( قلْ ما أَسألُكمْ عَليْهِ مِنْ أجْرٍ وَما أنا مِن المُتكلفين )[1]
صدق الله العظيم
قال عليه الصلاة والسلام : أوتيت جوامع الكلم/ متفق عليه بلفظ: «وأعطيت...»، / وقال : « أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، واسترضعت في بني سعد بن بكر.[2]
يقول علامة الأدب وناقد الشعر إمام نحاة البصرة يونس بن حبيب
( ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)[3]
يقول الجاحظ ت 255هـ في وصف أسلوب الحبيب المصطفى خير من نطق بالضاد :
( فكيف وقد عاب التشديق، وجانب أصحابَ التقعيب، وهجر الغريب الوحشيّ، ورغب عن الهجين السوقيّ، فلم ينطق إلا عن ميراث حكمة، ولم يتكلم إلا بكلام قد حُفّ بالعصمة، وشيد بالتأييد، ويسر بالتوفيق، وهو الكلام الذي ألقى الله عليه المحبة، وغشّاه بالقبول، وجعله بين المهابة والحلاوة، وبين حُسْن الإفهام وقلّة عدد الكلام، مع استغنائه عن إعادته وقلة حاجة السامع إلى معاودته، لم تسقط له كلمةُ، ولا بارت له حُجّة، ولم يقم له خصم، ولا أفحمه خطيب، بل يبُذ الخُطبَ الطوال بالكلام القصار، ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصمُ، ولا يحتجّ إلا بالصدق، ولا يطلب الفلَج (الفوز) إلا بالحق، ولا يستعين بالخلابة، ولا يستعمل المواربة، ولا يهمز ولا يلمِز، ولا يبطئ ولا يَعجَلُ، ولا يُسهب ولا يحصَر، ثم لم يَسمعِ الناسُ بكلام قط أعمّ نفعاً، ولا أقصَد لفظاً ولا أعدلَ وزناُ، ولا أجمل مذهباً، ولا أكرمَ مَطلباً، ولا أحسنَ موقعاً ولا أسهل مخرجاً ولا أفصح معنىً ولا أبْيَن في فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم كثيراً[4](.
قال الزمخشري ت 538هـ في أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم
(ثم إن هذا البيان العربي كأن الله عزَّتْ قدرته مَخَضه وألقى زُبْدته على لسان محمد عليه أفضل صلاة وأوفر سلام ; فما من خطيب يقاومه إلا نكَص متفكك الرجل وما من مصقِع يُناهزه إلا رجع فارغ السَّجْل وما قُرِن بمنطقه منطقٌ إلا كان كالبِرذَون مع الحصان المُطَهَّم ولا وقع من كلامه شىءٌ في كلام الناس إلا أشبه الوَضح في نُقْبة الأدْهم.
قال عليه السلام أُوتِيت جوامعَ الكلم.
قال أنا أفصحُ العرب بَيْد أني من قريش واستُرضعت في بنى سَعْدِ بن بكر)[5]
قال القاضي عياض ت 544 هـ في فصاحة الرسول صلى الله عليه وسلم
(وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول فقد كان صلى الله عليه وسلم من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يجهل، سلاسة طبع، وبراعة منزع، وإيجاز مقطع، وفصاحة لفظ، وجزالة قول، وصحة معانٍ، وقلة تكلف، أوتي جوامع الكلم، وخصَّ ببدائع الحكم.)[6]
ويقول ابن القيم ت 751 هـ وهو يتحدث عن هديه صلى الله عليه وسلم فى حفظ المنطق, واختيار الألفاظ : " كان يتخير فى خطاب ويختار لأمته أحسن الألفاظ وأجملها وألطفها, وأبعدها من ألفاظ أهل الجفاء والغلظة والفحش, فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً, ولاصخاباً ولا فظاً, وكان يكره أن يستعمل اللفظ الشريف المصون فى حق من ليس كذلك, وأن يستعمل اللفظ المهين المكروه فى حق من ليس من أهله[7] "
ووصف الرافعي رحمه الله كلام النبي صلى الله عليه وسلم من الناحية البيانية بأنه: "حسن المعرِض، بيِّن الجملة، واضح التفصيل، ظاهر الحدود، جيد الرصف، متمكن المعنى، واسع الحيلة في تصريفه، بديع الإشارة، غريب اللمحة، ناصع البيان، ثم لا ترى فيه إحالة ولااستكراهاً، ولا ترى اضطراباً، ولا خطلاً، ولا استعانة من عجز، ولا توسعاً من ضيق، ولا ضعفاً في وجه من الوجوه.[8]
وقال العلامة طه الراوي في كلام النبي صلى الله عليه وسلم
لا تعرف العربية بعد القرآن الكريم كلاما يسامي الكلام النبوي أو يدانيه، فصاحة مبنى، وبلاغة معنى، وبراعة تركيب، وجمال أسلوب، وروعة تأثير، لا يختلف في ذلك مخالف.[9]
قال عباس محمود العقاد
(عرف عن النبي صلی الله عليه وسلم في حياته الخاصة والعامة أنه كان قليل الكلام، معرضاً عن اللغو، لا يقول إلا الحق، وان قاله في مزاح فمن ثم لا عجب أن يخلو كلامه من الحشو والتكرار والزيادة، فإذا كرر اللفظ بعينه كما جاء في بعض المعاهدات، فذلك أسلوب المعاهدات الذي لا محيص عنه، لأن تكرار النص يمنع التأويل عند اختلافه ).[10]
[1] سورة ص الآية 85
[2] أخرجه الطبراني بلفظ: «أنا أعرب العرب، ولدتني قريش...» الجامع الصغير بشرحه ج 3 ص 38.
[3] مجلة مركز بحوث السنة والسيرة / الدوحة المجلد 7 العدد 7 الصفحة 97 أهم الملامح الفنية في الحديث النبوي/ نور الدين عتر ص97
[4]البيان والتبيين الجزء الثاني : ص / 44 /، طبعة دار الفكر للجميع ، 1968
[5] الفائق في غريب الحديث، محمود بن عمر الزمخشري،
دار المعرفة – لبنان الطبعة الثانية تحقيق علي محمد البجاوي - محمد أبو الفضل إبراهيم 1: 11
[6] مجلة مركز بحوث السنة والسيرة / الدوحة المجلد 7 العدد 7 الصفحة 97 أهم الملامح الفنية في الحديث النبوي/ نور الدين عتر ص97
[7] زاد المعاد في هدي خير العباد، محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله
مؤسسة الرسالة - مكتبة المنار الإسلامية - بيروت – الكويت، الطبعة الرابعة عشر ، 1407 - 1986
تحقيق : شعيب الأرناؤوط - عبد القادر الأرناؤوط ج2 :320
[8] إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ، مصطفى صادق الرافعي ص: 325.
[9] العلامة طه الراوي من كتاب نظرات في اللغة والنحو ص20
[10] عبقرية محمد، عباس محمود العقاد، القاهرة : المكتبة العصرية- الدار النموذجية، ، الطبعة الأولى، 2000م. ص 82 ـ 83