جالسٌ في غرفته الكئيبة قبالة الشباك ينفث بقايا دخان ، وشيئًا من تأملات الدجى تعتريه كلما لاح وميض يضيء من الشوارد ما تولّى ، وقد تراخت إحدى النوافذ خالية من الزجاج ، منها يسمع ما كان يتوارد إلى الآفاق من أزيزٍ تقشعر منه قلوب الواجمين ، أو رشقات رصاص من هنا وهناك ، أو صوت منادٍ وهو يقرأ قصاصة جاءته ينعى بها أحد الذين سقطوا من رفقائه أو جيرانه .
هنا دلفت إليه أمه توميء بيدها لا تريد إيقاظ الصغار النائمين ، هرع مسرعًا وهو لا يلوي على شيء سوى حبه
الجارف لها عساه يكون من البارين ، إذا بها تشكو من ألم في الفؤاد أوحاه " ضغط الدم " الذي قد لا يمهل صاحبه .
خرج والظلام الدامس يزيد الداء داءً لعله يعثر على من يسعف أمه وأنّى له ذلك وحظر التجول يحرق ما تبقّى من آمال الوقت الثمين ، لكنّه خاطر بروحه كي يصل إلى أقرب نقطة تفتيش ، وقبيل اقترابه بخطوات عاجلته رصاصة مرت من فوقه تنبيهًا ،
توقف وأخذ يلوح بخرقة بيضاء بيده الوحيدة .
حتى إذا وصل وهو يتمتم بالكلام مع أحد المترجمين ، قالوا له إذهب وسوف نبعث لك بالإسعاف .
رجع وجلس مع أمه ، مرّة يصبّرها ببعض خلجات ، أو يحكي عن الخاليات ، أو ، أو ....
وهي ترنو إلى وحيدها والدمع يكاد يفر من أحداقها .
ساعة ، وساعتان ، وثلاث ، ولا من مسعف ، حتى إذا بزغ الفجر وانقضى حظر التجوال أسرعوا بها إلى المشفى وقد أمسكت هذه المرة عن الكلام ، قال الطبيب لقد تأخّرتم كثيرًا ..... !!! ، وما هو إلا زمن حتى فارقت الروح السعيدة الجسد المتعب راحلة إلى بارئها تخبره – وهو أعلم – بما فعل المجرمون بفلوجة المؤمنين وأهلها الصابرين .
آب إلى غرفته ونافذته الحزينة الكئيبة ، ولكن ليسمع هذه المرة نعي أمه .
نحتاج لتوثيق فترة الاحتلال وما تلاها من حكومات كارتونية
ونسلط الضوء على مثل هذه الحالات التي تفضح الاحتلال
ورجاله الأشباه
كي لا ننسى..
رسالة لكي لا ننسى ولن ننسى
نحتاج لتوثيق فترة الاحتلال وما تلاها من حكومات كارتونية
ونسلط الضوء على مثل هذه الحالات التي تفضح الاحتلال
ورجاله الأشباه
كي لا ننسى..
رسالة لكي لا ننسى ولن ننسى