بعد أن جمعنا ما في جيبينا لدفع ثمن القهوة و نحن ننهي حديثنا عن الإمتحانات :
- لماذا تكتب بإسم مستعار ؟ الأ حوازي ، ماذا تقصد بها تحديدا؟
- أحس هذا الإسم الآن جزءا من شخصيتي ، و هو بطريقة أو بأخرى لتذكر أولئك الذين لم ينصهروا أبدا و إن تناساهم العرب دهرا.
- قومي و لم تكتب قصيدة واحدة عن الوطن ؟
- تريدني أن أكتب يا صديق عن الوطن ، عن أي وطن تريدني أن أكتب ، هل هناك وطن دون أنثى ؟ هل يمكنك أن تتصور كثبانا و بعض النخيل تتحدى الريح يسفعها بما حمل من رمال دون امرأة تلتحق لباسها البدوي و تطل عليك أو تستتر خلف خيمتها، وطنا؟ هل يمكن أن تتصور شاهقات العمارات تعكس بزجاجها الفضاء و تتعالى على أرصفة مبلطة بالإسمنت ، أو فلنقل بالرخام دون امرأة بشعر يلاعبه الهواء و قد كأنما قد من مرمر، وطنا؟ هل الشعاب و المنحدرات و التلال و الجبال و الوهاد و البحار و البرك دون امرأة بأنوثة مكتملة يغطي نصف ساقيها منظر شقائق النعمان بساطا أحمرا و قد راحت تلاحق أو تنأى عن زوج من الفراش يتراقص في ملكوت الحب، وطنا؟
الوطن يا صديق امرأة تحتل كل هذا بحب يأسرك برضاك فيحيلك طيعا خجولا هادئا عاقلا و غير عاقل في آن.
الوطن هو ذاك المكان الذي تسكنه امرأة ، الوطن حب أبدي ، بسمة ربانية استوطنتك منذ الأزل و حينما همت بالخروج للتمثل أمامك اختارت الضلع حتى تكون أقرب إلى القلب ، و منذ ان تركت مكان خروجها مفتوحا و القلب يهفو إلى عودتها من حيث خرجت ، هل تصدق إن قلت لك أن امرأة واحدة قد تعكس كل الوطن ؟
- قرأتك في قصائدك ، بحثت عن المكان فوجدته المرأة عن الزمان فوجدته كذلك في كل قصائدك ترتفع المرأة الى عالم التجريد لا سيما تلك التي كنت قد نشرتها بعنوان غربة سوالف.
- آه ذكرتني و الله ، كان الأستاذ قد أدرجها في الإمتحان بإسمي المستعار و كنت أضحك في خبث.
- هل أخبرته أنها لك؟
- لا لم أفعل ، أجبت و حللت القصيدة و حمدت الله أنه لم يطلب منا تعريف الشاعر و إلا كنت حينها أجدني في ورطة ، تعلم جيدا أنني لا أستطيع الحديث عن نفسي .
- نلت علامة كاملة اذن
- لا أدري ، هيا بنا معا ، قد نجد النتائج تم تعليقها ، فنرى النقطة ثم نعرج على منزلك.
سريع الخطو كعادته الصديق هذا ، وقفنا جنبا إلى جنب ، النقطة متدنية جدا ، لما ربت الأستاذ على كتفي:
- الأحوازي هذا شاعر قومي يا بني ، إننا لا نعلم العشق هنا ، إننا نعلم حب الوطن .
التفت إلى الصديق ، كان يبتسم في خبث.
لولا بعض النور المتسرب من أنحاء المعمورة كنت بكيت حال هذه الأوطان ولكننا نزرع بذور الأمل كي نعيش الوطن كما يجب أن يعاش بشقينا من ذكور وإناث
تحياتي وتقديري لك أستاذي العزيز
الماجدات ذوات الأقلام المتألقة أدبا و إبداعا: سولاف هلال - كوكب البدري - رائدة زقوت
مروركم أعطى للنص بهجة الوطن ، هي المعادلة الانثى الوطن ، كانت الانثى قبل ميلاد الوطن ، و كان الوطن فكانت الأنثى من ترسم طعمه و تلبسه جلالا و بهاءا ،
فائق الاحترام و التحية و التقدير.