أي يقال لهم ادخلوا الجنة " أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ" أي نظراؤكم "تُحْبَرُونَ " أي تتنعمون وتسعدون قال يحيى بن أبي كثير يعني سماع الغناء . والحبرة أعم من هذا كله قال العجاج : فالحمد لله الذي أعطى الحبر موالي الحق إن المولى شكر .
ثم قيل لهم على وجه التفضل والامتنان " وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " أي أعمالكم الصالحة كانت سببا لشمول رحمة الله إياكم فإنه لا يدخل أحدا عمله الجنة ولكن برحمة الله وفضله وإنما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات
قال ابن أبي حاتم حدثنا الفضل بن شاذان المقري حدثنا يوسف بن يعقوب يعني الصفار حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كل أهل النار يرى منزله من الجنة حسرة فيكون له فيقول " لو أن الله هداني لكنت من المتقين " وكل أهل الجنة يرى منزله من النار فيقول " وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " فيكون له شكرا "
قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار فالكافر يرث المؤمن منزله من النار والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة " وذلك قوله تعالى " وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" .
قوله - تعالى - في هذه الآية : وأزواجكم فيه لعلماء التفسير وجهان : أحدهما ، أن المراد بأزواجهم نظراؤهم وأشباههم في الطاعة وتقوى الله ، واقتصر على هذا القول ابن كثير .
والثاني : أن المراد بأزواجهم نساؤهم في الجنة; لأن هذا الأخير أبلغ في التنعم والتلذذ من الأول .
ولذا يكثر في القرآن ذكر إكرام أهل الجنة بكونهم مع نسائهم دون الامتنان عليهم ، بكونهم مع نظرائهم وأشباههم في الطاعة .