كان حلماً
كتبتُ هذه المحاولة القصصية في بدايات كتابتي الأدبية ... ورغم مرور 16 عاما من عمرها لكني مازلتُ أحبّها وأنتظر راي اساتذتي في النّقد القصصي بها
لاشيء سوى لأنك أحمق ..أفهمت؟ لمَ لا تلزم الصمت وتدعني املأ ما احتاجه من المياه ? قالت هذه العبارة وعيناها تنطق عن بحرٍ هائج متمرد ؛ فماكان منه الا الأبتسام بسكون ، فعادت للصراخ في وجهه :
• وتبتسم بعد إهانتي لك ونعتي إياك بالأحمق !انك تثيرني ....لاأحتملك , لا أحتمل .
حرٌ وماءٌ مفقود وكهرباءٌ مثيرة للأعصاب ...ثم من أنت ؟ وماشأني في ان صبرتَ على حر الظهيرة ام لم تصبر ؟ نعم إنك تصبر عليها لأنك أحمق..أحمق وبلا إحساس .
وفي هذه اللحظة فقط غطت ملامحه سحابة حزينة محت آثار ابتسامة هادئة فأجاب :
- أصغي إلي يافتاة ...كل شيء يصدر منك ؛ أرضى به إلا نعتي بتجردي من الأحاسيس ...
فلاذت بالصّمت واحساس مفرط بالذنب لتجريحا إيّاه ، لكنها قدمت له عذرا:
- لو كنتَ تعلم معاناتي لعذرتني
- أي معاناة لاتعطيك حقا ان تتهميني بالتّجرد من الأحساس ..عن اذنك
ومضى، طوته البيوت المتجاورة القريبة من النهر في مدينة " نهر خوز " عن ناظريها
-( إلى الجحيم ) همست بهذه العبارة غاضبة ثم مالبث ان انبت ذاتها: " لا له الحق في الغضب مني ، لكن آه فلآخذ حاجتي من الماء وغابت صورته عن ذهنها وفكرة الرّحيل الى مدينة أخرى هربا من الحرّ الشّديد وشحة المياه ،والاهم من ذلك التهديدات الامريكية المتواصلة ثم أن القصف الصاروخي الأخير ملأ قلبها هلعا على أخيها الصغير فهو آخر من بقي لها ترعاه منذ طفولتها مع جدتها .. ولكن الأخيرة ترفض هذه الفكرة
تنبهت الى امتلاء القنينة وحملتها باعياء فقد تمكنت شمس الظهيرة منها .. تلفتت عسى من يساعدها لكن لاأحد فالوقت ظهيرا ، وهي الوحيدة التي تملأ وقت الظهر لانشغالها بأعمال المنزل صباحا ، تحرك شعورٌ غريبٌ بداخلها و تلفتت من جديد واحساس بخيبة الأمل ثم لامت نفسها ..."لمَ هذا الشعور بالفراغ لأني لم أره مثل كل يوم منذ شهر ، ليته يكون في المكان ذاته الذي اعتاد عليه كل يوم ، يراقب بصمت وسكون ...ياه كم انت بلهاء يانغم ماهذه الافكار الجنونية انك حمقاء لو فكرت بذلك ؛إحذري ، احذري من المشاعر ، الم تري صديقاتك اللائي احببن ؟ "واستمرت في مجادلة ذاتها حتى وصلت البيت واضعة قنينة الماء جانبا لترتمي على أقرب أريكة حيث عادت صورة ذلك الشاب الى ذهنها وحادثة ظهر اليوم عند محاولته المساعدة ... لقد رفضتْ المساعدة بعنف ، فماكان منه الا الاستفهام عن سبب لهجتها القاسية معه ، فكان جوابها ...." ياالهي" واخفت رأسها بين يديها كأنها تحاول الهرب من هذه الذكرى ... نعم ، لقد قالت له :
- أخبرني لماذا انت هنا ...كل يوم ؟!!!ومايشرح قلبها غبطة هو رده الغريب المحمل بأكثر من معنى حين اجاب : " ا تعلمين لماذا انا هنا ؟ ولمَ أصبر على حر الظهيرة ؟..."
أحسّت بقلبها يغوص ويتبعثر في أعماقها وحركة غريبة تدب في روحها ثم " آه لماذا أهنته ؟ ولماذا أشتقت اليه ؟ حسنا سأعتذر منه ...نعم ...نعم حتى لو لم يكلمني هو .. سأناديه سأذهب اليه وأعتذر ...كلا كلا عندما سياتي هو يعرض المساعدة سأعتذر ...ثم لم لم اقبل مساعدته ياآلهي ماذا جرى لي ؟ ومالذي حصل أيكون حبا ؟ وان احببته فلم اهنته اليوم ؟ " وتواصل الحديث مع ذاتها وصورت لقاءاتها معه مرة تجادله بعنف ومرة برقة حتى استيقظت على صوت منبه الساعة يعلن شروق يوم جديد ...تمنت لو تنام ثانية ليعود الحلم او تستمر فيه لكن هيهات ...فما كان ليس سوى حلما
1996آب