الطريق لا يزال طويلا,عداد السرعة لا يراوح مكانه,يده اليمنى علـى المقود بينما الأخرى تمسك بما تبقى من عقب السيجارة التي شكل دخـانها المنبعث إلى الخلف التواءات تتخذ أشكالا هلامية. -اللعين يخالني مغفلا,سعرها الحقيقي يتجاوز ذلك بكثير,نعم أني في حاجة إلى كل مليم,هو يعرف ذلك جيدا ولذلك يختبر صبري,تجار الجملة كلهم يشاطرونني الرأي ولكن لا أحد منهم يجرؤ على زيادة درهم واحد,كلهم يرون فيه الجبار الذي تتكسر أمامه كل مناورات ا لبيع والشراء, الضائقة المالية تشتد ,بينما بعض الأصحــــاب يتفنن في صرف الكثير على مـاركـة الجوارب,أحدهم اشترى يختا بما يعادل دخلي السنوي,رغم انه يبعد عن الساحل مسير ألف ليلة أتذكر لما سألنـــــــاه عن جدوى اقتناء يخت وهو لا يملك شاطئا يرسي فيه يخته,قال بأنه سيحفر من البحـــــر إلى البحر مرورا بملكيته,مداخيل تجارته تزيد عن الحاجة. أحس بحرارة بين أصابعه ,اخذ السيجارة باليد اليمنى بينما وضع اليسرى على المقود أحد أضواء لوح التحكم يأخذه من خياله: -لاشك انه زيت الفرامل ,لقد بدأ يتناقص منذ فترة,أو ربما المكبـح اليدوي,اللعنة,انه هو لقد سـرت إذن طوال هذه المسافة وهو في وضعية كبح. غير مرة أخرى سيجارته إلى اليد اليسرى ,بينما هوت اليمنى على المكبــــــح اليـدوي أرخاه إلى وضعية راحـة غير إن ضوء التنبيه المنبعث من أحدأزرار لـــوح القيادة يتحداه, انه يبدو قاني الحمرة أكثر من ذي قبل: -ترى إلى ما عساه يشير؟سأتوقف عندمدخل المدينة الموالية,.. يقال بأن صديقنا الممول الرئيسي للسوق أودع كل عائداته التجارية ببنك الحسناء اللعوب ,أحد أحفـاده يسميها خضراء الدمن,قال لي ذات مرة بأنه يتمنى موت هذا المعمر ليمكنه من استــعادة الإرث حينها من خضراء الدمن حاول مرة أن يضع له السم لكن خضراء الدمن تنبهت لذلك قالت لصديقنا بان بعض أحفاده يسعون إلى قتله ,مسكينة خضراء الدمن هاته عليها أن تحرص على حياتنا كلنا لتظل تستنزف كل عائـدات صديقنا المعمـر. يشم رائحة احتراق يلقي بنظره إلى الأسفل : -اللعنة انه عقب السيجارة لقد احرق جزءا من معطفي تمتد يده نافضة طرف المعطف : كدت انحرف عن الطريق ,اللعنة على خضراء الدمن وصديقها المعمر اللعنة على الجميع كلهم يحاول إثارتي كلما التقينا, بالأمس فقط أثارتني قالت أن بعض أبنائي قد يكونـون من رجل آخر. رائحة الحريق هذه المرة أشد ,دخان كثيف يتصاعد من مقدمة السيارة ,يرفع عجزه عن المقعد ويحدق أكثر, شاحنة في الاتجاه المعاكس تتقدم بسرعة المسافة تقصر تزداد قصرا,أدار المقود بقوة إلى الجهة اليمنى,السيارة تهوي إلى المنحدر, أغمض عينه بأحكام,لا يرى إلا لون الشفق ,نقطة ظلام تقترب تتسع أكثر تأخذ به بعيـدا. فتح عينه كانت الرجل مشدودة إلى عمود ممــتدمـن السرير إلى أعلى,حاول رفعهامته ,أحس بها ثقيلة جدا تحسس بيده اليسرى, رقبته يلفها شيء صلب ’ دخلت الممرضة: -لقد أرسلنا إلى اهلك نخبرهم انك بالمستشفى,لقد حضر إلى هنا أحد أقاربك وترك لك هذه البطاقة. حاول مد يده اليمنى لم تطاوعه ,طلب منها قراءة البطاقة . -انه يدعو لك بالشفاء ويقول:لقد تمكنت من جدي المعمر لقد أعانتني عليه خضراء الدمن اشترطت على بالمقابل عدم طلب ودائعنا لديها وقد تعهدت لها بذلك . وضعت الممرضة البطاقة جانبا وخرجت تركته يتمتم: -اللعنة على خضراء الدمن’اللعنة على الشاحنة’ اللعنة على الجميع.
الاستاذ محمد ابراهيم سلطان
بدءا: مبارك المركز الاول في المسابقة
ثانيا :ألا ترى معي ان هذا البيت العربي الكبير مثلما هو الورم كلما ازداد حجمه ازدادت حتمية بتر أعضائه , بطل القصة انموذج الحاكم الذي لا تنهيه جميع الاشارات الاولية ’ حتى و ان ادعى الفطنة في امر فاته غيره , هي اللعنة تمس الجميع.
فائق المحبة
الأخ الأديب عيسى بن محمود :
نص مفعم بالسخط على واقعنا ..
و قد أضاء نصك جزءاً من هذا الواقع
فصببت اللعنة عليه
بأسلوب جميل
مودتي
الاستاذ الفاضل عبد الحميد دشو بدءا أشكرك على المرور و ترك هذا الانطباع
كان الواحد منهم في الجاهلية يسب: اللعنة على هذا الزمن الرديء ’ مع ان جاهليتهم عذراء فما ترى الواحد منا في جاهليتنا الحاضرة يفعل ان ضاق ذرعا بهاته الجاهلية المستباحة ’
بعد ان كنت نشرت خلال سنوات فارطة هاته القصة في صحيفة يومية , قال لي بعض الاصدقاء: انك تلعن الجميع’ و لم يمض وقت قصير حتى أصدر الاديب سعيد بوطاجين مجموعته القصصية: اللعنة عليكم جميعا ’ فقلت لأصدقائي : انه زمن اللعن في النص الادبي.
لك خالص التقدير و المحبة.
تجسيد للواقع العربي لا يستطيع أي فرد منا إنكاره
هو السخط على ما آل له الوضع برمته
دائما قصصك تصب في العمق
أتمنى أن تصيب هدفا قويا ...ربما عندها تخف اللعنه
دام قلمك أستاذ عيسى
تحياتي وتقديري