بعد طول خواء وانتظار , قرر أن يخلق أنثاه التي تنساب دوما مع عسل الأحلام،كان ذلـــــك حين تهجى حضورها في غرفته المعتمة،حدق في جدران الغرفة العارية إلا من المـــــــرآة المستقرة على احد الأضلاع،تلمس بتردد الجدار الأول , فتراجعت أصابعه أمام جحود الجدار الأسمنتي،قرب شفتيه وطبع قبلة عليه فانفلقت من بين غلاظة الجحود ذراعين استقرتا على الأرض،تمعن بهما وتحسس انتمائهما الأكيد لها , أو...لسيدة العسل،طبع قبلة على الضلــــــع الثاني , فانزلقت من امتداده ساقين مذهلين , تسمرا في احد الزوايا،كان يحدق والأمل فـــــــي إيجادها صار بداخله نبضا بعد طول سبات،أسرع بتقبيل الضلع الثالث عدة قبل فأجهض صمت الجدار ضحكة شفافة تدحرجت مع ما تبقى من الجسد،تمعن بالأشلاء المتناثرة جيدا , فتلقفت أذناه قرع طبول لبوادر هزيمة أخرى،فكر في أن يجمعها ويركبها كما كان طفـــــلا , يصنع خياله من قطع(الميكانوا) ما يشاء من الأشكال والأحلام , ولكن عبثا كان يفعل،إذ مــــا كان ينجح في جمع جزأين , حتى يتنافرا , قبل أن يلحق بهما جزءا آخر، أنهكته محاولات اللاجدوى , فحدق للجدار الرابع , وأبصر المرآة،كانت ساكنة،تتماوج فضتها , وكأنها تستعــــــد لمخاض أخير،احتضنها،ورغم امتداد الجدار , أحس بأنه قد استطاع أن يستوعب ذلك الطول العنيد , ويطوقه بذراعيه،غرس شفتيه في , فضة المرآة , فاصطدمت ببرودة مقززة،أغمض عينيه، الدقائق تمضي , والبرودة باتت تتراجع بهدوء،كانت تتلاشى , حتى اشتعل النبض الجزئي الذي ولد فيها , وصار شفتين نديتين،تأكد من ذلك حين تماوجت القسوة التي كانت تناطح شفتيــــــه , فتحولت الصلابة الصماء إلى طراوة مشبعة باللذة والدفء،أحس بذراعين تطوقاه بعنــــــف شهي،فتح جفنيه , فقفز متراجعا إلى الخلف،حدق في الغرفة جيدا،مسح بعينيه الأرض،لم يكـن هنالك أشلاء متناثرة،لم يكن في الكون الذي غلفه , غير المرآة , وأنثاه الأزلية , أو...هو بانتمـــاء متكامل.
***
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 05-11-2013 في 02:56 PM.
قصّة منّ عليها قلمك يا مشتاق بجمال الكتابة ورمزيّة تشي بدلالات جمّة .....
وموروث الضّلع دأب على بوحه فينا...والمرأة تحترق دوما على ضلع آدم...
ثراء مميّز في اللّغةودلالات جيّدة الطّرح لأنّها من ذواتنا الرّاسخة فينا.....
قد أعود يا مشتاق هنا لأفكّك هذه الرّمزية’ الباذخة في نصّك .....فيا وقت امنحنا من وقتك....
كلّ التّقدير والتّشجيع ليراعك الجميل
ليس من باب المصادفة أن يجد القارئ نفسه محمولا على أجنحة الخيال تارة ومكلفا بحل رموز النص تارة أخرى متخذا من التأمل سبيلا يتيح له ملاحقة الأفكار والرغبات المكبوتة أو الصراعات النفسية لأبطال الكاتب مشتاق عبد الهادي
ليس مصادفة بالطبع ، بل إنها قاعدة من القواعد الأساسية التي يؤسس عليها هذا المبدع اشتغالاته التي تعطي لنصوصه سمة التفرد وتطبع عليها بصمة لا تخطؤها العين .
إن التأويل النفسي لهذا النص قد يأخذنا إلى باب يجبرنا على فتح الكثير من الأبواب لكن دعونا نتأمل الرغبة الواعية التي جعلت البطل يلوذ بالجدران ويسترحمها لتحقق له رغبة لطالما أرقته .
يستهل الكاتب قصته بهذه الجملة
"بعد طول خواء وانتظار , قرر أن يخلق أنثاه التي تنساب دوما مع عسل الأحلام،كان ذلـــــك حين تهجى حضورها في غرفته المعتمة"
هنا نجد رغبة واعية في خلق الأنثى التي عجز البطل عن العثور عليها في واقع ملتبس تحكمه القسوة وغلاظة القلوب وهذا لا يتأتى من فراغ بل نتيجة رفض لهذا الواقع المنبوذ.
وبما أننا بشر من لحم ودم تحكمنا عواطفنا ورغباتنا فلا بد أن نسعى لتحقيق هذه الرغبات أما عن طريق الحلم أو عن طريق خلق عالم يوازي عالمنا غير المرغوب فيه بل ويتفوق عليه.. وهذا ما يحاول توصيله لنا الكاتب الذي برع في تجسيد معاناة النفس البشرية في ظل هذه الحياة المنغلقة على نفسها والتي تعاني الكثير من العلات .
وحيث لا متنفس فليس هناك فرصة للترويح عن نفوس جبلت على الحب
غير خلق ما تفرضه العاطفة والرغبات وقد كان الكاتب موفقا إلى أبعد الحدود وقد أبهرتني القفلة حيث أنها كانت عميقة ولافتة .
المبدع الكبير مشتاق عبد الهادي
كنت موفقا في طرح قضية كبيرة
كما كنت رائعا في توثيق الصلة بين الذات والذات من خلال هذا النص الهائل
شكرا لك أتمنى لك المزيد من التألق والنجاح
أثبت النص مع التقدير
قد يظن من يقرأ مداخلتي أني أدعي أنك تفسر الأحلام من وجهة نظر طوباويه أو أنك ضليع بتفكيك حلم النائم
وفك رموزه كما يعتمد البعض ذلك من خلال بعض التفسيرات المُعتمده .
أنت رجل تصنع الحلم ، ثم تترك لنفسك الخيال لتعيشه انت وتتصوره بكل تفاصيله ثم تنثره على الورق لتتركنا
على يقين بأن ما يحصل هو حقيقة لا محال .
وما بين هذا وذاك توصل لنا قناعاتك التي تراها وفق ما يحيط بالأنسان من وسائل للتعبير عن حاجاته الأنسانيه
أو الجسديه وحرمانه منها أو حتى تنقله بين تنوع الأشكال التي يحلم بها ليستعين بخياله كي يكتمل انتمائه للحدث .
هذا أنت أيها البديع كما أراك قاصاً تشبه التطورات السريعه في عالم
يبحث كل يوم عن الجديد المبهر
دمت ودام قلمك وخيال الجميل / وقار
فقط كنت أتمنى لو أن اسم القصة كان بمستوى الأسلوب واعذر لي ملاحظتي إن لم تعجبك ولكني وجدته ابسط
من متانة القصه . عذرا مشتاق لا تغضب هي ملاحظه كما ارى وقد لا يكون من حقي ذلك . [ لتزعل هااااااا ]
لوحة سريالية بريشة فنان اتقن صنع الجمال
ان تصيغ لوحة بهذا الجمال وتخلق من الحلم
والامنية امرأة في الذهن المتقد للعشق المتقد
هي قدرة رائعة..
اجمل ما في قراءتي للنص..خلقت لنا انثى الحلم
تحياتي اليك وامتناني لما امتعتنا فيه
دمت راقي الحرف ورائد للجمال نحته
وقار الناصر
صديقتي المبدعة والرائعة
امام نص نشر من حقنا ان نقول كل شيء خدمة للابداع والمبدعين
على العكس انا سعيد بانك تمارسين حقك الطبيعي
شكرا لك وشكرا لكلماتك الرائعة تحياتي
سيدي الكريم "خلقت الأحلام لكي لا تتحقق" قالوها العظماء
إنما لا بأس أن نفصل حلماً يٌقيت أنفسنا ويبهج أرواحنا
والنص كان فيه بصمة ابداع لا تخفى وأسلوب قصصي بامتياز والنهاية أتت مكثفة ومفتوحة التأويل ..نص رائع جداً ومحلق كما الأحلام
تقبل مروري وإعجابي
لك الشكر والتحيات