هذا أنا د. طاهر عبد المجيد أسرفتَ في نُصحي وفي إِسكاتي وشطبتَ ما عندي من الحسناتِ ودخلتَ ذاكرتي القريبةَ خُفيةً متسللاً كاللصِّ في الظلماتِ ونبشتَ أوراقي لتعرفَ ما الذي أمليتُ من كتبٍ على رغباتي حتى بدت أفكارها مرسومةً كالوشم في صوتي وفي قسماتي يا صاحبي لو كان نُصحك مجدياً لرأيتَهُ يَنسابُ في عبراتي ورأيتني أُدمي جميعَ أصابعي ندماً على ما ضاعَ من أوقاتي تبقى النصيحةُ إن أتتْ من أهلها في وقتها سحريةَ الكلماتِ ما هكذا تُؤتى البيوت ولا تقلْ لي إنَّما الأعمالُ بالنياتِ فلكلِّ بابٍ مقفلٍ مفتاحه ولكلِّ أرضٍ موسمٌ لنباتِ يا صاحبي دعني أحاولْ مرةً أن أضبطَ الإيقاعَ في خطواتي وأعيد ترتيبَ الأمورِ كما جرتْ حولي بكلِ تجرُّدٍ وأناةِ فعسى الزمان يَفي ببعضِ وعودهِ وأرى على راحاتهِ بصماتي وأكونُ يوماً ما أريد وربَّما سَكب الزمان مِداده بدواتي وإذا استطعتُ جمعتُ من أخطائهِ حرِّيتي في القولِ والإنصاتِ وصحبتُ أجدادي إلى أزمانهم وشكرتهمْ مع خالصِ الدعواتِ ووهبتهمْ كلَّ الذي وهبوه لي فأنا جديرٌ باختيارِ صفاتي ليس التمسكُ بالقديمِ أصالةً بل رغبةً في صحبةِ الأمواتِ إن الأصالةَ أن نغايرَ ما مضى ونعيشَهُ عدداً من السنواتِ هيَ طرحُ أسئلةٍ تشدُّ عقولنا وعيوننا نحوَ الزمانِ الآتي وكذا المعاصرة التي فُجِعت بنا ليست سوى التجديد في الأدواتِ هي أن نعيش زماننا بطريقةٍ أُخرى تساعدنا على الإفلاتِ يا صاحبي والصدقُ خيرُ سجيَّة سأقولها بصراحةِ المرآةِ هذا أنا بمساوئي ومحاسني وبما نشأتُ عليهِ من عاداتِ إنْ كنتَ ترغبُ أن تدوم صداقتي لكَ أنتَ فاقبلني على عِلاَّتي أنا لنْ أكون كما تحبُ وتشتهي وعلى مزاجكَ لنْ أغيرَ ذاتي حرٌ أنا ولسوفَ أبقى هكذا حراً أديرُ بمفردي أزَماتي وإذا اضطررتُ فسوفَ أُبحرُ في غدي من غيرِ مجدافٍ ولا مرساةِ مستسلماً في رحلتي لإرادتي في أن أعيشَ كما أريدُ حياتي ولسوفَ أحياها كما لو أنَّها فرضيةٌ تحتاجُ للإثباتِ