زمن القهر

زمن القهر
د. طاهر عبد المجيد


تمضي الأيامُ ولا أدري
إن كان سينفعني صبري

أو أنِّي بعد محاولةٍ
أُخرى سأعودُ إلى الصفرِ

ويعودُ الليلُ كعادتهِ
يسقيني الخمرَ على الخمرِ

ويفتشُ صمتي ودموعي
عن سرٍّ ضاق به صدري

وبصدري أسرارٌ تَخشى
إن فَرَّتْ منه يد الغدرِ

وإذا ما بقيتْ فستحيا
تتجرَّعُ آلام الأَسرِ

أتمنَّى لو فَرَّتْ حتى
من جرحٍ يُفْتَحُ في ظهري

فلعلَّ الخوف يُغادرني
وينام كطفلٍ في حِجري

وتعودُ لتبني كلماتي
بفمي أعشاشاً كالطَّيرِ

تعبتْ قدمايَ ولكنِّي
لا أملكُ إلا أن أَجري

فالدربُ طويلٌ وأمامي
أحلامٌ أكبر من عمري

لا أدري كيف بمعجزةٍ
أُنجزها وأعيشُ كغيري

والعمرُ إذا ما قِيْسَ بها
لا يعدو حرفاً في سطرِ

عقلي المُرتاب يُحاصرني
بالشَّكِ ويُسرف في زَجري

وفؤادي يروي لي قصصاً
ورؤىً لِيَشُدَّ بها أَزري

ويقول ستفرج إن ضاقتْ
ما بعد العُسرِ سوى اليُسرِ

والله يقولُ بِمُحْكَمِهِ
إنَّ الإنسان لفي خُسرِ

إلا من آمن واستوصى
بالحقِّ وأوصى بالصَّبرِ

وشراعي المُتعب من زمنٍ
يحملهُ البحرُ إلى البحرِ

يمضي والبحرُ يقول لهُ
لا راحةَ إلا في قعري

فمياهي لا تُفضي أبداً
مهما أبحرتَ إلى البرِّ

أحلامكَ داؤكَ فاقتلها
وستُشفى منه على الفورِ

واقتلْ ماضيكَ لكي تحيا
بالحاضرِ منشغل الفكرِ

هو شرٌ يُخفي ظاهرهُ
ما لا تُحصيهِ من الخيرِ

وستعرفُ كم كنتُ مصيباً
يوماً وستعجزُ عن شُكري

أَقْتُلها؟ كيف سأقتلُها
بيدي وأفرُّ من الوزرِ؟

وشعوري بالذَّنبِ سينمو
في قلبي كجذوعِ الحَورِ

وسيكبرُ حتى يجعلني
من نفسي آخذُ بالثأرِ

إنْ كان الموتُ يُخلِّصني
مما أنا فيهِ ومن عُسري

أتمنَّى لو هي تقتلُنِي
وتُفتشُ عن أحدٍ غيري

في وِسعي العيشُ بلا ماضٍ
إن عاش النبتُ بلا جذرِ

وحياةُ المرء بلا حُلُمٍ
لا يوجد فيها ما يُغري

أعترفُ الآن على مضضٍ
أنِّي أخطأتُ بلا عُذرِ

أخطأتُ لأنِّي لم أحسبْ
أبعادي في هذا العصرِ

لم أسألْ عني مرآتي
أو ظلِّي السائر في إثري

وشطحتُ بأحلامي حتى
أصبحتُ وقد مَلَكَتْ أمري

ورمتني في ظُلمةِ سجنٍ
بمساحةِ مترٍ في مترِ

وكأنِّي أمسكتُ بحبلٍ
بالٍ يتدلَّى في بئرِ

قد رُبطتْ عُقدتهُ بِعَصَاً
تَتَأَوَّهُ من ألمِ النَّخْرِ

أتصارعُ وحدي مع وعدٍ
بالقطع ووعدٍ بالكسرِ

والوقتُ يُراوحُ بينهما
فكأنَّ اللحظة كالشهرِ

أخطأتُ لأنِّي لم أقرأْ
إلا ما جَفَّ به حِبري

وكتبتُ الشِّعْرَ ولم أبدأْ
من آخرِ بيتٍ في الشِعْرِ

وتركتُ سوايَ بلا سببٍ
يُقنعهُ أن يُكمل دَوري

أخطأتُ لأنِّي لم أطرحْ
أسئلةً تفتحُ لي ثَغري

أو تفتحُ جُرحاً في جسدي
كي أصرخَ في زمنِ القهرِ

وسمعتُ نصيحةَ من قالوا:
الشَّكُ بريدٌ للكفرِ

فبقيتُ كما كنتُ غريباً
عن أممٍ تصنعُ ما يجري

مُكتفياً بالعيشِ كطيرٍ
لا يحلمُ إلا بالفجرِ

وبحبةِ قمحٍ يأكلُها
وبرشفةِ ماءٍ من نهرِ

هلْ آنَ أوانُ مُراجعتي
لحياتي أم أكملُ سيري؟

وهل الأيامُ ستُمهلني
أم بدأتْ تحفرُ لي قبري؟

سَيحُزُّ كثيراً في نفسي
ويَعُزُّ عليَّ مدى الدهرِ

أنِّي سأموتُ ولي قدمٌ
لم تتركْ أثراً في الصخرِ

وقفات تفكرية تأملية في حياتنا
لابد أننا نقف كلنا معها كل حين
هي حياتنا الدنيا بمالها وما عليها ...
سلمت أناملكم والبوح العذب أيها القدير
دمتم بخير وألق
محبتي والاحترام



تثبت

بل تركت كلّ الأثر في قلوب هزّتها حروفك الناصعة الصدق
فتساقطت نبضاتها خاشعة
فما أجمل لغتك وهذا الإبداع البليغ الذي استخلص الياقوت من الثرى
سلم قلمك الذي حمل رسالة رفيعة سامية
تقبّل إعجابي وبيلساني الندي

ســلام مـن الله و ود ،
نـعم ، إنـه زمـن القهـر....!!
كـنت هنا مع الجمال ؛
حيث النور والروحانيات في فلسفة تأملية نفسها طويل...
ويبدو أن شـاعرنا قـد خبر كثيرا من نفوس الآخرين...
بـورك مـدادكـم
أنعم بـكـم وأكـرم...!!
كل عام وأنتم بخير
بوركتم
مـودتي و محبتي

قد جئت بألطاف الدر = صيغت بالحرف وبالطهر

أفكارك ذي فيها شجن = توصل للسعد بلا جسر

وسؤالات لك قد ينعت = كالدم قد جف على ثغر

يا طاهر انا في زمن = يحيا من فيه على الجمر

فملاذ الانسان دين = مرن يزهو عذب الصدر

يسقينا من جب التقوى = أعذب من شهد أو خمر

وسلام من قلب يسمو = لك أغلى من أحلى تبر

الله الله ما اروعك ما اجملك ماروع هذي القطعه ما اجمل هذا الشعر لا املك إلا ان اقول الله كل ما فيها رائع شكرا لك جدا

فعلا هو زمن القهر والتساؤلات والإجابات الغائبة

قصيدة ماتعة أبحرنا في مياهها العذبة وانتشينا من عطر أزهارها.
تقديري لنبض يراعك
وأزكى تحياتي

وفؤادي يروي لي قصصاً
ورؤىً لِيَشُدَّ بها أَزري

ويقول ستفرج إن ضاقتْ
ما بعد العُسرِ سوى اليُسرِ

والله يقولُ بِمُحْكَمِهِ
إنَّ الإنسان لفي خُسرِ

إلا من آمن واستوصى
بالحقِّ وأوصى بالصَّبرِ

نعم إن بعد العسر يسر مهما طال الزمن

في وِسعي العيشُ بلا ماضٍ
إن عاش النبتُ بلا جذرِ

وحياةُ المرء بلا حُلُمٍ
لا يوجد فيها ما يُغري

أعترفُ الآن على مضضٍ
أنِّي أخطأتُ بلا عُذرِ

أخطأتُ لأنِّي لم أحسبْ
أبعادي في هذا العصرِ

ليس لنا سوى الاحلام لنستمر ونتنفس

هلْ آنَ أوانُ مُراجعتي
لحياتي أم أكملُ سيري؟

اكمل سيرك شاعرنا القدير حماك الله


وأخيراً
في زمن القهر
بماذا ارد لا ادري


تحياتي

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور اسعد النجار     قد جئت بألطاف الدر = صيغت بالحرف وبالطهر أفكارك ذي فيها شجن = توصل للسعد بلا جسر وسؤالات لك قد ينعت = كالدم قد جف على ثغر يا طاهر انا في زمن = يحيا من فيه على الجمر فملاذ الانسان دين = مرن يزهو عذب الصدر يسقينا من جب التقوى = أعذب من شهد أو خمر وسلام من قلب يسمو = لك أغلى من أحلى تبر

هذه المشاركة استحقت أن تكون لتبقى
https://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=1999

أخي الشاعر القدير ألبير ذبيان:

أشكرك مرتين. مرة على اهتمامك بما أنشر ومبادرتك للتعليق عليه بأجمل العبارات ومرة ثانية على تثبيتك القصيدة. وكما قلت سابقاً هو أمر يسعدني ولكن يحرجني.

تحياتي ومودتي.