لاينتهي إن شاء الله
وعلى وقع صوت ارتطامات الملعقة بـ ( استكان الشاي ) فلنكمل الحديث بتساؤل بريء بيننا :
ترى لو كان في زمان كاتب الرّسالة هذه التقنيات والمظاهر ( العولمية ) التي تشرّق بنا وتغرّب ، فكيف كان سيتعامل معها ، وكيف كان ذلك الزمن سيرتدي من مظاهر؟
الست معي أن هناك مأثورا من القول : ( لا تورثوا عاداتكم أبنائكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم )
تحيتي
أنا مع القول المأثور لإنه واقعي ومنصف...لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتشابه حد التطابق ونحن أبناء نفس الزمن ونفس الظروف فما بالك لو كنا في أزمنة وظروف مختلفة...
في صراع الأجيال تكون المشكلة الأساسية في محاولة الأباء استنساخ نسخ مطابقة تماماً لهم كنوع من تخليد أنفسهم ...يريدون أن يكون الأبناء امتداد ليس بالشكل فقط ولكن بطريقة التفكير والتصرفات وحتى طبيعة العمل احياناً ..فالمهندس يرغب في ان يكون ابنه مثله والدكتور كذلك والمدرس وهكذا...
ليس من العدل في شيئ أن نطبق ما كان في زمن ماضي بظروفه على ابناء هذا الجيل الذي تغيرت ظروفه تماماً..
لكل زمان خصوصيته ولكل شخص خصوصية وشخصية لا يجب على الأباء محاولة مسخها ...نقدم التوجيهات العام ونعلم الأساسيات التى لا تتغير بتغير الزمان ولكن نترك التفاصيل الصغيرة المتغيرة ليتعامل كل شخص بها وفق ظروفه..
هنيئا لكَ أبي
خذ مني الموبايل واللاب توب وألغ عن ناظري كل القنوات الفضائية ... وهبني قناةً واحدة لاأسمع بها غير أخبار العصافير والورد وأغنيات شادية وأفلام هند رستم كما كنت تفعل
خذ مني الاي باد وهبني كتابا لرحلة أسطورية يخرج أبطالها من دفتيه ويأخذونني معهم لعالم بيتر بان السّاحر
خذ مني الحذاء الجديد الذي اشتريته قبل يومين بـ ( ورقتين ) ودعني أسير حافيا على تراب وطن ماخاض ثلاثة حروب وحصار
خذ مني بنطالي الجينز وقميصي ( الكلاسيك ) ودعني أتنكر بـ (دشداشة ) اعبر بها حدود النّار التي سيجت تاريخي منذ الطّفولة وحتى اليوم
خذ مني كل الوجبات السّريعة وحطم قنينة الكولا ودعمي أقضم حصى بلاد ماتعرّت للغرباء
خذ مني وعدكَ لي بسيارة فورد حين أتخرج من الجامعة ودعني أهرب على قدمي من سعير النّار القادمة
بل
دعني وحيدا هذه الليلة ، كي أرسم وجهي القادم وأحدد تضاريس قلبي بمعول الأحلام التي باتت على كف الرّيح
دعني امدّ قلبي على مدى بنادق الأبطال
دعني أكون مالم تكنه ...قبل نصف قرن من الزمّن
ياأبي
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
هنيئا لكَ أبي
خذ مني الموبايل واللاب توب وألغ عن ناظري كل القنوات الفضائية ... وهبني قناةً واحدة لاأسمع بها غير أخبار العصافير والورد وأغنيات شادية وأفلام هند رستم كما كنت تفعل
خذ مني الاي باد وهبني كتابا لرحلة أسطورية يخرج أبطالها من دفتيه ويأخذونني معهم لعالم بيتر بان السّاحر
خذ مني الحذاء الجديد الذي اشتريته قبل يومين بـ ( ورقتين ) ودعني أسير حافيا على تراب وطن ماخاض ثلاثة حروب وحصار
خذ مني بنطالي الجينز وقميصي ( الكلاسيك ) ودعني أتنكر بـ (دشداشة ) اعبر بها حدود النّار التي سيجت تاريخي منذ الطّفولة وحتى اليوم
خذ مني كل الوجبات السّريعة وحطم قنينة الكولا ودعمي أقضم حصى بلاد ماتعرّت للغرباء
خذ مني وعدكَ لي بسيارة فورد حين أتخرج من الجامعة ودعني أهرب على قدمي من سعير النّار القادمة
بل
دعني وحيدا هذه الليلة ، كي أرسم وجهي القادم وأحدد تضاريس قلبي بمعول الأحلام التي باتت على كف الرّيح
دعني امدّ قلبي على مدى بنادق الأبطال
دعني أكون مالم تكنه ...قبل نصف قرن من الزمّن
ياأبي
الغالية كوكب،
نص مؤثر حد الوجع...
بلا شك سيكون الجيل الجديد مختلفاً عن الجيل الماضي والسبب انه ترعرع على صوت البارود وكان شاهداً على سلسلة من الهزائم...هذا الجيل الذي تقلصت أحلامه الى أن أصبح حلمه الوحيد هو النوم بأمان...
كل ما قدمه هذا القرن من تكنولوجيا ورفاهية فقدت قيمتها بسبب فقدان الأمن والأمان...لإن الأنسان أصبحت ديته رصاصة غادرة من يد عابث أهوج لا يقدر قيمة الإنسان...
لا نلوم هذا الجيل عندما يحاول الهرب خارج أتون الصراع الذي ابتليت به بلداننا...لإن الصراعات أصبحت كالرمال المتحركة تبتلع حتى الأبرياء لمجرد وجودهم بالمكان...
لا نلوم هذا الجيل على حالة الضياع التى يعيشها لإن الرؤى كلها ضبابية..في الماضي كنا نعرف عدونا ونعرف من أين يمكن أن يطل علينا ليغدر بنا واليوم تعدد الأعداء ولم نعد نميز من أي اتجاه تأتينا الضربة...
دعيني أضع رأسي على كتفك يا كوكب فرأسي متعب من طرق الأسئلة الحائرة بلا جواب...
مقال صادق النبرة
ويلامس القلب لأنه واقعنا الحقيقي كعراقيين
نفتقده اليوم
نفتقد الكثير من خصال الامس
نتمنى أن تعود ويتخلص أولادنا مما نحن فيه من أزمات
مانخشاه أن تمتد الايادي الاثمة في تشويه كل جميل
ويفتقد الجيل القادم كل معاني الصدق والالتزام والخلق القويم
وينتشر مفهوم العنف الذي تغذية أجندات الساسة
نحلم بعودة الماضي كي نستشعر معاني الولاء للعائلة والجار والقرية والمدينة ثم الوطن
ومعها يتربى أولادنا خارج الاطر الجديدة الي سوقها لنا المحتل
الراقية سلوى نقل موفق
بورك فيك
مقال صادق النبرة
ويلامس القلب لأنه واقعنا الحقيقي كعراقيين
نفتقده اليوم
نفتقد الكثير من خصال الامس
نتمنى أن تعود ويتخلص أولادنا مما نحن فيه من أزمات
مانخشاه أن تمتد الايادي الاثمة في تشويه كل جميل
ويفتقد الجيل القادم كل معاني الصدق والالتزام والخلق القويم
وينتشر مفهوم العنف الذي تغذية أجندات الساسة
نحلم بعودة الماضي كي نستشعر معاني الولاء للعائلة والجار والقرية والمدينة ثم الوطن
ومعها يتربى أولادنا خارج الاطر الجديدة الي سوقها لنا المحتل
الراقية سلوى نقل موفق
بورك فيك
المقتدر ناظم العربي،
أهلاً وسهلاً بك ..نورت قسم المقال بحضورك البهي..
المقال لفت نظري لإنه يصنف حالة بين زمانين..وما يحصل في العراق ينطبق على بلدان اخرى..
السياسة هي من أفسدت كل القيم والمعاني الجميلة...والساسة هم موظفون ينفذون أجندات استعمارية من نوع جديد...زمان كان المستعمر يأتينا على هيئة جيوش محتلة ..اليوم يحتلوننا عن بعد بواسطة عملائهم الذين يزرعون الفتنة بين أهل البيت الواحد..
كان الحب والتسامح يجمع كل الناس على اختلاف مذاهبهم..كانت الإنسانية هي المعيار التى تقاس به العلاقات..
أحزن كثيراً لأبناء هذا الجيل الذي لا يرى الا الفرقة والتشرذم
جيل يفتقد الدفء والحميمية..ماذا نتوقع منه؟
علينا مهمة ثقيلة أخي ناظم..نريد أن نغرس في أبنائنا ما تربينا عليه في جو مشحون ليس فيه ما يساعد ..
الاخت الفاضلة سلوى...
قرأت الموضوع فأنتابني شعور غريب..فقد بدد بعض الغربة في داخلي ولم انتبه اني سبق
وان رددت عليه..الا بعد تصفحي للردود...فوجدت نفسي مقصراً بحقها قبل التقصير باشباع
الموضوع من رد يعبر عما احتواه لانه كان يتكلم عن جيلنا..
لقد عشت مرحلة نصف الطفولة في الريف ونصفها الباقي في بغداد وحتى اليوم..
لقد كان يمر من قريتنا نهر صغير..وفيه فسحة عريضة يمكن لنا ان نسبح بها..كنا نقسمها قسمين
قسم لبنات القرية وهنَّ يسبحن بملابسهنَّ..وقسم لنا ..رغم ان اعمارنا لم تتجاوز السابعة او الثامنة..
كنا نشرب الماء في البساتين من بركة ماء..ولم نصب (بالبلهارزيا) كنا نهرب عصرا ونحن نلعب في الشارع
الوحيد في القرية وعندما يطل معلمنا ذاهبا الى مقهى القرية خلف النخيل او وراء الابواب..
كان كل اكلنا طازج لانه يقطف صباحاً من المزرعة..في بيتنا عشرات الدجاج..نأكل البيض منه..وكان والدي رحمه الله
الوحيد الذي لديه سيارة..وعندما يأتي عصرا..في ايام الصيف..يتعبنا في توزيع الثلج على الاهل والجيران..
اما في بغداد فقد عشت كل ما قاله صاحب المقال..بل كانت طقوس يوم الخميس رائعة.حيث يأخذنا خالي الى السينما
القريبة من الحي لنشاهد افلام ماجستي وهرقل وو..
لم تزل رائحة العنبة والدودرمة(مثلجات)طعمها في فمي..ولحد الآن لا استذوق طعم مثيلاتها اليوم...
كنا نركب في مصلحة نقل الركاب وحين نشاهد بنت او شيخ..نقف حتى نفسح لهم الجلوس..
عتب عليَّ بعض الاقرباء لقلة زيارتي لهم..قلت لهم..:ومالي بزيارة اصنام؟؟؟واكملت حديثي..اصنام لانكم طيلة الجلسة الجميع
ممسك بالموبايل..اما في لعبة واما داخل في الانترنت...!!! ضحك الجميع لانها الحقيقة اليوم..
\ الزمن الجميل فيه كانت التربية الصحيحة في البيت ..وكانت المدرسة تكمل ذالك..وكان الشارع يحافظ عليها ..ولهذا عندما قوى عودنا
قرأنا البؤساء والشيخ والبحر والفرسان الاربعة وقصة مدينتين وفي بيتنا رجل واولاد حارتنا واحدب نوتردام.وغيرها من الروائع...وكنا نطرب لام كلثوم وحافظ والاطرش ونجاة
وووووو...لهذا..كان كل شيء اخلاقي لا يخرج عن الاطار العام للقيم والمباديء بل كل جزء مكمل له..لتكون المحصلة انتاج جيل جميل..اما اليوم مهما كانت التربية صحيحة
اما تخدش في المدرسة او الشارع..او الانترنت..وحتى لو حافظت وهناك الكثير حافظ على الاطر العامة للاخلاق..ولكنه جيل امي وجاهل ثقافياً ومعرفياً..لان الانتقاء ليس كما كان..
وقليلا ما ارى من يقرأ قصة او يتصفح موقع تاريخي...انه جيل يجهل جغرافية العالم..وجغرافية الادب والفكر..والشعوب..
شكرا اليك..لانكِ نقلتيني الى (حديقتي الخلفية)كما اسميتيها في رد لك على الفيس..شكرا اليك..لانك ازحت قليلاً من الهم....
تقبلي فائق تقديري واحترامي
الاخت الفاضلة سلوى...
قرأت الموضوع فأنتابني شعور غريب..فقد بدد بعض الغربة في داخلي ولم انتبه اني سبق
وان رددت عليه..الا بعد تصفحي للردود...فوجدت نفسي مقصراً بحقها قبل التقصير باشباع
الموضوع من رد يعبر عما احتواه لانه كان يتكلم عن جيلنا..
لقد عشت مرحلة نصف الطفولة في الريف ونصفها الباقي في بغداد وحتى اليوم..
لقد كان يمر من قريتنا نهر صغير..وفيه فسحة عريضة يمكن لنا ان نسبح بها..كنا نقسمها قسمين
قسم لبنات القرية وهنَّ يسبحن بملابسهنَّ..وقسم لنا ..رغم ان اعمارنا لم تتجاوز السابعة او الثامنة..
كنا نشرب الماء في البساتين من بركة ماء..ولم نصب (بالبلهارزيا) كنا نهرب عصرا ونحن نلعب في الشارع
الوحيد في القرية وعندما يطل معلمنا ذاهبا الى مقهى القرية خلف النخيل او وراء الابواب..
كان كل اكلنا طازج لانه يقطف صباحاً من المزرعة..في بيتنا عشرات الدجاج..نأكل البيض منه..وكان والدي رحمه الله
الوحيد الذي لديه سيارة..وعندما يأتي عصرا..في ايام الصيف..يتعبنا في توزيع الثلج على الاهل والجيران..
اما في بغداد فقد عشت كل ما قاله صاحب المقال..بل كانت طقوس يوم الخميس رائعة.حيث يأخذنا خالي الى السينما
القريبة من الحي لنشاهد افلام ماجستي وهرقل وو..
لم تزل رائحة العنبة والدودرمة(مثلجات)طعمها في فمي..ولحد الآن لا استذوق طعم مثيلاتها اليوم...
كنا نركب في مصلحة نقل الركاب وحين نشاهد بنت او شيخ..نقف حتى نفسح لهم الجلوس..
عتب عليَّ بعض الاقرباء لقلة زيارتي لهم..قلت لهم..:ومالي بزيارة اصنام؟؟؟واكملت حديثي..اصنام لانكم طيلة الجلسة الجميع
ممسك بالموبايل..اما في لعبة واما داخل في الانترنت...!!! ضحك الجميع لانها الحقيقة اليوم..
\ الزمن الجميل فيه كانت التربية الصحيحة في البيت ..وكانت المدرسة تكمل ذالك..وكان الشارع يحافظ عليها ..ولهذا عندما قوى عودنا
قرأنا البؤساء والشيخ والبحر والفرسان الاربعة وقصة مدينتين وفي بيتنا رجل واولاد حارتنا واحدب نوتردام.وغيرها من الروائع...وكنا نطرب لام كلثوم وحافظ والاطرش ونجاة
وووووو...لهذا..كان كل شيء اخلاقي لا يخرج عن الاطار العام للقيم والمباديء بل كل جزء مكمل له..لتكون المحصلة انتاج جيل جميل..اما اليوم مهما كانت التربية صحيحة
اما تخدش في المدرسة او الشارع..او الانترنت..وحتى لو حافظت وهناك الكثير حافظ على الاطر العامة للاخلاق..ولكنه جيل امي وجاهل ثقافياً ومعرفياً..لان الانتقاء ليس كما كان..
وقليلا ما ارى من يقرأ قصة او يتصفح موقع تاريخي...انه جيل يجهل جغرافية العالم..وجغرافية الادب والفكر..والشعوب..
شكرا اليك..لانكِ نقلتيني الى (حديقتي الخلفية)كما اسميتيها في رد لك على الفيس..شكرا اليك..لانك ازحت قليلاً من الهم....
تقبلي فائق تقديري واحترامي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي المحمود
اعلم سيدة سلوى ستردين على مداخلتي.ولكني لم انتظر ردك
لقد استفزني مقالك المختار هذا ..لأسمح لمحبرتي ان تنزف بدون مصل التخثر...
جيل الزمن القدم استمد عوده من منظومة القيم المرورثة والسائدة..ولذا حافظ على نقاوة وطهارة كل شيء فيه
بمفهوم الانسانية وقيمه الدينية أي كانت ..لان المشتركات العقائدية متوفرة ..ونقاوة الذات متوفرة..والمناعة في ذروتها
اضافة لحالة مهمة..الجيل الجميل..مجمل نتائج كل ما ذكرت جعله وطني بالفطرة..ولهذا كان متفاعلاً في احداث وطنه العربي
وهذا يذكرني بمشاركتي في اول تظاهرة عام 67 ضد النكسة وعمري 15 عاما؟؟؟
ما ذكرته ليس ليسيرة ذاتية..وانما لتبيان ملامح جيلين؟؟جيل اليوم عاش جيل الاحتلال والفتنة ..واهم ما فيهما هو غياب الهوية الوطنية
بل وصل الامر..ان الولاءات الاجنبية اي كانت..فيها المحلل وفيها الجائز وفيها الحرام والحرام هنا يدخل في متناقضات الولاءات وليس
التحريم في الانتماء لغير الوطن..
ناهيك عن صور الحروب وبشاعتها ونتائجها الاجتماعية..
موضوع رائع...يجرنا الى ابعد من محتواه المنظور..ومحقين ان ندخل في عمقه الاجتماعي والبيئي والتأريخي والموروث منه
المنّ والسلوى...كنت هنا..كما المنَّ والسلوى..دمتِ بخير
الأديب القدير قصي،
حقيقة كان الموضوع بحاجة الى هذه المداخلات القيمة من خبرات واقعية وقد قمت بهذا بكل اقتدار..وسعيدة بأن الأخ ناظم العربي قد أعاد هذا الموضوع الى الواجهة حتى يحظى بهذه الإضافة المهمة..
جميلة المشاهد التى نقلتها لنا من ذاكرتك عن الحياة بالقرية وكيفية التعامل بين أفراد المجتمع التى كانت مبنية على احترام المرأة والمسن والمعلم...
كان لنا كبير له الكلمة الفصل في أي نزاع.
كان لنا قدوة نتطلع لأن نكون مثلها..
كان الكتاب يعني لنا الكثير..
وكان الوقت فيه بركة..
أذكر كيف كنا نتخاطف أنا وإخوتي حزمة المجلات والجرائد التى كان يأتي بها والدي..وكيف كنا نستعد بفرح وحماس للذهاب الى المكتبة العامة بالمدينة لنقرأ..كان الكتاب هو الزائر المحبب فيرافقنا في تجوالنا وحتى رحلة نومنا..
كانت عملية التربية متكاملة..تبدأ في البيت وتكتمل في المدرسة وفي الشارع..كان الجار له دور في تقويم ابن جاره وكان أهل الحي يهتمون بأمور بعضهم البعض..
اليوم يقوم الأهل في البيت بالتوجيه وبمجرد ان يخرج الطفل الى خارج البيت تتغير مفاهيمه لإن المدرسة لم تعد تقوم بدورها التربوي كما يجب وأهل الحي لم يعودوا بتلك الحميمية ..كل مهتم بشأنه..
أما القراءة فللأسف لم يعد للكتاب وجود في ظل التقنيات الحديثة التى ألغت حتى لغة التواصل بين البشر..تجد سكان البيت الواحد فقدوا القدرة على التواصل المباشر فالكل لاه بهاتفه او بحاسوبه..
رغم سهولة الحصول على المعلومة من خلال البحث على النت الا ان الثقافة تراجعت وظهرت فئة أخطر من الأميين وهي أنصاف المثقفين الذين ساهموا في نشر المعلومات الخاطئة على من أقل منهم ثقافة..
كما ساهمت التقنية الحديثة على سهولة ارتكاب الأخطاء ..ابتداء بالفضائيات التى تدخل الأفكارالهجينة الغريبة عن مجتمعنا الى داخل البيت ..ودور النت الذي يفتح كل الأبواب على الغث والسمين من المعلومات..كل هذا غير المفاهيم وجعلنا نتقبل مناقشة المواضيع التى كانت من الممنوعات في الزمن الجميل..
نعم الجيل القديم تربى على قيم وتقاليد وتعاليم دينية واضحة لذلك كان في حصانة ..اليوم كما تفضلت بسبب الحروب والانتكاسات الاقتصادية حصل خلل في المنظومة الأخلاقية..لقد استطاع الاستعمار ان يحدث هذا الخلل في البنية الإنسانية عن طريق زرع الفتنة التى طالت حتى أفراد البيت الواحد..وهذا الخلل أثر حتى على الحالة الوطنية اذ لم يعد الولاء خالصاً للوطن بل أصبح الولاء لمن يوفر لقمة العيش حتى لو على حساب المصلحة العامة..
لم نكن في الزمن الجميل نتحدث عن الطوائف أو الأقليات..كان الحي يضم خليط من العرقيات والأديان لكن لم يكن هذا يؤثر على العلاقات الإنسانية..
تسارع التغيرات جعلت الأمور تفلت من بين أيدينا وجعلت الجيل الحديث في حالة تذبذب ما بين جيل قديم متمثل في الأهل وحداثة مليئة بالمتناقضات موجودة في كل شيئ حولهم..
اعلم سيدة سلوى ستردين على مداخلتي.ولكني لم انتظر ردك
لقد استفزني مقالك المختار هذا ..لأسمح لمحبرتي ان تنزف بدون مصل التخثر...
جيل الزمن القدم استمد عوده من منظومة القيم المرورثة والسائدة..ولذا حافظ على نقاوة وطهارة كل شيء فيه
بمفهوم الانسانية وقيمه الدينية أي كانت ..لان المشتركات العقائدية متوفرة ..ونقاوة الذات متوفرة..والمناعة في ذروتها
اضافة لحالة مهمة..الجيل الجميل..مجمل نتائج كل ما ذكرت جعله وطني بالفطرة..ولهذا كان متفاعلاً في احداث وطنه العربي
وهذا يذكرني بمشاركتي في اول تظاهرة عام 67 ضد النكسة وعمري 15 عاما؟؟؟
ما ذكرته ليس ليسيرة ذاتية..وانما لتبيان ملامح جيلين؟؟جيل اليوم عاش جيل الاحتلال والفتنة ..واهم ما فيهما هو غياب الهوية الوطنية
بل وصل الامر..ان الولاءات الاجنبية اي كانت..فيها المحلل وفيها الجائز وفيها الحرام والحرام هنا يدخل في متناقضات الولاءات وليس
التحريم في الانتماء لغير الوطن..
ناهيك عن صور الحروب وبشاعتها ونتائجها الاجتماعية..
موضوع رائع...يجرنا الى ابعد من محتواه المنظور..ومحقين ان ندخل في عمقه الاجتماعي والبيئي والتأريخي والموروث منه
المنّ والسلوى...كنت هنا..كما المنَّ والسلوى..دمتِ بخير
موضوع قيّم وجميل وجدير بالإهتمام..وما باح به الأصدقاء كان من صميم الواقع المعاش ..لكن لدي ملاحظة وددت طرحها..وهي أن كل شيء قابل للتغير بتغير الزمن إلا الأخلاق والأصالة والنقاء فهي ثابتة كقيمة لايمكن أن تهتز إلا لدى المهتزين والمتشرذمين..فالشجاعة والصدق في التعامل والأمانة وغيرها من السجايا الحميدة لاتزال موجودة عند الأصلاء،ومفقدودة عند البعض..نحن لسنا ضد الملبس أو المأكل أو الوسائل التكنلوجية المتطورة لكن ضد طريقة إستخدامها بعيداً عن الأخلاق والمثل..
راقني ما قرأت هنا
دمت بود وأعطر التحايا