
هناك من يكتبون وتخونهم العبارات, ولو كانت تحمل معاناة اصاحبها....فلا تستطيع أن تكون سوى زفرة منقطعة امام مايرغبون
قوله عنوة عن طريق محبرة خرساء.. فتكون زاوية مسرحية ببهو فارغ كبير بلا جماهير يحمل من وصفه تلك الصور المحنطة على
شرفات لا اسقف لها وبقايا ستائر لا اعمدة لأصولها.
ما اصعب أن تسحقك اوتار الرهان على أن ما تمتلكه ليس ككل ما عند البشر جميعاً, قطعة من الأوتار أو الأقدار أو حتى لنقل الأحبار التي
تستحق أن تظل بين قلبك ونبضك فلا تقطع غير برحيلك أو مفارقتك لها.
على رسلك ياقلب لا تهزأ بالذكريات وتريث الخبر سيأتيك..!!! ضربة من الأعماق على نبضك كانت كفيلة بالتعديل الجذري لك.. فتفيق
وقد تمزق حجاب صمتك, وتعلقت القطعة على صورة (اللورد) وأبتهج القدر مجدداً عليك فقد ان تصر رغم أن عمرك شارف على الانتهاء.. وتقوس
مداد ظهرك ..ورتبت كل قلائدك للأغراض الأخيرة للوداع.
فتعلم انك لا تصلح لشئ البتة ولم تستهلك شئ في حياتك له قيمة تذكر حتى مدخراتك الحسية ماعادت تتنبأ بشئ فخرجت بلا تجارب
ولا رهان ولاتصديق, والاستيعاب أيضاً توقف .
منذ الأمد ومحبرتي تتعلم كيف ترسم للكلمة برواز عريض من الفخامة حتى تخرج أروع اللوحات الاستعراضية للحياة
محبوكة السيناريو صوتاً وصورةً
نعم بلا شك ارى رغم أني لا شئ بجوار من حولي من المبدعين والكُتاب بكل اصنافهم ممن يعانقون محابرهم ليهتنون بلذة الاستمتاع
بالعطاء ولو في صمت.. نقطة في بحرهم الذي لا ينضب.. لكني رسمت لذاتي مسارا اعظم برأيي من الموناليزا والجوكندا بزمانها.
مسارات من المشاعر الصادقة التي لا تأبى الأفصاح كما أعتدت دون أن تكون مستوره تحت رتم التقاليد والمحكات الأخرى من معتقدات وغيرها
هي احاسيس وضعتها ليس للتباهي بقدر ماهي حقائق شعرت بها في حين كان من حولي يضحكون لدمعاتي وتأثري بها .
كنت لا اتحدث سوى بما يفرحهم .. حتى في جروحي العميقة وآلامي أكون أمامهم بأفضل حال حتى لا يفتضح امري فأعكر بثقافة (الشرح ) عطر محبتي سماعهم
وكان من اكثر دمعاتي إيلاماً تلك التي تسبقها محطات للعشق المجنون لمن اضع لهم في داخلي مباني من المدن الأندلسية الشاهقة الطراز
والتي بها مساحات من الكرامة والوفاء والاخلاص والصدق والاخوة والمحبة غير المقرونة بمصالح اهل الارض البتة...
فأرتكز على مسند عريض من الريش الناعم الأبيض ذو التشكيلات الغضة من العطور, لأفاجأ أن الريش صناعي ولونة كان مخلوط بالطحين وحشوته
دود مقزز مبتور الأرصدة من العطاء وتوقف عندي كمحطة فقط .. محطة استئناف ليعاود شحن الرصيد أو يفرغ حمولته من الهموم فينفض الفضلات ( أكرمكم الله )
أما العطور التي تسللت لأنفي الصغير فقد كانت منتهية الصلاحية من يستنشقها سيموت من هول مصارعة المرض... وعليَ أن أكون صبورة جداً امام هذا الحال
الذي ارى.. جلدة قاسية كما تلك الثعابين الأسطورية التي تغير جلدها وتمتد بأشكال لاحصر لها, ويخافها الناس منظراً رغم ضعفها الكسير بجوار
الهيئة الخارجية وسرها في سمها وانياب لو فُضت بكارتها لكانت بلا أي فائدة ...
صورة لعظيم مات من سنين
أسير وفي يدي بقايا إزاري الممزق ممتداً على قارعة المحطات اجوب الممرات بجوار السياج واتفقد أكان هناك أحد قبل أن آتي
أو حتى بعدما اتيت.. قصدي بعدما صُدمت مشاعري و حياتي وحتى آهاتي وإبتساماتي البريئة, أنّاتي يا أنت ماعادت كتلك غيرها
أنّة مخنوقة ودمعة متحجرة بل هي الآن مختلفة لربما : بحار غزار يغرق فيها المحار وتحيا بها الأرض وتبحرون فوقها وتكتبون
بمدادها..تنحني لها جوريات وجواري الكون بكل تفاصيل جمالهم لتغتسل منها..وتنتكس تحتها رؤوس العباد لتغوص .. كل العباد من ملك للطفولة.
وها أنا القي بكل شئ اليوم حتى حقائب السفر معهم ولهم .. وأعاود التحليق كطائر الحسون أو ذاك النغيري الصغير بين أشجار
السنديان وحين يحن لهم ..لا يهدأ من القفز على الأرض فقط ليشتم البقايا بجوارهم ويطير كلما شعر أن لا مكان له فيها.
نعم ما عدت أريد شيئاً في يدي
ماعادت كواحلي التي غطت الماضي عطاءً تطيع جر الحكايات كلما غادرت موقع الضربات ..
ولا اناملي لم تعد تقوى على مسح المداد لتقول لم ترى !! كان هذا غلط مطبعي .. فقط تشكلت أرضي تماماً وصار بها حياة.
فقط طلبي الوحيد في وصيتي الأخيرة أن أنجو حتى أفيق لي.. لذاتي التي ماعدت أفقه أينها ؟
فأراني من خلال تشكيلات الدوران آنذاك ( القوس قزح ) بسؤال كبير عريض عرض الوانه هل ظل بداخلي شئ من الألوان لأتابع ..
وهل سأصب كل شحنات صمتي داخل حدقتي الماسية التي تتكور فتلتهب جمراً لتطفأ بدموع لا تهدأ وكأنها تعاود التجمع لتسقي وجنتي
جمرتها وتطريها بعدما أجدبت من سنين العمر وتزاحمت حولها خطوط الشحوب ليحيا بها العالمين.
سأمد كفي للمطر في لحظة أنا احتاج فيها لأن اصارع امواج الهبوب الحارة وصحراء بقائي ولا مجال للرجوع .. متكهنة لذاتي اني احيا ..اتنفس ..
أزف الرحيل وحان موعد التصفيق وانتهت الحكايات المثيرة للشفقة ودراسات التهجير وحركات الإغراء والتجديد, استنزفت كل ذي علم, ومر
قطاري دون أن يتوقف هنا .. فقد كان محشواً بكثير من العناء لأواصل ولا اعلم متى أعود ياسادة لا اعلم أتخونني العبارة ام تخونني المواقف ام رحلتي القاسية احياناً؟؟!!!
وخانتني العبارة
بقلم
نصف الروح
نسرين الطويرقي
كنت هنا وسأظل