اليوم أعلنت حضورك في دمي، ودخلت عالمي بلا إذن مسبق، لم أجزع لمباغتة الحضور وكأنني أرتب نفسي منذ سنوات لاستقبالك، لقد جازفت بدخول قبيلتي المحفوفة بالحذر ...والأن سأنجز كل معاملاتك حتى تحصل على حق الإقامة الدائمة بين ثنايا الروح.
سأطبع صورتك في حدقة عيني وسأخذك في رحلة من شريان الى شريان، وسأحجز لك مكاناً في أحلامي، هذا ديدن الشرقية عندما تعشق، تمتطي ظهر الغمام وتقطف النجمات لترصع بها جبين من يقود سيمفونية نبضها وتمنحه المفاتيح السرية لصناديق عجائبها السحرية، تفتح له كتاب عمرها ليقرأها وحتى لا ترهقه تزيل كل الفواصل والنقاط وعلامات التعجب ، تقدم له جرعات الحب بسخاء وتهطل على قلبه مطراً وسلاماً حد الارتواء.
اليوم أعلن بإنني لم أعد قادرة على مقاومة سطوة حضورك الطاغي، وإنني أدمنت السهر قبالة عينيك المثقلتين بتجارب عديدة، بتٌّ أبحث لي عن زاوية في تاريخك حتى أؤثث لذكريات تجمعني بك بأثر رجعي.
ذات التفاتة تراجعت سنين العمر أمامك وزغردت قوافل الشوق عندما احتواني وميض دافئ أطل من عينيك..هربت فتعثرت بمناظرة مابين عقلي وقلبي ، أعياني الهروب ولم يعد أمامي إلا حقيقة واحدة وهي أنك قادر على إنقاذي من حيرتي وتناقضاتي المبعثرة هنا وهناك وأصبح الهروب منك رحلة بعكس الاتجاه.
معك عرفت أن للاحتراق مذاق لذيذ، احتراق الانتظار، احتراق الغيرة، واحتراق اللهفة لكشف الجانب المظلم فيك، ومعك فهمت لأول مرة علم الكيمياء الذي تجرعت منه الكثير لكنني لم أفهمه حتى عرفتك، هذه الكيمياء التى تعطينا شارة البدء للانطلاق في رحلة من الشفافية والاقتراب غير المحفوف بالمخاطر وعندها تجد نفسك تنسكب باسترخاء على كف هذا الشخص وتبدأ في كشف أوراقك عن طيب خاطر دون أن يطلب منك.
كيف استطعت أن تقترب برغم من كل أشواك الحذر التى رشقتها حولي حتى لا تطولني سهام الوجد وكيف حولت كل هذه الأشواك إلى سهام محبة أخترقت بتلات قلبي لتتفتح وتحتضن الندى المتقاطر من روحك ؟
كيف استطعت أن تختزل اللاممكن ليكون ممكناً؟
هل كتب القدر كلمته على جبهة انتظاري؟
أسئلة كثيرة مغمسة بسنين انتظار وليال طويلة لم تنم..اسئلة كثيرة ترتعش عند ناصية القلب الذي طغى صوت نبضه على صوت العقل ، قلب تخضب بهمسك فأصبح يضخ الحياة في سنين عمر كانت تدير ظهرها استعداداً للأرشفة على رفوف التاريخ.
ماذا أكتب لك وفرحي بك أكبر من الحرف، لقد تعودت عليك فاكتملت صورتي على صفحة القمر، واجتمعت كل النجوم في حلقة رقص لتزفني إلى قلبك في ظاهرة كونية لم يسبق لها مثيل، امتلأ القلب بك لدرجة بتٌّ أشعر بأنني تحت تأثير تنويم مغناطيس وأنني لا أجيد في حضرتك إلا الصمت والتأمل.
أشعر أنني في حالة بعث من جديد وأشعر أنني مشاغبة حتى حافة الجنون، نظرة منك كفيلة بتحويلي الى قطع متناثر مثل قطع الضوء على بساط من حرير، وهمسة منك تنبت لقلبي جناحين فيطير ليهدي على كفيك....لا تستغرب بوحي فبرغم شرقيتي إلا أنني لا أغتال مشاعري بالصمت، أحبك بكل المعاني النبيلة وكل الاماني الوردية ولم يعد أمامي إلا أن أغرس نفسي على عتبات هذا الإحساس الجميل لأنني في قضية المشاعر لا أؤمن بفلسفة الحل البديل.
سلوى حماد