي الوجدان الشفاف سريع الانفعال فلنشجعه وإن لم يكن فلنوقفه ونوجهه إلى شيء آخر قد يبرع فيه من هنا نكون قد ضمنا أمرين :
1 – عدم خداع إنسان وتركه يخوض طريقا لن يبلغه
2- تفريغ الساحة الأدبية من تلك الفئة التي كادت أن تخنق الشعر الحقيقي من المتشعررين وللأسف الشديد إن من هذه الفئة من نجح في اعتلاء المنصات الأدبية بوسائل غير شرعية وأصبح يملك دفة الأمور على الكثير من تلك المنصات وبالتالي فقد فتح الطريق أمام تلك الفئة المتشعررة لضمان كثرة الأنصار والمريدين ولدعم تواجده على الساحة .
وتكمن خطورة هذه الفئة في أنها تغري شباب الشعراء الموهوبين حقا الوافدين على الساحة لتعلم أصول الشعر أن ينصرفوا عن علوم الشعر وروافده وهذه الفئة أصبحت كالشيطان ييسر المعصية على الإنسان الضعيف فحين يبصر ذلك الإنسان طريق الخير ويراه طويلا شاقا يقصر على نفسه المسافة . فكم من مواهب ماتت بسبب تلك الفئة الضالة المضللة ونحن الذين صنعناهم بعدم فلترة الساحة الأدبية حتى نمنع تواجدهم بالحسنى وباللطف كما فعل الخليل بن أحمد الفراهيدي .
وقد هالني أحد هؤلاء ذات مرة وهو يجلس على إحدى المنصات الشعرية التي دعيت إليها لمناقشة ديوان ما إذ يلقي محاضرة يقول فيها أمام جمع من الشعراء الشباب , لماذا ترهقون أنفسكم لهثا وراء أوزان الخليل بن أحمد إنها تقتل الشعر فهل كان عنترة وامرؤ القيس يعرفون هذه الأوزان فينظمون عليها ؟ إن اختراعها لاحق للشعر ومن ثم فلا يجب أن نقيد أنفسنا بها ... فقلت له :
وهل أنت تملك فطرة عنترة أو امرئ القيس ؟ أتعلم أن الخليل بن أحمد الفراهيدي استقى تلك الأوزان من الشعراء العرب منذ قرن ونصف من الزمان قبل ظهور الإسلام وحتى عصره ؟ أتعرف معنى هذا ؟ إن معنى هذا أن الخليل بن أحمد قد ضبط أوزانه على فطرة هؤلاء , إذن فتلك الأوزان هي الفطرة العربية الصحيحة للشعر , بل إنه استقى تلك الأوزان من آلاف الشعراء وإذا كان كل وزن من هذه الأوزان يمثل فطرة ما فإن أوزان الخليل بن أحمد قد استوعبت كل الفطر الإنسانية وكل التموجات النفسية البشرية والتغيرات التي لحقت بعد ذلك أصابت التوجهات الفكرية مع تطور العصور ولكن الفطر الإنسانية واحدة فكلها تعرف الكره والحب والغيظ والعناد والتحدي ... إلخ ومن ثم فإن الفطرة الإنسانية التي تخرج عن هذه الأوزان فهي ليست بفطرة شعرية حقيقية ... فصمت الرجل وأمضى ليلته على منصته الشعرية منغصا مني وكأن لسان حاله يريد أن يقتلعني من على الأرض .... ويا للأسف ؛ إن الشاعر الذي ذهبت لمناقشة ديوانه كان شاعرا حقيقيا وأحوجه الأمر إلى منصة ذلك الرجل لاكتظاظ الجمهور أمامها فما يقدمه هذا الرجل على منصته يفتح شهية من يستسهلون طريق الشعر فيتكالبون عليه ... ولكن أعود فأقول نحن الذين صنعنا هذا بأنفسنا في أنفسنا إذ أخلينا لهم الطريق والساحات وقبعنا في أماكننا ننعي زمن الفن الجميل دون أن نكون تيارا لمواجهتهم ومقارعتهم الحجة بالحجة بل ومنا من أغلق على نفسه وعلى موهبته الشعرية الباب ودار في حلقة " مي و هند و سعاد " وظل يصف الناقة والأسد والصحراء ... ولم يتعاطَ مع متغيرات الزمان والمكان فكان سببا آخر في نفور شباب الشعراء الذين ينشدون أطرا شعرية تتواكب مع معطيات زمانهم ولم يجدوا استخدامنا لتلك الأطر رشيقا بما يسمح بتناول تجاربهم , فلابد علينا نحن أن نحببهم في الأطر الشعرية الأصيلة من خلال وضع النماذج الشعرية التي تتعاطى مع واقعهم نافذة من تلك الأطر فيقبلون عليها ..
من كل ما سبق أقول ؛ إن الوجدان الشعري لا يتعلم ولكنه يروض ويربى ويوجه نحو النضج . فإن لم يستطع الشاعر تطوير وجدانه إلى أن يصل به إلى مرحلة ( النضج الموجه ) التي ذكرتها فيظل محلك سر كما يقولون

فاصلة في الانتحار الشعري ؛
هناك ممن دخل على الساحة الأدبية ممن يبغون تعلم أصول الشعر وربما يكون ذا موهبة حقيقية إلا أنه يرغب في تيسير الأمر على نفسه وهو على عجلة من أمره يريد أن يكون شاعرا بسرعة فيسعى إلى اختصار المسافة والبدء من النهاية كما يقولون فيقع طواعية أو مضللا في إحدى دوائر الانتحار الشعري الآتية :
1 – الارتكاز على الفطرة فقط : حيث يتخذ فطرته فقط وسيلة لخوض غمار التجربة الشعرية غير عابئ بما يجب عليه من خوضه حتى يقف بين هامات الشعر
2- الهروب والانسحاب : حيث يتخذ من الهروب والانسحاب حيلة دفاعية متهما الساحة الأدبية الحقيقية بالجمود والعنصرية والتحيز ضد كل ما هو جديد في الشعر
3- شراء التجربة الشعرية أو استجدائها : حيث يتجه إلى أحد الشعراء الذين مهروا في صياغة الشعر ويخبره عن طبيعة الموضوع الذي يريد النظم فيه مستخدما إما الإغراء بالمال – وأنا أعرف نماذج كثيرة من هذا النوع تنتشر في الساحة الأدبية السكندرية التي أعايشها – وإما استجداء أصحاب الخبرات الشعرية بأية وسيلة من وسائل الاستجداء فيقوم الطرف الثاني بصياغة التجربة له ويمنحها له جاهزة فينشرها في الوسط الشعري ناسبا إياها لنفسه ...
فكم من شعراء وشواعر نالوا إعجابا زائفا من نقاد استحسنوا أعمالهم والعيب لم يكن في الناقد الذي يتعاطى مع النص الشعري المفرد وإنما العيب قلة ضمير هؤلاء , فلو أتيح للناقد أن يتعرض بدراسات مقارنة لمنتوج هؤلاء لعرف الفرق ولكن التعرض للعمل المفرد يجعل الناقد يصدر أحكاما فيأخذها هذا المدعي على أنها إجازة له ...
والناقد هنا ليس نبيا ؛ حتى النبي – صلى الله عليه وسلم – تعرض لهذا الموقف حين اختصم أمامه أخوان حول ميراث لهما فجعل كل منهما يقدم حجته في أحقيته فقال لهما النبي – صلى الله عليه وسلم – إنكم تختصمون إلى وإنما أنا بشر , فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة ... فما بالنا بناقد لم ير من هذا المعتدي سوى أعمال فردية متناثرة ...
وهنا أقول لهؤلاء ؛ لقد اخترتم دائرة الانتحار الشعري ولا مجال أمامكم سوى العودة إلى طريق الشعر الصحيح فقد تنجحون في تجميع ديوان بهذه الطريقة ولكن جمع أشعاركم ووضعها بين دفتي كتاب واحد سيكشف أمركم فمن يساعدكم مرة سيمل في المرة القادمة ومن ثم ستلجأون لغيره فيساعدكم ويكتب لكم تجاربكم وهكذا فتخرجون بمجموع شعري مشوه يكشفه النقاد سريعا ولن يرحمكم تاريخ الأدب فلو كان تاريخ الأدب بغافل ما دون ( السرقات الأدبية ) مارا بكل العصور

انتظروني في الحلقة القادمة نتواصل حول كيفية بناء اللفكر الشعري






  رد مع اقتباس
قديم 10-16-2010, 02:20 PM   رقم المشاركة : 4
شاعر
 
الصورة الرمزية الوليد دويكات





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :الوليد دويكات غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 الحديث السابق
0 أزاهير تفوح
0 نشيد الحالمين

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر

بوركت أستاذنا الفاضل
نفعنا الله مما أعطاك من بصيرة

تقبل إحترامي ومحبتي

الوليد







  رد مع اقتباس
قديم 02-22-2011, 07:17 AM   رقم المشاركة : 5
شاعر / عاشق للوطن





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :رمزت ابراهيم عليا غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 مسموح
0 أتكوّنُ من جديد
0 في غرفة التحقيق

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر

أستاذي الفاضل عبدالله جمعة
جهد في ميزان حسناتك
وتعب تشكر عليه
وعلم ينتفع به الآخرون
ودعني اتفاعل مع النص لا اصفق له / طبعا لك أصفق /
1 ـــ تحدثت عن التجربة الشعورية على أساس أنها هي العمل الأدبي فإنتاج الأديب نطلق عليه العمل الأدبي
وهو نتاج تجرية شعورية ( وهي الموقف من الحياة تعرض له الأديب وتفاعل معه وتاثر به وعبر عنه )
وقد تكون تجربة حقيقية مر بها الشاعر / شعر الخنساء ــ محمود درويش ـــ نزار قباني في رثاء زوجته .... )
أو تجربة سمع بها الشاعر وتاثر بها وعبر عنها / أحمد شوقي في قصيدة دمشق عندما قصفها المستعمر ..
سلام من صبا بردى أرق ..... ودمع لا يكفكف يا دمشق
سلي من راع غيدك بعد وهن .... أبين فؤاده والصخر فرق ؟

بشار بن برد في وصف المغنية وهو أعمى
حوراء إن نظرت إليك شقتك بالعينين خمرا
وتخال ما جمعت عليه ثابها ذهبا وعطرا
جنية إنسية أو بين ذاك أجــــــــــل أمرا

أعتقد أن كلمة بعض وغير لا تعرفان بال لأنهاما غارقتان في التنكير

مع حبي لك

رمزت







  رد مع اقتباس
قديم 10-28-2011, 12:28 PM   رقم المشاركة : 6
نبعي
 
الصورة الرمزية عبد الله جمعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله جمعة غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر

أخي الجليل | رمزت
أولا محبتي واحترامي الشديدان لك ولتفاعلك المثمر فقد شرفت أيما شرف بتوقيعك العبقري
ثانيا أنت هنا أخي النبيل تتحدث عن معيار الصدق في التجربة الشعورية أو الشعرية وهنا نفتح الآفاق على تساؤل هام للغاية ألا وهو " ما معيار الصدق في التجربة " هل هو معايشة الشاعر لها في عالم الواقع ثم صهرها وإخراجها في صورة عمل شعري ؟ إن قلنا هذا فقد ظلمنا الكثير الكثير من التجارب الشعرية ... فمعيار الصدق الحقيقي ليس بتعايش الشاعر مع موضوع التجرية وإنما هو معايشة التجربة ؛ بمعنى ؛ أن معيار الصدق في التجربة ليس لأن الشاعر قد عاشها في الواقع وإنما لأن الشاعر قد تعايش معها وتفاعل لها بصدق حتى وإن كانت غير حادثة في الواقع , وهنا يكون الصدق في قدرة الشاعر على جعلنا نصدق أنها قد حدثت لا في حدوثها في عالم الواقع ...
سأعود أخي لأفصل القول في هذه القضية التي أثرتها فهي جد خطيرة وهامة للغاية
تقبل محبتي وتوقيري لشخصكم الكريم






  رد مع اقتباس
قديم 10-29-2011, 07:27 PM   رقم المشاركة : 7
نبعي
 
الصورة الرمزية عبد الله جمعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله جمعة غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر



اللقاء الثالث

العنصر الثاني ( الفكر ) :

إذا كان الوجدان هو الفترة من بدء التأثر بالمثير إلى البدء في التفكير في كيفية التعبير عن هذا المثير , فإن التفكير هو المرحلة التالية لها , وفي الحقيقة لا يوجد فواصل صارمة تحدد نقطة البدء ونقطة الانتهاء فإن هذه العناصر تتداخل في حدودها فربما يبدأ التفكير في مرحلة ما من مراحل الإحساس فإنما جاء التحديد هنا للتوضيح ليس إلا ,
غاية الأمر ؛ فيمكن أن نقول أن التفكير " هو تلك الحضّانة التي تحتضن هذا الشعور " فهو الرحم الذي يستقبل تلك الحالة الوجدانية المخصبة حيث يوفر لها جوا مساعدا على نمو ذلك الجنين الشعري حتى تبدأ معالمه في الوضوح داخل الرحم الفكري وتتشكل ملامحه فيصبح مختلقا أدبيا ينتظر لحظة المخاض الطبيعية حين يبدأ الطلق الشعري ملحا على القوالب التعبيرية التي سنتحدث عنها في المرحلة التالية من مراحل التجربة الشعرية
وهنا نقف وقفة ونقول ( إذا كان الرحم الشعري – الفكر – غنيا بالعناصر الغذائية اللازمة لنمو هذا الجنين جاء الجنين لحظة الطلق – المخاض – تام النمو مكتمل الأعضاء لا ضعف فيه ولا نقص ومن ثم أصبح المولود معافى من كل عيب , وإذا كان ذلك الرحم فقيرا بالعناصر الغذائية جاء ذلك المولود مشوها ضعيف البنية والتكوين )
ومن ثم وجب على الشاعر تهيئة ذلك الرحم بالروافد المغذية حتى يضمن نموا طبيعيا لذلك الجنين الشعري ومن ثم يمر الفكر الشعري لدى الشاعر بأربع مراحل متتالية , ثلاث منها لا إرادية تأتي مع التغذية الفكرية المستمرة والرابعة اختيارية للشاعر الحق في خوضها أو تركها تبعا لما يرى من معطيات كما سيأتي تفصيله وهذه المراحل تكون بالترتيب على النحو التالي :
الأولى : مرحلة البحث عن روافد مغذية للفكر :
سأضرب مثالا بسيطا توضيحيا : ( إن تصورنا شاعرا أراد أن يجعل من محبوبته رمزا خالدا للحب فرمَّز لها بعبلة فإن لم يكن قد غذى فكره بتفاصيل شخصية عبلة التاريخية والنفسية فإنه لن يستطيع أن يستفيض في وصف تلك المحبوبة ... )
ومثال آخر : ( إن تصورنا شاعرا أراد أن يضرب مثالا على الاستبداد وتأصل قوى الشر الإنساني فإن كان رحمه الشعري يحمل مادة غذائية مثل [ راسبوتين ] فإنه سوف يمد ذلك الإحساس برافد معرفي حيث يستفيض في وصف تفاصيل شخصية راسبوتين )
ومثال ثالث : ( إن تصورنا شاعرا أراد أن يصف الوفاء الإنساني الخالد وكان رحمه الفكري مغذى غذاء وفيرا فإنه سوف يضرب المثل بشخصية مثل [ أنتيجوني ] كرمز للوفاء ويستفيض فلا يجد عائقا أمامه )
وهكذا فعلى كل شاعر أن يسعى إلى ملء مخزونه المعرفي حتى يجد التغذية اللازمة التي تحمل وجدانه وتمد بهما الطاقة التعبيرية وهنا أقف وأقول : هل للشاعر حدود معرفية يقف عندها أثناء عملية البحث عن روافد مغذية للفكر ؟ أقول : لا ... فالشاعر إنسان موسوعي المعرفة وليس له حدود معرفية يتوقف عندها فكل العلوم والمعارف الإنسانية حل مستباح له لدرجة دفعتني ذات مرة أن أقول : إن الشاعر لهو الإنسان الأول الذي أبيح له أن يهتك ستر كل العلوم إن لم يكن هو الساعي لاختلاق علوم معرفية جديدة ... حتى يتحول عقله إلى موسوعة يصب فيها كل خبرة حياتية سواء أكانت مقروءة أم مسموعة أم مرئية أم ملموسة .... إلخ فكل ذلك هو رصيد في المخزن المعرفي للشاعر وهذا الرصيد مع التفاعل داخل المخزن المعرفي ومع الهضم والفهم والتحليل والاستقصاء يتحول إلى عصاره منصهرة تمتزج بنسيجه الوجداني اللاإرادي حيث يتم استدعائه لا إراديا لحظة الإبداع ومن أجل ذلك قلت ( إن التجربة الشعرية بنت اللاوعي من الوعي إلى الوعي ) حيث أن الشاعر لا يوقف لحظته الإبداعية ليفتش في مخزونه المعرفي عن راسبوتين أو عبلة أو أنتيجون , بل يستدعى ذلك لا إراديا من خلال تآزر ( نفسفكري ) وفي نعومة تامة لا إرهاق فيها ولا معاناة ثم بعد الخروج من لحظة الإبداع بالمولود الشعري يعود إلى حالة الوعي الطبيعية ويعكف على مولوده بالرعاية والتنقيح إذ يبدأ في إعمال الفكر الواعي هنا في تهذيب وتنقية هذا المولود الشعري من أية شائبة تشوبه فيستدعي بعض المعارف والخبرات التي ملأ بها مخزونه وهي المرحلة التي اصطلح على تسميتها كثير من الشعراء والنقاد ( مرحلة الورشة الشعرية )
هنا أقول : أنا لا أطلب من الشاعر أن يكون عالما ببواطن الأمور ولكن على أقل تقدير – طالما هو صاحب الفن المؤثر في سلوكيات الناس – أن يلم بمفردات حياتهم ومعارفها حتى يصل إلى بلوغ هدفه المنشود ... أليس بين هؤلاء الناس الطبيب والمحامي والعسكري والمهندس وعالم الهندسة الوراثية والحرفي والسائق بل والمتسول أيضا ؟ إذن فعليه أن يكون قادرا على الوصول إلى هؤلاء واختراق حواجزهم النفسية ومن ثم فعليه أن يَخْبُرَ بخبراتهم ومفردات حياتهم
قلت : أنا لا أطلب من الشاعر أن يكون عالما ببواطن الأمور .. ولكن ما المانع إن استطاع إلى ذلك سبيلا ... إن المتنبي في العصر العباسي ومعه فئة من الشعراء اخترقوا الحجب واطلعوا على أسس علم الكلام الذي كان محرما على عوام الناس ولا يتطرق إليه إلا الخاصة النادرة من العلماء لما في هذا العلم خطورة وقدرة على إقناع الإنسان بالشيء ونقيضه في آن واحد على سبيل المثال ... فهل أحد منا كلف نفسه الآن بالبحث في هذا العلم على الرغم من أنه أصبح متاحا للعوام ؟ إن أخص خصائص المعرفة الشعرية أن يمتلك الشاعر أدوات علم الكلام حتى يكون قادرا على تهيئة العقول لاستيعاب ما يقول والاقتناع به ...
إن أول قاعدة كلامية تقول ( كل مخلوق يحمل في ذاته عوامل إثباته ونفيه ) فإذا اطلع الشاعر على هذه القاعدة وخبرها لاستطاع توكيد صحة الشيء ونفيه في آن واحد ومن ثم أصبح قادرا على الجدل والتناظر .. أليس الشاعر من أوليات أدواته القدرة على الجدل والتناظر ؟
وسأضرب مثالا لشاعر وقف عند هذه المرحلة ( مرحلة البحث عن روافد مغذية للفكر ) ولم يستطع أن يتخطاها ليصل إلى المرحلة التالية وهي ( مرحلة الامتلاء ) وسيأتي ذكرها تاليا :
هذا الشاعر هو واحد من الشعراء الذين هم أحياء يرزقون بيننا واسمحوا لي بعدم ذكر اسمه منعا للحرج وهو بالقطع بعيد عن دائرة النبع وإنما هو متواجد على الساحة الأدبية ومنتشر عبر شبكة الويب يقول في قصيدة بعنوان ( يا ليتنا كنا معه ) :
يحكي لنا جدي العجوز عن النبي
فيقول : صلوا على النبي
كانت قبائل يعرب
تكبوا على صنم يقال له هبل
نحتوه من صخر الجبل
هل بعد ذلك من هبل ؟
قاموا بتقديم القرابين السمان
ساقوا له العير السمان
ظنوا بصحبته الأمان
عبدوه دون الخالق
عبدوه دون الرازق

واللات والعزى
كانوا لهم عزى
ظنوا بهم فوزا
قالوا بهم زيفا
ليقربون لربنا زلفى

أما إساف ونائلة
فلهم فضائح يا صغاري هائلة
يحكى بأن إساف هم بنائلة
قد كان ذلك يا صغاري في الحرم
فأحالهم رب العباد إلى صنم
وبرغم ما اقترفا وما جنت اليدان
فإنهم ياللفضيحة يا صغاري يعبدان

برقت عيون أخي صلاح
وراح يسأل جدنا
هل جاء ذلك جدنا
في ثابت الكتب الصحاح ؟
وبدت نواجذ جدنا في ضحكة
من فيه جد ليس فيه سوى النواجذ
وقال في صوت حنون دافئ ؛
إني أراكم تعجبون لما أسامر
بل كل شيء يا صغاري كان جائز
وأد البنات جائز
ظلم البريء جائز
قطع الطريق جائز
شرب الخمور جائز
بيع العبيد جائز
كل شيء يا صغاري كان جائز

حتى أتى نور الحبيب المصطفى
خمدت مشاعل قيصر ثم انطفى
واندك كسرى بالقصور .. قد اختفى
لما بدا نور الحبيب المصطفى

وانهال جدي في البكاء
فأمطرت معه السماء
وراح يرفع ساعديه مرددا
رحماك يا رب السماء
الطف بنا فيما قضيت من القضاء
واهدي قلوب المؤمنين
ليعرفوا سبل الرشاد
يا من بحار العالمين له مداد
يا من قوائم عرشه
ما لها جد امتداد

وقعت عباءة جدنا من فوق ظهره
فأخذت أربت فوق ظهره
وأقول في صوت تقطع حشرجة
والنار في قلبي لهيب أججه
هون عليك يا جدي الحبيب
فهو الشفيع هو الحكيم ..
لكل مطبوب طبيب

ويواصل الجد العجوز كلامه
لو تعلمون أحبتي ماذا احتمل !
فلقد تحمل ما ينوء بحمله
أقوى جبل
القوم كل القوم قد آذوه
سبوه بل لعنوه واحتقروه
بالسحر والكهنوت يتهموه
قالوا أتتبعون شاعر ؟
قالوا أتتبعون ساحر ؟
ألقوا على ظهر الحبيب المصطفى
روث البهائم
ألقوا على درب الحبيب المصطفى
من كل سائم
(((( آذوه منذ ولادته )))))
صدوه في يوم هجرته
نبذوه علما ببعثه
منعوه في أن يبلغ للجميع
من بعض آي رسالته

ماتت خديجة ثم عبد المطلب
الكل هام وصدقوا فيه الكذب
أخذوا كلام الله لهوا بل لعب
لكن عين الله كلا لم تغادر موضعه
لكن يد الله كانت تكفكف أدمعه
البعض جاء من التخوم وبايعه
وحباه فضلا من لدنه على الملا
ما ضيعه
هزم الجيوش ولم يبارح موضعه
فإذا قوائم عرشهم في لحظة متصدعة
رفض الأكاليل التي جاءوا بها
ومرصعة
وقد ارتضى شظف المعيشة
كي يزيد روائعه
كان الخشين لباسه
ليف النخيل مضاجعه
ما كان مدرسة فحسب
وإن صدقت فجامعة
كان المعين إلى الصحابة والدنا والأربعة
قال الصغار بنبرة فيها الأنين الموجعة
ياليتنا كنا معه .. ياليتنا كنا معه

[ ملاحظة ] نقلت القصيدة كما هي بما فيها من سقطات معرفية ولغوية وعروضية وبنيوة من ديوانه مراعاة لأمانة النقل

والآن تعالوا لنقف على موطن الشاهد في القصيدة هنا وهو موطن النقص المعرفي الذي تحدثنا عنه والشاهد هنا قول الشاعر ((( آذوه منذ ولادته ))) اختلق الشاعر هنا مشهدا تاريخيا منافيا للواقع لإكمال النقص المعرفي عنده ... فالثابت تاريخيا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يتعرض للأذى بين قومه منذ ولادته فقد كان النبي مكرما بين قومه مرفوع الشأن وإلا ما لقبوه بالصادق الأمين وإنما بدت البغضاء والضغائن حين اصطدم بأحلامهم بعد إعلانه عن نزول الوحي عليه بدين جديد يحطم كياناتهم المشركة , وذلك في يوم الاثنين لسبع عشر خلت من رمضان للسنة الحادية والأربعين من ميلاده فيكون عمره إذ ذاك بالضبط [[ أربعين سنة قمرية وستة أشهر وثمانية أيام ]] وذلك نحو تسع وثلاثين سنة شمسية وثلاثة أشهر وثمانية أيام يوافق السادس من أغسطس سنة 610 ميلادية وقد وضح ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى : " إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان " { سورة الأنفال الآية 41 } أي في صبيحة يوم الثلاثاء 17 من رمضان وهذا هو السبب في تخصيص شهر رمضان بالصيام لأنه هو الشهر الذي كان يتعبد فيه الرسول في غار حراء ونزل عليه القرآن فيه لأول مرة .

الشاعر هنا دخل المرحلة الأولى من مراحل النضج الفكري حيث بدأ يبحث عن الروافد المعرفية المغذية لتجربته ولكنه دخل دائرة الإبداع الشعري منتقص من بعض تلك الروافد .. فهو يتخذ من الرافد التاريخي الإسلامي داعما معرفيا له ولكن هذا الرافد لم يكن ممتلئا بدرجة كافية فجاءت الدفقة في هذا الموضع وجدانية ولم تجد سندا معرفيا فسقط في تلك السقطة التاريخية .
كل هذا لا يضحد شاعرية الشاعر ولا يهدمها ولكنني أردت فقط أن أوضح كيف يجب على الشاعر أن يدخل إلى لحظته الإبداعية مسلحا بكل الدواعم المعرفية والفكرية حتى لا يقف عاجزا أمام عاطفة لا يجد لها داعما فيضطر إلى التخلي عنها أو التعبير عنها منقوصة


وهنا اسمحوا لي أن أسأل سؤالا استفزازيا : القصيدة السابقة فيها عدة سقطات معرفية قد تناولت واحدة منها فهل يستطيع كل منا نصب شباكه حول الداعم المعرفي عنده ليجد تلك السقطات ؟ حتى إن استدعانا الأمر للبحث في المراجع التاريخية التي تدور حول هذه الدائرة التاريخية المعرفية ... وهنا نكون قد حققنا هدفا رائعا فمن منا لم يطلع على تفاصيل تلك الدائرة المعرفية سيكون قد دفع دفعا إلى القراءة فيها فتحصل الفائدة ...

وإلى لقاء في الحلقة القادمة نتناول فيها المرحلة التالية من مراحل النضج الفكري وهي مرحلة ( الامتلاء الفكري )






  رد مع اقتباس
قديم 11-01-2011, 12:05 PM   رقم المشاركة : 8
عضو مجلس إدارة النبع
 
الصورة الرمزية شاكر السلمان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :شاكر السلمان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر

متابع لهذا العلم الجزيل

مع تقديري للرائع استاذنا عبدالله جمعة المكرم












التوقيع

[SIGPIC][/SIGPIC]

  رد مع اقتباس
قديم 11-11-2011, 11:12 AM   رقم المشاركة : 9
نبعي
 
الصورة الرمزية عبد الله جمعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله جمعة غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر

أخي الجليل الأستاذ | شاكر السلمان
أشكرك على تشجيعك وإطرائك وأتمنى من الله أن أكون عند حسن الظن






  رد مع اقتباس
قديم 11-11-2011, 11:15 AM   رقم المشاركة : 10
نبعي
 
الصورة الرمزية عبد الله جمعة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله جمعة غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: الطريق إلى الشعر

الثانية مرحلة الامتلاء الفكري :
قلنا أن الشاعر في مرحلة البحث عن روافد معذية للفكر يسعى بكل طاقته إلى تحصيل المعرفة من مختلف مشاربها وهناك نوعان من السعي نحو تحصيل المعرفة :
1 – سعي عام : ويمثل رغبة الشاعر الملحة في الاطلاع على كل معرفة تعن له أثناء حياته الواعية العادية
2- سعي خاص : حين تتملك الشاعر رغبة في التعبير عن أمر ما فإنه يسعى على المستوى الضيق فيحاول أن يجمع المعارف الداعمة لتجربته التي هو بصدد الخوض فيها ...
وسأضرب مثالا على ذلك :
قضية (سفن الحرية) التي هاجمتها إسرائيل قرب المياه الإقليمية الفلسطينية تفاعل معها كثير من الشعراء وخرجت تجارب كثيرة من انفجارات عاطفية ولكننا حين طالعنا الكثير من التجارب وجدنا الشعراء انقسموا إلى قسمين :
أحدهما : تناول الأمر من منظور عاطفي لم يخرج عن حيز التعاطف الوجداني وللأسف انتهى تأثير تلك التجارب بانقضاء الحدث على الرغم من حدتها الانفعالية فلو طلبنا من أحد الذين صاغوا تلك التجارب أن يعيدها الآن علينا ما انفعلنا لها كما انفعلنا لها في حينها ليس لأننا تناسينا الحدث ولكن لأن فورة الانفعال قد هدأت وانتقلنا إلى مرحلة التفكير فيما حدث , ما دوافعه و ما أهدافه وما الذي جعل الجيش الإسرائيلي يخص السفينة التركية بقتل بعض من عليها دون بقية السفن ولأن هذا النوع من التجارب الوجدانية البحتة غير المدعومة بدواعم فكرية لم يجب عن هذه التساؤلات فإننا اليوم في تلك المرحلة الفكرية لم نتفاعل مع تلك التجارب التي كانت ترن في الفضاء وقت وقوع الحدث
ثاينهما : تناول الأمر من منظور وجداني مدعوما بروافد فكرية تجيب عن تلك التساؤلات التي نحن بصدد التفكير فيها الآن حيث كان هذا الشاعر من خلال متابعاته لتوازنات القوى في المنطقة وبخفايا قضية الصراع العربي الإسرائيلي وإلمامه بدوافع بعض أصحاب المصالح من أطراف عربية لها مصالح أصيلة في تضييق الخناق على قطاع غزة إلى غير ذلك من فلسفات سياسية فأمد تجربته بتلك الدواعم الفكرية وبالتالي فإن تلك التجارب لم تمت بل كلما تليت علينا حركت فينا دوافع نفسية وفكرية وبالتالي كانت تلك التجارب أكثر أثرا وامتدادا وبقاءً
ولو تساءلنا عن السر الكامن وراء ذلك نجد أن هؤلاء الشعراء – النوع الثاني – منهم من بحث على المستوى الخاص في الروافد المعرفية للقضية أو هو كان ملما بتلك الروافد مسبقا في حياته الواعية هنا أقول إن هؤلاء الشعراء قد وصلوا إلى المرحلة الثانية من مراحل النضج الفكري وهي ( مرحلة الامتلاء ) وأقول الامتلاء لا الاكتفاء ... فمصادر المعرفة متجددة لا تنضب والشاعر الذي يظن في نفسه امتلاءً قد آذن بالخواء ... فمعينه الممتلئ اليوم سيستهلكه في التجارب المتعددة ومن ثم سينضب إن أوقف البحث عن المعارف المتجددة وكم من شعراء في مرحلة ما توقفوا عن الإنتاج الشعري أو ظلوا يدورون في حلقات من الجفاف الفكري يكررون أنفسهم في كل تجاربهم على تنوع الحالات الوجدانية فيها ليس لشيء سوى نضوب الرافد المعرفي عندهم .. ويكفي الشاعر أن يدخل تجربته وهو ممتلئ معرفيا بتفاصيل التجربة وهذه هي المرحلة التي أتحدث عنها ( امتلاء على مستوى التجربة ) بحيث يجد بساط التجربة واسعا ورقعتها الفكرية رحبة ولا يشعر بضيق المساحة الفكرية التي يتحرك فيها وجدانه فتتقيد حركته وكم من شعراء أخرين وقفوا في منتصف التجربة الشعرية الواحدة ولم يكملوها فماتت ولم تخرج لا لشيء سوى نضوب الزخم المعرفي القابع وراء الشعور والذي يمثل له دعما مستمرا فيشعر بضيق المساحة التي يتحرك فيها ولكن إن كان ممتلئا والمساحة الفكرية له متسعة وجد نفسه حر الحركة يتنقل أنى شاء بل ويمر من ممرات فكرية مبتكرة حيث يدعم ذلك المخزون المعرفي أيضا القوالب التعبيرية فيصل به إلى ابتكار التصوير والتجديد فيه واختلاق تركيبي طازج يجعل المتلقي في حال من اليقظة الدائمة أثناء تلقي التجربة الشعرية ... ولنقف هنا على ذلك الداعم المعرفي أمام عدة أمثال من الشعراء
الشاعر عبد اللطيف غسري في قصيدته ( قدر القصيدة ) يقول :

فكيفَ نُلامُ مِمَّنْ ليسَ تُرْعَـى= لهُ في الشِّعر نُـوقٌ أو جِمـالُ
وكيف يُقالُ ليـسَ لنـا ذِمـامٌ=وكيفَ يُقالُ فُـكَّ لنـا العِقَـالُ

الشاعر هنا يتملكه شعور بالنقمة على من نصبوا أنفسهم حكاما على القصيدة الشعرية وهم لم يشافهوا دائرة الشعر ولا يعلمون عنه شيئا . هذه حالة نفسية وتموج شعوري تملك الشاعر فكيف يخرج ذلك التموج الشعوري إن لم يجد له مادة فكرية خصبة تحمله إلى القالب التعبيري فبحث الشاعر في رافده المعرفي فوجد معرفة عربية مؤداها أن من ليس له في الأمر شيء كأنه يدخل فيما لا ناقة له فيه ولا جمل فاستمد هذا الرافد بمفرداته المتعلقة بالبيئة العربية وقام بجعله مطية للشعور الذي يتملكه وأخرجه لنا في تلك الصورة المبهرة ذات الإيقاع القوي الذي أشعرنا جميعا بمدى ضآلة من يقحم نفسه على الشعر ويدلي بدلوه الأخرق في مضمار الشعر فلا يخرج منه سوى باللوم لأنه لم يبلل حتى طرف إصبعه في بحر الشعر ,,,
وأكاد أجزم أن شاعرنا الكبير ( عبد اللطيف غسري ) لو لم يكن يملك ذلك الرافد المعرفي في مخزونه ما استطاع أن يصوغ لنا تلك الطاقة في هذا القالب المتفرد الطريف والمختلق
وهنا أقول : إن الشاعر يدخل إلى تجربته من حيث الدعم الفكري بين حال من ثلاثة :
(أ)أن يكون ممتلئا معرفيا من واقع حياته العامة حيث يكون مولعا بالاطلاع وملء المخزون الخبراتي فتأتيه التجربة فيطوع مخزونه المتراكم أصلا
(ب) أن يستشعر الرغبة في التعبير في موضوع ما فيتجه إلى الامتلاء المعرفي لهذا الموضوع قبل الشروع في اللحظة الإبداعية
(جـ) أن يدخل لحظته الإبداعية وبعد الخروج منها يبدأ في الاطلاع المعرفي حول موضوع القصيدة أو الفكرة الشعرية في مرحلة التنقيح حيث يبدأ في إدخال النسيج المعرفي داخل أنسجة التجربة
والحالات الثلاث السابقة إنما هي تتدرج من حيث قوة التجربة من أعلى إلى أسفل بنفس نوع الترتيب الذي أعلنته ... ولكن في كل الأحوال فإن التجربة الناتجة عن أحدى هذه الحالات الثلاث ستكون ولا شك أقوى وأكثر دواما من تلك التي تأتي مرتكزة على العاطفة وحدها دون داعم معرفي
ولنضرب مثلا آخر بأحدى الشواعر وهي ( هيام قبلان ) تقول في قصيدة ( أحتفي بالفتات ) :
تَرَفَّقْ.. تَرَفَّقْ.. "آه"..
" تُومَا.. ضَعْ إِصْبَعَكَ فِي الْجُرْحِ"
وَالْمَسْ عِطْرَ مَخَاضِي..
تَدَثَّرْ بِي.. بِشُهُبِي..
اِحْرِقْ صَمْتَكَ،
لو أردنا أن نسلخ الوجدان هنا عن الفكر لعثرنا على حالة وجدانية مؤداها أن الإنسان لا يعرف أن الجريح حي إلا إذا تحسس جرحه والحبيب لا يعرف أشواق حبيبه إلا إذا لامس أناته وشعر على الرغم من غيبوبة الضعف أنه حي وذلك بمشافهة الجرح فيئن الجريح فتظهر فيه الحياة
وإذا أردنا أن نسلخ الفكر بعيدا عن الوجدان لوجدنا داعما معرفيا في المخزون الفكري للشاعرة مؤداه أن أحد أتباع المسيح – عليه السلام – أراد أن يتأكد من حياة المسيح فوضع إصبعه على جرحه متأكدا من أن الحياة تنبض فيه
فاستدعت الشاعرة ذلك الدعم لمعرفي ثم طوعته كمطية للموجة الوجدانية التي أرادت توصيلها للمتلقي
وشاعر ثالث عامي مصري اسمه [ صلاح الكومي ] في قصيدة يعبر فيها عن خيانة أقرب أصدقائه له بعنوان ( إلى بدران ) يقول:

مقفولة يا كل الدواير
ع الضماير من سنين
وما بين حروفك
دايرتك حلقات
بتخنق في الخطاوي الممدودين
وانا عند محور الارتكاز
من عصر عصرك
وانتهي من كتر عصرك
في العضام الشقيانين

حالة من التموج الوجداني الذي يستشعر قوة الضغط النفسي والعصبي على الشاعر في نقطة محددة والإحساس بعدم القدرة على التحمل
وهناك داعم معرفي فيزيائي مؤداه أنه إذا تعامدت زاوية السقوط على محور الارتكاز يصل الجسم إلى أثقل وزن له
وكان هذا الداعم المعرفي داخل الشاعر من خبرات متراكمة ربما من حياته الدراسية في مراحلها الأولى ولكنه استدعاه فجاءة وبطريقة لا إرادية ليكون هو الحامل لهذا التيار الشعوري وجعلنا نتلقاه بأبهى صورة ممكنة
ملاحظة : تعمدت في الأمثلة السابقة أن أنوع بين الشعراء من الفصيح التقليدي إلى النثري أو الحداثي إلى العامي لسببين :
· لأبرهن أننا بعملنا هذا لا نتعنصر ضد لون من الشعر على حساب آخر
· لأوضح أن هذا البحث ممتد حتى يطال كل ألوان الطيف الشعري
من هنا أقول : إن إحساس الشاعر بالامتلاء الفكري نحو تجربته يدخله حيز التجربة آمنا مطمئنا أن لا عائق سوف يبدد موجته النفسية ويمنعها من الخروج إلى المتلقي ...
ألقاكم في الحلقة القادمة المرحلة الثالثة من مراحل النضج الفكري للشاعر ( مرحلة تحديد زاوية الرؤية )






آخر تعديل شاكر السلمان يوم 11-19-2011 في 04:36 PM.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذا الطريق ُ إلى النخيل الشاعر حسن رحيم الخرساني قصيدة النثر 13 08-29-2011 02:26 PM
رسالة في الطريق عواطف عبداللطيف الرسائل الأدبية 8 06-17-2010 02:33 PM
في الطريق إلى الحقل - قصة: عمر الحمود عمر الحمود القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية 8 05-14-2010 08:02 AM
آهات على الطريق حسن المهندس إنثيالات مشاعر ~ البوح والخاطرة 6 12-27-2009 03:32 AM
الطريق إلى الجنة سحر سليمان نبع الإيمان 1 12-25-2009 10:53 PM


الساعة الآن 08:55 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::