----------------------
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك) رواه النسائي.
سنن النسائي ، كتاب الصيام ، تسمية السحور غداء برقم 2164
...........................
حديث نبوي شريف في جزئه الأول ورد جملة فعلية ( عليك بغداء السحور ) وفي جزئه الثاني ورد جملة أسمية مؤكدة ( فانه هو الغذاء المبارك )
وذلك الأسلوب هو من أنواع الخطاب القائم على الإحاطة بالمعنى بأقصر عدد من الكلمات ألا وهو الأسلوب الذي لا يخلو من تركيب شرطي ( من استعان بغداء السحور فان الله يبارك به ) ولكنه كان أوجز (1) من ذلك فقد اكتفى الخطاب باسم فعل الأمر ( عليك ) وكان جوابه ( فانه هو الغداء المبارك )
وقد آثر صلى الله عليه وسلم العدول(2) إلى التباين(3) في الجواب من الجملة الفعلية إلى الجملة الإسمية ليتحقق الثبات في الخبر وقد كان مؤكدا بمؤكدين وهما الحرف المشبه بالفعل (إن ) و ( هو ) الذي ورد ضميرا منفصلا يفيد المفرد الغائب مبنيا على الفتح في محل نصب توكيدا لفظيا للضمير المتصل بإن ( إنه ) الهاء وهو اسم إنَّ
وإذا كان تركيب الجملة قائم على التباين كما ذكرنا فان الخطاب يكون على إيجازه مطابقا لمقتضى الحال ( عليك بغدا السحور ) جملة إنشائية الطلب فيها الأمر الحقيقي لأنه صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين وفيه الموعظة والإرشاد وكان ( عليك ) اسم فعل أمر بمعنى (إلزم ) لتتبعه الباء حرف جر أفادت الاستعانة والإلصاق(4)وقد تكون التعدية من معانيها ( بغداء السحور )
محفوظ فرج
6 / رمضان / 1437هـ
11 / 6 / 2016 م
.............................
1- الإيجاز قيل لبعضهم : ما البلاغة ؟ فقال : الإيجاز ، قيل وما الإيجاز ؟ قال : حذف الفضول وتقريب البعيد / ينظر في ذلك الطراز للعلوي 2 / 66
2- العدول : هو مجاوزة السنن المألوف بين الناس في محاوراتهم وضروب معاملاتهم لتحقيق سمة جمالية لتحقيق سمة جمالية في القول تمتع القارئ ، وتطرب السامع ، وبها يصير نصاً أدبياً / رؤية العدول عن النمطية في التعبير الأدبي ، د. عبد الموجود متولي بهنسي طبعة أولى بدون دار نشر 1413هـ- 1993م ص5
3- التباين إن هذا المفهوم أحد الكونات الأساسية لكل ظاهرة إنسانية ، ومنها اللغوية ، وقد يكون مختفيا لا يرى إلا من وراء حجاب ، وقد يكون واضحا كل الوضوح حينما يكون هناك صراع وتوتر بين طرفين كالخبر والانشاء ، والجملة الاسمية والجملة الفعلية / تحليل الخطاب الشعري د.محمد مفتاح دار التنوير للطباعة والنشر ، بيروت لبنان ، الطبعة الأولى 1985 ص71
4- من معاني الباء الاستعانة ومنه قوله تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) البقرة : 45 وفيها معنى الالصاق / ينظر معاني النحو د. فاضل السامرائي ص19