الماكنه الادمية كما يحلو لي ان اسميها,اصابتها العلل بغتة..
فبعثرت العلل مكانيكيتها فأصبح الالف(س) والباء دبل (ب) فكثرت فعاليتها الخارجة عن نطاق التسمية وتحولت اللغة الى ايماء غير مبرر لا يفقهه حتى ارباب معارف الصم والبكم ,رمز الداء واشاراته مبهمه والمتلقي عاجز عن فك طلاسمه.
يجب ان يجتهد الفرد كثيراً حتى يصل الى كمال مفهوم اشارات الخرس أي الوجوم وانقطاع الكلام .
الوقت يمر عصيباً وتداعياته كثيرة وربما تحصل المفاجأة غير المتوقعة.فكل ذي شأن أدلى بدلوه وتعطلت مفاهيم الداء ,عدا مفهوم التشخيصي (حالة انهيار).
من السبب وماهو المسبب (لا يعرف)..تعاقبت المساءات والصباحات والوضع زاد استشراءً والماكنة الادمية لا تستجب.
شكلت وحدة الانقاذ (فريق العمل) وكانت هذه المرة من اناس يدعون المعرفة بميكانيكية ومخابئ هذه الالة من مهندس واختصاص علم الالة الادامية..
فجمعتهم طاولة التشاور فتمخضت افكارهم بالأنصباب على نظم هذه الالة وبرمجتها.
اختلطت صور المنظر وكادت تغلق المنافذ المؤهلة لكنه فهمها فأصبحت قا تمة تؤطرها صور المسخ..
ركنت جميع المحاولات بجانب ركن عتيق بحيث اصبحت جماعة الانقاذ يعملون في وادي آخر,فأجبرهم يأسهم على القاء مباضع ومشارط بنات افكارهم في صفيحة الزبالة.
السكون يحلق ويدور في فضاء المكان ولا يبارح.. الانشداد بأعين الثكالى يتفرس كل الوجوه ليرسم اكثر من حالة انبهار واستفهام ودهشة والحسرة الملؤها عسر الولوج لهذه الحالة المستعصية وربما المستديمة .
ما اشد حالات اليأس خاصة لو لعبت الصدفة دورها وان تقترن بمثل هذه الحالة المؤلمة التي تعاقبت الساعات المملة التي ولدت الانهر والمساءات العقيمه دون لائحة بريق ناهيك,ان صاحب الحالة قد افنى الوقت منه جل اعصابه تقريباً فخارت قواه واعتلته رعشة في الاعضاء للتقصير الواضح في فعاليات بدنه..
تقدمت منه وجلست قبالته فأثرت فيه شكوتي وكأنني المعلول في عزم اليائس الذي يبحث عن اوقات يأسه .
فبثت روحي تساؤلات نشبت في صدر الطفولة وكانت بمثابة ذكريات تقاسمنا طفولتها واستفاءت احلامنا الصغيرة أفياءها الظلال ،كل هذه الذكريات المجتزئة اوعزتها لدماغه المبهم وكانت تلتقطها أذني الاصغاء..
ومن يأس الجريح قبلته بحرارة حتى كادت تحرق جبينه ,تركته زاحفاً مغادراً بكل ثقل روحي جاراً عربات وقطار الخيبة.. وفجأة لمعت عيناه المتحجرة المآق ببريق ( الارث الاخوي) فرفع سبابته ببطئ ليعلن عن شئ ..يالله بدأ لسان الخرس ينخرط في المفهوم.
انفرط الجمع يطوقونه وهم مشدودون لترقب اشتغال (الالة الادمية) وماهي الا لحظات حتى انفجر بركان صيحة مدوية صدرت منه قرعت همس السكون وشقته بعدها استكان واتكأ الى الجدار, وتندى جبينه وسال بمرازيب الحياء ,فهجع متخاذلا من فعل صيحته وما لبث حتى انتصب جالساً فرفع رأسه بخجل وتعرف على الجميع..
وطلب مني سيجاره.