قولوا لهم إنّ الحسينَ رسالةٌ
مسكٌ ترابُكَ ياعراقُ وعنبرُ =ونسيمُكَ الفوّاحُ روضٌ مُزهرُ
وصباحُك الميمونُ فيه مآذنٌ =تتلو مِن الذكرِ الحكيمِ وتُنذرُ
وقبابُك الشّماءُ كونٌ أوحدٌ =رُفعتْ وفيها عالِمٌ يتفكّرُ
إنْ رامَ تحليلَ النجومِ بدا لهُ =تاجُ العراقِ مُرصّعاً يتنوّرُ
أو رامَ ذكرى فالمزارعُ جنّةٌ =بين الفراتِ ودجلةٍ تتصدرُ
أو قادهُ تبرُ السفوحِ فإنّ في =تلكَ البلادِ مناجماً لا تُسبرُ
والزهرُ فاحَ على النخيلِ بعطرهِ =والنخلُ للزهرِ الجميلِ يؤَشِرُ
والزرعُ أصنافٌ بدتْ وتنوعّتْ =ثمراتُهُ , والوردُ لونٌ يُسْحرُ
والليلُ يسبحُ في الوجود بحكمةٍ =هذي الظواهرُ " يا بلادي َ " تُحبرُ
وطنٌ تجمّعتِ المعالمُ حولَهُ =فإذا بهِ خيرٌ عميمٌ كوثرُ
أرضُ العراقِ مشاهدٌ ثوريةٌ =يأتي إليها الظامئونويحضروا
إنّ العراقَ حضارةٌ أبديةٌ =لو كان ممن بالحضارة ِ يُخبِرُ
هيهات ما يفني الحضارةَ مجرمٌ =مهما يدكُّ ولا يرومُ العسكرُ
هي أرضُ عزٍّ في الغريِّ وكربلا =شعّتْ جوانبُها وبان َالجوهرُ
لو يُدركون الأرضَ ما خيراتُها =إنّ الثواءَ بركنها هو مشعرُ
وكأنّما تلكَ المشاعرُ جنّةٌ =تعلو ، وأصنافُ المنازلِ تُهجرُ
هي سورةٌ مكيةٌ مدنيةٌ =هي في الكتابِ معاجزٌ هي أكثرُ
هي رحمةٌ هي ثورةٌ هي سنّةٌ =هي دولةٌ فيها الولاءُ يُعسكرُ
هي تربةٌ هي روضة ٌ هي مسكنٌ =فيها يفوزُ إلى السماءِ الأجدرُ
هي مسجدٌ هي مأتمٌ هي كعبةٌ =يتزاحمُ الراجيبها والمُعسرُ
وأنا لأرضي لا أُحيدُ لغيرها =سعفٌ يُضللني وقبرٌ يُذخرُ
وتلاوةٌ عند الحسينِ بكربلا =وزيارةٌ عند الوصيِّ ستغفِرُ
وعبادةٌ في الكاظمينِ وسجدةٌ =مهما جرى في الكونِ لا تتغيّرُ
عهدٌ تصافحتِ القلوبُ بحفظهِ =فيهِ تراتيلُ العبادُ تُكرَّرُ
لو كان لي خلٌّ لقلتُ لهُ انتظرْ =ولطالما شاهدتني أتعذّرُ
أنا لستُ أبغي في الحياةِ متاجراً =وأبيعُ مَنْ ظمئوا بما لا يقدروا
أمست حياتُهُمُ بغير منازلٍ =ولقد تكونُ كأنّها لا تُستِرُ
يمشونَ ما بين الرُّبى وكأنّهم =في غيرِ أرضٍ زرعُها لا يثمرُ
فإذا أفاقَ الصبحُ وانزاحَ الدُّجى =طلعَ الردى مِنْ بينهِم يتبخترُ
لهفي على العبادِ كيف تذبّحوا =لهفي على الأطفالِ كيفَ تعفّروا
يتضرّعون إلى الجليلِ وطالما =كانَ الردى مِن حولِهمْ يتنكّرُ
ما للضعيفِ مِن الردى بوسيلةٍ =إلا الدّعاءَ فإنّهُ لا يُقهرُ
ويقودهُ الأملُ الكبيرُ إلى السّما =ولذلكَ الخيرُ الذي لا يُدْبِرُ
فيبثُّ للربِ الرحيمِ شجونَهُ =فإذا بكى فعليهِ يبكي المُبصرُ
وبأيِّ بلوى أم بأيِّ رزيّةٍ =أم أَيِّ أشجانٍ يصوغُ وينشِرُ
وبأيِّ حرفٍ يستهلُّ كلامَه =وبأيِّ بيتٍ في المجالسِ يجهرُ
وكأنّما بين المنى وقلوبِهمْ =سورٌ على أنْ لا ودادَ ومعبَرُ
تتقلّبُ الأيامُ في كلِّ الدُّنى =والطبعُ في الغاباتِ لايتغيّرُ
فالظّبيُ مُرتعدُ الفرائصِ خائفٌ =والنَسْرُ في أفعالِهِ يتنمّرُ
والأُسدُ تفتكُ بالجموعِ وطالما =كان الضعيفُ لبأسِهِمْ يتحذّرُ
أيموتُ مَنْ ضعُفَتْ قواه ُمُجندلاً =ويعيشُ قاتلُهُ الظلومُ المُعورُ
مَنْ للعساكرِ والجحافلٍ في الدُّنا=ماذا يقولُ الفارسُ المُتعذّرُ
جيشٌ يصولُ وزمرةٌ غدارةٌ =ثكلى تنوحُ ومهجةٌ تتفجّرُ
يا سادتي أما اليراعُ فعاجزٌ =حتى الكتابةُ عندهُ تتعسّرُ
ما انفكَّ يشكو حالَهُ ويحثّها =نحو الريادة أنَّ ذلكَ متجرُ
آمنتُ بالقلمِ الشريفِ ، وإنني =بالشعرِ ، مسلوبَ اليقين ، لأكفُرُ
باسمِ الديانةِ راحَ يرفعُ ظالماً =يُفتي على ماغيّروا ويغّيرُ
وتملّقٌ للظالمين وخسّةٌ =وهنا ، بلاءٌ إثمُهُ لايُغفرُ
مِنْ كلِّ مبتورِ الأُصولِ طريقُهُ =يروي الحديثَ وفي يديهِ المُنكَرُ
يجتازُ كلَّ شريعةٍ ويُزيلَها =ويبيحُ كلَّ رذيلةٍ ويُبرِّرُ
هو ذلك الملعونُ يسجدُ ظاهراً =عند الدعايةِ وهو نجسٌ أعورُ
يا دهرُ إنَّ الظالمين لزُمرةٌ =عن أيِّ شخصٍ منهُمُ تتحدّرُ
لمْ تُبقِ غيرَ ثواكلٍ وأراملٍ =قُتلتْ أعزتها فسالَ المحجرُ
أمّا الدماءُ الزاكيات فإنّها =روضٌ بها نحيا ومنها نُحشرُ
هذي الطفوفُ أعزُّ مِن نفسِ الفتى =للعارفين ، وخيرُ ما يُستذخرُ
إنّ الطفوفَ هي الجنانُ بعينِها =يوم القيامةِ والدّيارُ تُعمّرُ
وترافعتْ نبراتُ صوتكَ حينها =برقٌ يُذلُّ الظالمينَ ويدحرُ
يا قائدَ " المستشهدين " وعندهُ =مما " ينالون " المقامُ الأكبرُ
يروي المكانُ على الزمانِ بيانَهُ =ويحثُّ فيه الكاتبين المُخبرُ
وَقِفوا على الأطوادِ تحكي وقفةً =إنّ الحسينَ مِن الجدودِ الأطهرُ
قولوا لأتباعِ النواصبِ في الدنا =إنّا لمنْ بعثَ الرسولَنُكبّرِ
قولوا لهم إنّ الحسينَ رسالةٌ =يعلو الكتابُ بذكرهِ والمنبرُ
قولوا لهم لَسْنا نخافُ مِن الردى =مِنْ أيِّ قوسٍ في المعاركِ يغدُرُ
وسيعرفون مَن المُكرّمِ ياترى =ومَنِ المُذلُّ بيومِها المتحقّرُ
ومَنِ الشفيعُ مِنَ الجليلِ بيومِها =وَمَنِ المُكبّلُ خاسئاً يتحسّرُ
إنّا لنبرأُ مِنْ عدوِّ غادرٍ =يندسُّ ما بين الورى ويُفجرُ
إنّ الطفوفَ هويتي وولادتي =وشهادتي وبغيرها لا أُحشرُ
عاينتُ تاريخَ الشعوبِ فلم أجد =مُترمّلاً فيها بخيرٍ يُذكرُ
ووجدتُ آلَ محمّدٍ مع صحبِهِمْ =نهجاً ، هو النهجُ القويمُ النيّرُ
إنّي نظمتُ قصائداً بمدامعي =فأنا الذليلُ الخائفُ المتعذّرُ
للواهبين نفوسهم في كربلا =مِن شاعرٍ بصميم قلبٍ ينثُرُ
تسعين بيتاً لا أُبالي نظمَها =تُبكي الغيورُ ولا الفؤادُ يُقصّرُ
ماقيمةُ الإنسان لولا عزمُهُ =مثل الأُسود على الفريسة ِ يقدرُ
أنعى الذين تسابقوا يوم الوغى =نحو الردى فتبسّموا وتحرّروا
نهجوا طريقَ محمّدِ مع آلِهِ =فكأنَّ درباً بالثمينِ يُزرّرُ
وإذا الزمانُ رمى الثكولَ بسهمِهِ =نادتْ بشجوٍ كافلاً لا يُقهرُ
مَنْ كان فيه لكلٍّ هولٍ ساعدٌ =ولبأسهِ في كلِّ وغدٍ مُبترُ
إنْ حلَّ في حربٍ ضروسٍ قائدٌ =فيها تذّلُ لهُ الجيوشُ و تُقبرُ
تباً لغدرِكَ " يازمانُ " فإنّهُ =غدرٌ لهُ في آلِ أحمد منحَرُ
أتلوذُ بنتٌ للحسينِ بأُختِها =والسوطُ بينهما يسودُ ويزجُرُ
يا مِنْ يُفلّقُ كلَّ حينٍ عصبةً =ويحزُّ بالسيفِ الرؤوسُ ويُفقرُ
مَنْ كان يحسبُ أنَّ سيفَك قد هوى =أنى انثنى فوق الترابِ المُذخرُ
يُشجيهِ دمعاتُ اليتيمِ ووجدُهُ =دمعاً بغير الوجدِ لا يستمطرُ
يرنو ، فهذا في القيودِ مكبّلٌ =يدعو، وهذا بالترابِ مُعفّرُ
العيشُ بعدَ بني النبيِّ فجائعٌ =ومآتمٌ ونوائحٌ وتكدّرُ
فيها نعيشُ وفي التناوبِ جيلُنا =إنّ الحقائقَ في الجهادِ تُعمّرُ
تبقى على مرّ العصور كقلعةٍ =ليذلَّ فيها الطامعون ويخسروا
فرجالُكَ الأفذاذُ أطوادُ الورى =شُمُّ الأُنوفِ بهم جنانُ تُعسكرُ
أبَـوا الخنوعَ لمارقٍ متكبّرٍ =والباقياتُ تريدُهمْ أنْ يصبروا
يادمعةً ما فارقتْ عيني على =ذكراهُمُ ، إنّ الجوى لا يفترُ
أبو حسين الربيعي – – دبي – كتبت بعض أبيات المقدمة وأنا في الطائرة إلى العراق