بغـداد الأزل .. بين الروح والمقل
عمر مصلح & سولاف هلال
أنين خاص
عـمــر
- يالها من صديقة مؤبدة .. صوتها أول ما أطلقناه حين الولادة ، ووحده سمير الوداع ، وذاته من يجلجل حين الفزع ... ألصرخة .. تلك المتكررة زمنياً ، والمكان حاضنة ، وما الضحكة إلا غيمة تائهة ترمي بعض حمولتها علينا ، لتخفف عن كاهلها.. وتمضي.
قالتها بصوت ثاكلة تستغيث
لاتدخري شيئاً لقادم الأيام .. هيا اطلقيها ، لتُثير دموع السماوت الملبدة بالهموم .. دعيها تأخذ مكانها بين جمهرة الأدعية المعطرة بالبخور ، في سماء بغداد المحروسة بالله .. أو هكذا افترضنا. هيا اطلقيها ، كتلك التي وشتْ بعشقك الأزلي ، حين رسمتِ صوراً لسن الرشد ، ومازلتِ رهينة المهد.
هذا ما ردده الصدى .. فأوجعني صمتي
ألعمر سكتة موسيقية بين الصرخة الأولى والشهقة الاخيرة
- هيا اطلقيها .. ودعيني أتشاغل عن نحرك الغافي على كتف الدلال ... يا أنتِ .. كفّي بريقَ النحر عن درب عيوني ، وادَّعي ، بأنه محض سراب ، واعصبي الزور برأس الهاجرة .. فالحيف أوغل بالقصائد والجراح ، وتخندق البوح خلف أشلاء الستائر .. علّني أهطل بوحاً ويفيض زقُ الروح .. بالخمر المعتق
حاولت سحب زندها من من تحت راسي المثقل ببنات أفكاري العانسات المتناحرات
- هل فرصة للعشق؟!. تلك كلابهم تنبح خلف سياجنا
- لا تقنطي من رحمته
لملمتْ بعض أوراق التوت لتغطي وجهي المغبرّ ، وأجهشتْ
-اية رحمة وقرةالعين ، مرقشة بالقنابل والاباتشي طردت النوارس
-ألمدينة خاوية على عروشها ، ولا أنسي بها إلانـــا
توسلتني
رتِّق دموعي بالأمل .. قل أنهم - ياعمري - مازالوا على قيد الــ هُنا
بكيتُ :
- حتى البيوت تناثرتْ
شهقتْ
- وهل البيوت الحافظات رسومهم .. ترمَّلتْ؟
- وأظنها قد قُوِّضتْ ت
كرر الصوت متكسراً في أرجائي
لا بد أن توهب الحياة الأبدية في عالم الكبرياء .. لمن تعمّدوا بماء الفراتين
أزحت أوراق التوت عن وجهي
- ألصمت وحده من تبرع ليكون أول شاهد على الجريمة .. والقاتل منتشياً , يُحصي الجوائز
- وهل سنشارك الصمت جريمة الصمت نحن أيضا .. هل ستقنعني فحولتك بمخدعي ، وأنت تنتحب؟.
- ألقابع في أقصى مخدعك ، ليس أنا .. بل هو انكساري
كمَّمَتْ فمي بيد ناعمة حنون
- أنت ضوء لاينكسر .. إلا ويستطيل
أزحت يدها بقبلة لاستجداء الكلام
- أنا عتمة في ناموس الفراشات
- بل أنت ضوئي الذي يغريني بالتجمهر عليك .. فتوهج ولا تخبو
- أتوهج!. أية كذبة تلك .. فأنا محض ميت موقوف التنفيذ
- أنت من علَّمني فنون العشق ، والأمل
هتف صوت من بعيد : كان كذلك
- ومايزال
صرختُ بأعلى صوتي
- كيف وقد أَخصَوني
( اسم الله والرحمن شبيك حبيبي .. خُطَم خضر الياس ) لقد أفزعتني وأنت تصرخ .. في عز نومك .. بما يزعج أنوثتي
مَسَحَتْ حبات العرق التي نزَّت من مسامات جبيني بيد ، وهزَّت كتفي بيدها الأخرى، وصوتها الدافئ يتسلل إلى مسامعي ..
فتحت عينيَّ على بصيص شمعة آيلة للخفوت .. وعطر حنانها يضوِّع مساحات شهيقي
استغفرتُ ربي ، وتمتمتُ بالمعوذات ..
تأملتني بعينين آسيتين ، وأشعلتْ لي سيكارتي بيد مرتعشة وقالت
- لابد أن نفعل شيئاً
- لابد أن نفعل شيئا .. هيا غيري ملابسك وتعالي معي
- إلى أين؟
- نبحث عنّا
- لكن السيارة تعمل بوقود .. لابالمشاعر
- لابد أن نتدبر الأمر
طاوعتْ جنوني ، ولسانُ حالها يتأسف على عجزي وانكساري
- لم توصنا الريح بالحرص على بقايانا حين كنا بين ثنايا النار
قلتها بثقة لاتلائم قلة حيلتي
قالت وبسمة من انقض على طريدة تعلو كلثوميتيها المتوردتين
- وَجَـدْتُـها .. وَجَـدْتُـها تَ
مَلملَتْ شياطيني .. فقلت غامزاً ، بخبث واضح
تعالي يا ( نيوتنتي) المبهرة ، لنلتقط التفاحة سويا
قالت بدلال
-غادر رغباتك أيها المراهق وتعال أريك اكتشافي .. هاهي دراجة فلاح حديقتنا .. لقد تركها عند أول زخة للرصاص .. وفر مرددا ( الؤمر مش بأزگا يازول ) ...
( وضحكنا ضحك طفلين معا وعدونا فسبقنا ظلنا )
أي ظل هذا ألبرد يعوي والجو غائم كلّي ، وجو شبقي غائم جزئي ورياحي غير معتدلة السرعة ..
تملّصتْ من يدي وراحت تجس إطارات واسطة نقلنا الجديدة ... نعم هي جديدة علينا لكنها بلغت من الكِـبَر عتيّا ، وانتزع الزمن منها كل شروط الأمان والسلامة .. كانت عبارة عن كديش حديدي ، أجرد ، سقيم .. بلا واقيات للطين ولا كفوف للدوّاسات .. وعلى قائدها أن يضع باطن قدمه على العجلة الأمامية ، حين يبغي التوقف ، بدلاً عن الفرامل التي تقاعدت عن العمل مذ عهد ( الكونت دي سفراك )
أردفتها محل ماكنة قطع ( الثيِّل ) ، فاحتضنت خصري وطرحت رأسها على كتفي بفرحة طفل .. ضغطتُ على الدواسات بعد أن رفعت بنطالي كي لا تتعشق أطرافه مابين الجنزير وعجلة الحركة المسننة .. فدارت العجلات تاركة أثراً على رصيف باب بيتنا كخط دلالة لاتجاه المسير ..
لفح الهواء البارد وجهينا ، فخبأتْ وجهها بين كتفيَّ .. أحسست بمشارط تمارس رسم شعوط على وجهي ، وأنفي شبه متجمد .. كان الوقت في تمام النشوة وبضعة خوف .. والليل تنازل خطيا عن سحنته وأعلن تخليه عن الحلكة.
يحدو شياطيني أملاً بسرقة النون من القنبلة ، في أول هدنة مع القلق.
أرعدت السماء ، وأجهشت بالرصاص ، والزمن ساعة رملية تشاكس الفراغ بالامتلاء.
إلى متى ..؟!.
سؤال يغوي القلق بالتطاول ..
كان زجاج النوافذ متخندقاً بعصيان شرس خلف الصمت .. فتوثبتْ الدمعة على قارعة اليقين ، عندما تناثر .. ليجرح أوراد الحدائق ... ويطرد العصافير.
ومع كل انفجار تتشنج اليدان المرتعشتان برداً وخوفا ، وتلتصق على ظهري كحقيبتي المدرسية .. يبز ظهري صدرها اللاهث ، وضرباته .. كحمامة خائفة قبل التربص بفُرضة .. قرع يزيدني قسوة على دواسات الدراجة. قالت شبه منتحبة ..
- اتذكر أمي؟
- أمك تلقفتها أيادي السماء قبل أن يعكر مسامعها ، نباح الكلاب
( ولك أقصد أمي عوطف عبداللطيف )
دعيها تزم شيلتها على نزف سيتوثب
لكنك قلت لها
- حين تتعطر البغدادية ببخور بدهن العود ، وشيئاً من الـ ( رشوش ) بين النهدين ، وتزم الشفتين على الـ ( ديرم ) ، وتؤطر أطراف الكعب بالحناء ، وتزين المعصم بالـ ( ملوي ) ، وتلف العباءة البالغة الحلكة على وسطها ، وترخي الخمار قليلاً ليزيد ( ميل ) المكحلة بريق العيون .. ترتبك الطرقات .. تكتظ العصافير على ( التيغة ) وتهمس لبعضها تعالوا نتعلم فون الدلال.
هاهي بغداديتك تتلوث بالدخان .. تـُرقَّط قميصها الشظايا .. تزمّ الشفاه على صرخة مقهورة .. تلونت كعوبها باللون الاحمر
تتزلزل الأرض إثر صوتٍ ، وغبار يحجب الرؤية .. كان الصوت مرعباً
- ماهذا - أظنهم قصفوا البيت المجاور لمطعم الساعة .. فالدخان يتصاعد من هناك
- ( ساعة السودة .. استعجل لخاطر الله راح نموت )
نموت؟.
وهل هنالك ثمة موت غير هذا!.
كلنا نموت .. أنا والملك والحمار .. ألحمار من الجوع ، والملك من التخمة ، وأنا من الحب
- دع ( جاك بريفير ) ك هذا ولاتتفلسف رجاءً
- كلنا نموت نحن والملوك والحمير .. ألحمير من البطالة ، والملوك من الخوف ، ونحن من الرغبة
- مراهق انت ورب الكعبة .. ولابد أن أسال حماتي إن كنت قد ولدت بتسعة أشهر ( لوسبيعي )
- إذاً سـنموت من الخشية
- وهل بقي ما نخشى عليه؟
-أجل ... ذاكرتنا التأريخية .. معاقل قوتنا المعرفية ، والأدبية .. بيوتنا .. وكل شيء.
– ضاع
- مالذي ضاع - كل شيء
ســولاف
أطوق خصره بيد مرتعبة .. أشعر بخطوط المقعد الحديدي المشبك الذي أجلس عليه خلفه قد تركت آثارها على مؤخرتي .. أتغاضى الألم .. أزداد التصاقا بجسده ، وكلما ازدادت سرعة حركة رجليه على دواسات الحركة .. أزرع وجهي في ظهره .. أركز في حاسة الشم لأجعلها أكثر حدة .. أريد أن أستخلص رائحة جسده من بين نسيج الثياب الثقيلة التي يرتديها .. يا إلهي.. أحتاج عمراً آخر كي أشبع من رائحة جسده التي تثير كل غرائزي صوت يأتيني من الأعماق .. ماذا لو مات أحدنا وبقي الآخر على قيد الفقد أشبك يدي على خصره بشدة وأردد (اسم الله ).
تبرق السماء بألوان حمر ، وصوت الصواريخ تصم الآذان .. فتتصاعد أعمدة دخان سود ، ورمادية .. حتى تكاد أن تعمي عين الشمس.
مقبرة سيارات بلا شواهد .. جموع غفيرة من السخام على الشوارع .. رتب عسكرية تتمرغ بالتراب .. آليات حربية مُعاقة .. عربات الباعة المتجولين منكفئة على قدورها .. يافطات المحال تمارس العشوائية على الأرصفة.
أهذه هي علاوي الحلة .. أهذا گراج النقل العام ، وما بال هذه القبة الخضراء القابعة أمامه أمامه كمزار شيخ فقد شرعية البركات !!!.
أهذه المحطة العالمية .. يا ألطاف الله ، هي الآن لاتمتلك من العالمية إلا اسمهــا ، منذ نست إكسبريس الشرق.
فالقطارات ، انتهكتها البساطيل .. وصارت عتّالاً ، يحمل ( اليطغات ) .. تجر العربات على سكك متآكلة ( الشيخ المَيشوّر يسمّو أبو الخِرَك)
يعود القصف .. تتزلزل الأرض حتى كدت أن أفقد سمعي .. صوت داعر ، لايقيم لحرمة بغداد وزنا
- تعجّل .. أرجوك تعجّل .. فأنا أشعر أن نهايتنا هنا .. في هذه المقبرة التي استضافت الإنسان والحيوان والنبات والجماد.
تتناثر علينا سخامات ، وأشياء لا أتبينها .. وزوجي يزيد من سرعة قيادة الدراجة ، لكنَّ شهيقه وزفيره كانا أسرع.
إجتزنا نصب سفينة النجاة التي لم تنجُ من عبث الصواريخ ، وأيدي الغرباء ، فانتحينا يميناً كي نلج الصالحية .. وقناعة رسخت بعقلي أن هذا القصف كان يستهدف بناية الإذاعة والتلفزيون .. .
وماهي إلا ثوان ، وإذا بالأرض قد خُسِفت بنا ... لحظتها رأيت صاروخاً يخترق واجهة المتحف الوطني. إرتفعتُ عن مقعدي قليلا ، ورميت بجسدي فوق حبيبي .. أجفلتُه .. كان يخشى علي من السقوط رغم أني سقطتُ في بحر الحزن منذ فَقدَ الوطن نضارته وبراءته ، التي كنا نرتشف منها نبيذ الفرح قطرة قطرة.
بمحاولة مني لتخفيف قلقي .. همست راجفة في أذنه .. أحبك
صرخ عالياً .. أحبك يا أغلى مني .. أحبك يا أشهى نساء الكون .. أحبك ياتوأم بغداد
ثم ........
كل ما أذكره .. هي تلك اللحظة التي تسجّينا فيها على الأرض قبالة المتحف ، وجسدي يغطيه تماماً ، وعجلتنا مرمية على مقربة من كلب سائب.
لا شيء يسلّي الروح غير الأنين .. سافروا بدروب تحظر الوداع .. تركتُهم ، ورجعت برفقة صفنات حزينة ، ودمعات محرقة .. ألليل يعوي ، والأعزاء يحثون الخطى نحو المنافي .
أصرخ به أنْ كف عن العواء .. وارحم الجدران التي حفظت رسومهم .. وسلّم عليهم وبلغهم بأنهم تركوني غريبة في غربتهم .. من سيوقد لهم المدافئ في صقيعك الظالم .. نذر عليَّ بأن أرقص لك ( بالهاشمي ) إن تريثت قليلاً أيها البرد .. دعني أرى موكب الرحيل قبل أن ينفق النظر ، وشمعاتي تنطفئ ولادمعة تسند ذبولها.
صحوتُ على صوت شخيره .. كان أشبه بحشرجة الموت .. فأرعبني صمته المفاجئ .... زوجي جثة هامدة تحتي ، وباب المتحف مغبرٌّ ، وثغرة هائلة تعلو جبينه ألباب اجفلته طرقاتهم فصرختُ ثاكلة .. ولا أدري كيف انطلق صوتي الذي أصابه الخرس أثناء القصف
- ياباب أنا ثكلى .. فارحم من توثبتْ للبكاء
أيها الباب .. لاتئن وأنت ترى فرحة ( رفرفة البردة ) ، بصوت مفجوع ..
تريث .. فماعادت انتظاراتي تجيد البسملة ، ولا الجسد التربى على دلال حبيبي يحتمل الوداع ..
كلّي يناديه .. يستغيثه .. يتوسله .. أنْ تعال ، لكنه صامت ، حرون
( ولك سمِّعْنِي كلمة .. ياأغلى منِّي )
أتضرع إلى الله
ما هذا حلم أم كابوس
بغداد تحترق
أرواحنا رماد ، والسنين أكلت أعمارنا وتركتنا على قارعة الحزن نلوذ بقلوبنا
وحده الحب من يمنحنا شهادة الحياة
أيها الباب .. إن الذين أوصدوك ، ليسو سجّانين بل هم إمناء على أجدادي العِظام .. ولقد انبقر جبينك
وأنا ملقاة على ظهر وثني ، مفترشين الأسفلت ، أحيطه بجسدي الذي مازال بضاً ، ينتظر مباركة كفوفه
ترى هل مات ؟.
لا.. إنه كالقطط لا يموت من أول ضربة
كما السماوات السبع ، والأرضين .. كما ألوان قوس قزح .. أقرأ له السبع المثان
يبدو انه غادرني بلا استئذان ابن أميرة هذا
أتوسلك أيها الباب أن تكون شفيعه ذات حساب
إنه كان ابن من تحرسهم عيناك ... فبحقهم عليك لاتدعه أن يفجعني
أيها الباب .. ألم تر نومتي عليه!.
ألا ترى آثار هداياهم تتوج رأسي بالقش والتراب!.
لا تتتخاذل أيها الباب .. أيها الأب الحريص على بقايانا ، و تراثنا ، و .. نحن
تماسك أيها الباب ولا تسمح لهم بفض بكارة شرفك
هانحن أنا وابن شهقات روحي نفترش الأسفلت ، نلتهم التراب .. نراود الصمت عن نفسه ، كي نصرخ أو نستغيث .... لافراق
أصيخ السمع لضربات قلبه ما زال ينبض بي .. رغم القبح الذي يطوقنا من كل اتجاه ياباب ..
بابل باب الله وأنت حارسها الأمين
سومر .. باب فراديس مضت ، فلا تدع عهر المسرفات تطأ عتبته
أور .. باب القدس ، وأبناء العمومة تاجروا بها في سوق النخاسة والرقيق
آشور .. باب مدائن الثلج ، المعمّد ببياض المتوسط ، فاحفظ ماء وجهك
أكد .. بابا موصداً كان على الشرق فلا تدعه أن يفتح ساقيه لفارس قد ينتهك عرضه
سولاف .. كانت سلافة في رأس شعرائك ، فأمن دخيلتك ، أيها الباب المقدّس
وهذا ابن مصلح تحتي ، لايعي ، إنْ كان قد أصلح الليل للمِّ النَفَس أم مازال يُحصي النمل في أثقاب شوارع من أتمنوك على الشرف
ياباب .. إنا معشر نُزلٌ ، فلا تبخل علينا بالترحاب ، وتقيم موائد انبلاج المغاليق لهم
ياباب .. أنا ابنة الأعظمية ، فاسترني ، عظّم الله أجرك
فرفيق دربي المشلول هذا ، هو من رمّلته المباهج ونحن في عز الصبا
ياباب .. ثاكلة أنا ، مثكولة .. بالقدس ، والجزر الثلاث مثكولة
بالإسكندرونة والجولان منذ ولادة أبي ..
مثكولة حد النخاع بالرتب التي كانت عذوقاً صفر في أعلى النخيل ..
مثكولة برفيق درب ( عواطف ) عندما ختموا وثيقة نفيها بدمائه .. والآن .. ترمم وحدتها بنا
تكاتب السلمان .. إنْ احرس باب الأعظمية وهو منشغل ، بإكرام الجثث .. تتقاطر منك ، أجل منك .. ( ولك يابااااب ، شنو اطرَشِّيت ماتسمع نحيب الفاكدات ) ، طفلة كانت ، والآن ... مازالت ، ولكن بالخريف
( وهذا الكافر المجنون يرسمهه على السجة .. شايلة قلام ودافتر ولك والأنشاء بي حسجة)
( شنو اطرشّيْت ؟!!!!! ).
لا أدري لماذا غضبتُ من حبيبي في تلك اللحظة .. فرفست رجليه برجلي
مجرم أنت ... مذ يوم حَـبَـوت ، وأنت تغري الجمال بالاقتراب لكنك ترسمه مشوهاً.
مثكولة أنا يا باب .. ببنت كركوك .. تلك التي غادرت كرخينها ، مزهوة بحبيبها الذي انكفأت به ، وبالهِنات .. فأقامت في صقيع ( فرانكفورت ) ومازالت تتشهى الدفا .. فصيّرتها الدموع تمارس الحياة باسم حداد صبور ، آملة أن تبقى على قيد اسم أمل .. أريجها يتلاعب طفلة في شقتها .. لكنها ترجم القهر بالقصائد .. توقد شمعة الميلاد مع جمهرة من اللا أحد .. تواصل الطرب على نغم أفغاني .. توقد موقدها بكر كوووك تستدرج اللقمة بالكثير من التعب.
مثكولة بالياسمين حين غطته ( قرابيع ) الهاونات
مثكولة بشقيقي الماتت كرامته على أيدي المحققين ، الذين قيدوا اسمه في قوائم الشرف ( المشبوهة ) مثكولة بأمي التي أضنت أقدامها المتربية على الحناء بين أتربة الـ ( كراجات ) ..
مثكولة بالإغتراب الذي تغذى على بُسيمتي التي مازالت ندية ..
مثكولة .. بمباهجي يابااااااااااااااااااااااااااااب ألله أكبر .. ألله أكبر يابااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااب
فلا باب المراد ، ولا باب الحوائج ، ولا باب القبلة ، ولا باب الشرقي ، ولا باب المعظم ... ولاحتى باب الله أغاثوني .. فلا تردَّني ياباب متحفنا العتيق وطنيٌّ أنت منذ نشأتك
وحد الــ .. لا لالالالا لاحد لنهاية وطنيتك ..
( ولك ياباب انا المفجوعة بفراك المحبين .. ولك ياباب انا المكرودة مابين المعيدين )
ألله اكبر أيها الباب .. استمع بحق بغداد المسجاة استمع ... ( ولك إسمع خلص كلبي ) استمع