أحببت أن أقدم لقصيدتي هذه، بمقدمة تسلط الضوء على بعض التفاصيل الواردة في القصيدة وهي قصيدة طويلة أرثي بها أختي الكبرى التي تحل ذكرى وفاتها الثالثة هذا اليوم وهي تصغرني بأربع سنوات أصيبت بسرطانٍ في عينها اليمنى، وعند اكتشاف الداء نصح الأطباء باستئصال العين مع الورم لضمان نسبة شفاء تامة وبذلك لا يكون هناك ضرورة لأي علاج وقائي أو شعاعي أو كيميائي ونصحتها بهذا الخيار وتمت العملية وركبت عين زجاجية زرقاء كلون عينيها... وبعد ثلاث سنوات عاد السرطان نفسه ولكن هذه المرة انطلق من الكبد وانتشر في أنحاء جسمها في غضون ثلاثة أشهر، ولم يستطع الأطباء أن يقدموا لها أي علاج جراحي أو شعاعي ولا حتى علاج دوائي. ودخلت في غيبوبة تامة في الأسبوع الأخير قبل أن تفارق الحياة في إحدى الدول الخليجية حيث كان زوجها يعمل هناك، ودفنت في ديار الغربة. وفي فترة الغيبوبة كتبت قصيدتي هذه وأنا بعيد عنها لصعوبة السفر إليها لأسباب لا ضرورة لذكرها.
كنت قد فكرت في البداية اختصار القصيدة إلى النصف بحذف كل التفاصيل التي أشرت إليها ولكني وجدت أن هذا قد يخل ببناء القصيدة ويفقدها الكثير من جمالها فآثرت نشرها كاملة راجياً من القارئ أن يصبر على قراءتها حتى نهايتها ولا أظنه سيندم.
رِثاء في حضرةِ الموت د. طاهر عبد المجيد
لا أنتَ من أَهلي ولا أَصحابي فَعلامَ تطْرقُ كلَّ حينٍ بابي
تأتي إليَّ بوجهِ داءٍ قاتلٍ مُتنكِّراً لِتَرُدَّ عنكَ سُبابي
عبثاً تُحاولُ أن تُواري قُبْحَهُ عنَّا بِأقنعةٍ من الأسبابِ
الله أكبر
سبحان من قهر عباده بالموت والفناء
خريدة من سلالة المعلّقات.. مترعة بالوجع والأنين والشكوى
وشت بالكثير من نقاء روحك وسمو خلقك
وذكّرتني بمصاب عزيز وأبكت القلب قبل العين
دمت بهذا الجمال الذي لا يُمل وإن كان بنكهة الحزن
فما أكثر القلوب التي لا تستسيغ سواه
لروحها الرحمة
ولكم الصبر الجميل
التوقيع
آخر تعديل هديل الدليمي يوم 06-16-2018 في 03:18 PM.
أُختاهُ عُمري في يديكِ وديعةٌ
فلتأْخُذِي ما شئتِ دونَ حسابِ
إنْ كانَ لا يُجدي الدَّواء فَجرِّبي
مسحوقَ عُمْري فهو كالأَعشابِ
وإذا اضْطُرِرتِ خُذي حياتي كلَّها
هي فرصةٌ لأعيشَ فيكِ شَبَابي
عند ذروة الوجع والإحساس بفداحة الفقد يبلغ الكلام أوجه وتتجلى المعاناة مترعة بالأسى والوجع
مرثية تخلع القلب من فرط شجن ولوعة وحرقة على شقيقة فقيدة
قرأتها مرارا ولم أستطع أن امسك دموعي ....
ألهمك الله الصّبر وطيّب مثوى فقيدتكم ....وليبق القصيد وحده قادرا على صفع وجه ما يلمّ بنا من محن .
الموت زائر يأتي بلا ميعاد ويدخل بلا استئذان. ويأخذ منا أغلى ما لدينا دون أن يسأل متنكراً أو متخفياً وراء بعض الأسباب. ولا أدري هل أحسد الموت على طول حياته وعلى كونه بلا أهل ولا أحباب يخاف عليهم ويحزن لفراقهم أم أشفق عليه. هي حكمة الله وسنته في خلقه ولا بد لنا أن نرضى بها. ومن رحمة الله أن جعل الموت بوابة إلى حياة أخرى لا موت فيها بل ستبدأ بموت الموت على أبواب الجنة وهذا ما يعزينا ويجعلنا نرضى بقضاء الله.
أشكرك على هذا المرور الجميل الذي تعودت عليه وأعتذر إن كنت قد ذكرتك بفقد عزيز وأدخلتك في حالة من الحزن راجياً من الله أن لا يفجعك بفقد عزيز أو غياب حبيب.
أشكرك على هذا العزاء الجميل وأعتذر لك عن الدموع التي أسالتها قصيدتي الطويلة هذه ولا أدري كيف صبرت على قراءتها أكثر من مرة وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على رهافة إحساسك ورقة قلبك وأيضاً على أنني ربما نجحت في التعبير عن مشاعري وتجسيدها شعراً.
لك شكري وامتناني وأمنياتي أن تكون كل أيامك فرحاً وسعادة