قصائد الهايكو / توماس ترانسترومر - ترجمة نزار سرطاوي
قصائد الهايكو
توماس ترانسترومر
ترجمة نزار سرطاوي
طيور على شكل بشر
أشجار التفاح تفتحت أزهارها
اللغز الكبير
* * * * * *
سربُ من طيور الكرْكي
بالتأكيد مجرد حُلُم لكن
الريشة البيضاء
* * * * * *
البحر جدار –
أسمع نوارسَ تصيح
انها تُلوّح لنا.
* * * * * *
الريح قوية وبطيئة
من مكتبة شاطئ البحر –
سأستريح هاهنا.
* * * * *
صمتٌ رمادي
المارد الأزرق يمُرّ
نسيم بارد من البحر.
* * * * * *
غابةٌ مذهلة
مسكن الإله المفلس –
الجدران لمع.
* * * * * *
ظلالٌ زاحفة
نحن ضائعون في هذه الغابة
بين قبائلَ من فُطر الغَوْشنة.
* * * * * *
على الرفّ في
مكتبة البُلَهاء،
مواعظ لم يمسسها أحد.
* * * * * *
أوراق الشجر البنية
سنوات لا تُقدَّر بثمن مثل
مخطوطات البحر الميت.
* * * * * *
متسلقاً التلّة
في عزّ اشتعال الشمس – الماعز
يلتهم النيران
* * * * * *
الموت ينحني
فوقي، لغز شطرنج
لديه الحل
* * * * * *
شمس نوفمبر –
ظلّي الهائل ينجرف،
يُمسي مطموسَ المعالم
* * * * * *
جدار اليأس
حمائم تأتي وتمضي
بلا وجوه
* * * * * *
واقف في الشرفة
في قفص من أشعة الشمس –
مثل قوس قزح
* * * * * *
مشهد على المنصّة –
يا له من هدوء غريب
الصوت الداخلي.
* * * * * *
شمسٌ مشتعلةٌ هاهنا –
ساريةٌ لها أشرعة سوداء
من الماضي البعيد.
* * * * * *
أفكار في حالة توقف:
قطع من الفسيفساء
في باحة القصر
* * * * * *
امرأةٌ تنشر الغسيل
في صمت
الموت ليس ريح
* * * * * *
عمق التربة
يغيب عن بالي
هادئاً كالمُذَنّب.
* * * * * *
زوجان من اليعسوب
مشدودا الوثاق إلى بعضها
مرّا وهما يرفّان.
* * * * * *
.
وجود الربّ.
نفق أنشودة الطير
ينفتح باب مقفل.
* * * * * *
أشجار البلوط والقمر.
ضوء وأبراج صامتة.
البحر البارد.
* * * * * *
والليل يتدفق
من الشرق إلى الغرب
بسرعة القمر.
* * * * * *
قلعةٌ من العصور الوسطى،
مدينةٌ غريبة، أبو هولٍ بارد،
ساحاتٌ خاوية.
* * * * * *
الشمس الآن على عُلُوٍّ منخفض.
ظلالنا عمالقة.
قريبا سيكون الظل هو كل شيء.
* * * * * *
خطوط الكهرباء
متوترة في مملكة الصقيع
الى الشمال من الموسيقى كلها.
* * * * * *
الشمس البيضاء
تتدرب وحدها عَدْواً في وجه
جبال الموت الزرقاء.
* * * * * *
ركلوا كرة القدم
ارتباك مفاجئ – الكرة
طارت فوق الجدار
* * * * * *
ينفتح الباب
نحن في مزرعةِ سجنِ
موسمٍ جديد
* * * * * *
أشجار صنوبر شعثاء
في هذا المستنقع المأساوي –
دائماً وإلى الأبد
* * * * * *
إسمعْ همهمةَ المطر...
أهمس بسِرّ
كي اتمكن من الدخول
* * * * * *
الطفل يشرب اللبن
وينام مطمئناً في خليته
أمٌّ من حجر.
* * * * * *
زهرة الأوركيدا.
ناقلاتُ نفطٍ تنزلق.
والقمر بدر.
* * * * * *
أنظر كبف أَجلسُ بهدوء
مثل مركبٍ صغيرٍ يرسو على الشاطئ
أحس بالسعادة هاهنا.
-------------------------------
يعتبر الكاتب والشاعر والمترجم السويدي توماس ترانسترومر، الذي حاز على جائزة نوبل للأدب لعام 2011 واحداً من أهم الكُتّاب الاسكندنافيين منذ الحرب العالمية الثانوية. وقد استخدم ترانسترومر في أعماله لغة الحداثة والتعبيرية – السريالية لشعر القرن العشرين وعمل على تطوير هذه اللغة. وتتميز قصائدة بسهولتها حتى في الترجمة. وتتحدث هذه القصائد عن الشتاء السويدي الطويل وعن الجمال الآسر للطبيعة والطقس. وتشي صوَرُهُ – التي تبدو بسيطة وتهتم بالحياة اليومية والطبيعة على وجه الخصوص – برؤية صوفية في نظرته إلى الجوانب الكونية للعقل البشري.
ولد ترانسترومر في 15 نيسان/أبريل عام 1931. تلقى تعليمه الثانوي في المدرسة اللاتينية سودرا في العاصمة السويدية ستوكهولم. درس علم النفس في جامعة ستوكهولم وتخرج منها في عام 1956. بدأ الكتابة وعمره لا يتجاوز ثلاثة عشر عاماً، ونشر مجموعته الشعرية الأولى"سبعة عشر قصيدة" في عام 1954. ونشر مجموعته الأخيرة "اللغز الكبير" في عام 2004. كما نشر سيرة ذاتية قصيرة بعنوان "الذكريات تراقبني" في عام 1993.
يرتبط ترانسترومر مع الشاعر الأميركي روبرت بلاي بعلاقة صداقة حميمة. وقد نشرت مراسلاتهما في كتاب بعنوان "البريد الجوي."
في عام 1990 أصيب ترانسترومر بسكتة دماغية أثرت في قدرته على الكلام. لكنه ظل يواصل الكتابة. وقد حاز قبل جائزة نوبل على العديد من الجوائز الهامة. وترجم شعره الى أكثر من ستين لغة.
علاوة على عمله ككاتب، عمل ترانسترومر قبل إصابته بالجلطة كطبيب نفساني. وقد تركز عمله في سجون الأحداث وكذلك مع المعوقين والمحكومين ومدمني المخدرات. كما انه يعزف على البيانو، وقد استمر بالعزف حتى بعد إصابته بالجلطة، ولكن باستخدام يد واحدة فقط.
الشاعر السويدي توماس ترانسترومر كانت له عناية خاصة بقصيدة الهايكو ذات الأصول اليابانية. فقد شرع بكتابة بعض قصائد الهايكو منذ عام 1959. وقد تضمنت مجموعاته الشعرية التي صدرت بعد عام 2000 أعداداً من قصائد الهايكو والسِنْرْيو تبرز اهتمامه بهذا اللون من الشعر.
قصيدة الهايكو نشأت وتطورت في اليابان في النصف الثاني للقرن السابع عشر تحت مسمّى "هُوكّو" على يد الشاعر ماتسوو باشو (1644 – 1694). لكن الهوكّو لم تكن تستعمل للإشارة إلى نص شعري مستقل وحسب، بل أيضاً إلى نص شعري يستعمل كافتتاحية لقصيدة مطولة، وكذلك إلى لون آخر يجمع بين الشعر والنثر. في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أطلق الشاعر ماساوكا شيكي (1867 – 1902) إسم هايكو على نصوص الهوكو المستقلة.
قصيدة الهايكو، التي هي أقرب إلى قصيدة الومضة من حيث التكثيف، تتألف عادةً من ثلاثة أسطر لا تشترك في قافية، وتحتوي على صورتين أو فكرتين متجاورتين، تضاف إليهما كلمة او عبارة قصيرة تحدد لحظة الانفصال، وفي نفس الوقت تشير إلى العلاقة بينهما. والعبارة التي تقدم الصورة في قصيدة الهايكو لا تكون جملة مفيدة في أغلب الأحيان، بل كلمة أو شبه جملة.
تتألف قصيدة الهايكو اليابانية من 17 وحدة صوتية. والوحدة الصوتية هي أقرب ما تكون إلى المقطع في اللغتين العربية والإنجليزية وسواهما. ففي علم العروض، الذي يهتم بأوزان الشعر العربي، هناك نوعان من المقاطع: المقطع القصير والمقطع الطويل. ويقابلهما في الانجليزية المقطع المشدد والمقطع غير المشدد (stressed syllable & unstressed syllable). وتتوزع المقاطع الصوتية في قصيدة الهايكو اليابانية هكذا 5-7-5، أي خمسة مقاطع للسطر الأول وسبعة للثاني وخمسة للثالث. وهذا ما حاول أن يفعله الكثيرون من شعراء العالم الذين أدخلوا الهايكو إلى لغاتهم.
كذلك فإن من خصائص قصائد الهايكو أنها تتحدث عن الطبيعة، وفي العادة فإنها تحتوي على كلمة تشير إلى أحد الفصول بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وهذا ما يميزها عن اللون الآخر السِنْرْيو (بتسكين النون والراء).
فقصيدة السِنْرْيو، التي يرتبط اسمها بالشاعر الياباني سِنْرْيو كاراي (1718 – 1790)، تشترك مع قصيدة الهايكو في كافة الخصائص باستثناء الموضوع. إذ أنها تستبدل الطبيعة بالإنسان، فتتحدث في كثير من الأحيان عن جوانب الضعف الإنساني. وكثيراً ما تميل إلى السخرية، بعكس الهايكو، التي هي أكثر جديةً في الحديث عن الطبيعة.
انتشر شعر الهايكو والسِنْرْيو في معظم أنحاء العالم في النصف الثاني من القرن العشرين. لكن الكثير من الشعراء لم يلزموا أنفسهم بالخصائص اليابانية للهايكو. فمنهم من اكتفى بسطرين بدلاً عن ثلاثة، ومنهم من كتب قصائد تقل عن 17 مقطعاً. كما مزج البعض بين الهايكو والسِنْرْيو، مبتدعين لونا هجيناً يجمع بين الإنسان والطبيعة في القصيدة الواحدة.
ولعل توماس ترانسترومر يجنح إلى هذا اللون الهجين في الكثير من قصائد الهايكو. كما أنه كثيراً ما يخرج عن الخصائص الأصلية للهايكو.
رد: قصائد الهايكو / توماس ترانسترومر - ترجمة نزار سرطاوي
شكرا لك أستاذ نزار من جديد
فقصائد الهايكو تستهويني ولطالما حاولت احيانا تقليدها لكن بالعربية فكانت كالومضة دائما
وأحمد الله أنّ في النّبع كنزا أدبيا عالميا مثلك أستاذ
الف تحية لك
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
رد: قصائد الهايكو / توماس ترانسترومر - ترجمة نزار سرطاوي
بصراحة...لم أقرأ لـ توماس ترانسترومر إلا بالألمانية
ولأنه لايكتب كلمات بل يعكس لنا لغته بعدسته المحدبة
فقد استمتعت كثيرا هنا وأنا أتأمل صورا تنطق بالعربية
رأئعة أستاذي
دمتّ لنا ذخرا ونبراسا
شكرا لك
،،
أمــل
رد: قصائد الهايكو / توماس ترانسترومر - ترجمة نزار سرطاوي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوكب البدري
شكرا لك أستاذ نزار من جديد
فقصائد الهايكو تستهويني ولطالما حاولت احيانا تقليدها لكن بالعربية فكانت كالومضة دائما
وأحمد الله أنّ في النّبع كنزا أدبيا عالميا مثلك أستاذ
الف تحية لك
الأستاذة كوكب
الهايكو والسنريو والتانكا وغيرها من الأشكال الشعرية اليابانية لم نسمع بها إلا حديثاُ - ربما منذ سبعينيات أو ثمانينيات القرن النصرم. جربتها في العربية ولا أدري هل كانت جيدة أم لا.
تحياتي سيدتي
رد: قصائد الهايكو / توماس ترانسترومر - ترجمة نزار سرطاوي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمــل الحداد
بصراحة...لم أقرأ لـ توماس ترانسترومر إلا بالألمانية
ولأنه لايكتب كلمات بل يعكس لنا لغته بعدسته المحدبة
فقد استمتعت كثيرا هنا وأنا أتأمل صورا تنطق بالعربية
رأئعة أستاذي
دمتّ لنا ذخرا ونبراسا
شكرا لك
،،
أمــل
الأستاذة أمل
عميق الشكر على تعليقك اللطيف وما تتركين على صفحتي من عبق حروفك. أغبطك أنك تتقنين الألمانية. أما أنا فمضطر إلى القراءة وبعض الترجمة من الانجليزية.
تسلمين سيدتي
رد: قصائد الهايكو / توماس ترانسترومر - ترجمة نزار سرطاوي
الأستاذ الفاضل المبدع نزار سرطاوي
قصيدة الهايكو هي الأكثر شهرة
وهي قصيدة الومضة
وأكثر شعراء قصيدة النثر العرب يقلدونها
وهي جميلة ومعبرة وعالية الكثافة اللغوية
وقد اشتقت منها أيضاً ما تسمى(قصائد الرصيف) التي تهتم بالمعاش اليومي للبشر
............
أشكرك جزيلاً
على اطلاعنا على الشعر والأدب العالمي الذي نفتقر إليه
محبتي
رد: قصائد الهايكو / توماس ترانسترومر - ترجمة نزار سرطاوي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سمير
الأستاذ الفاضل المبدع نزار سرطاوي
قصيدة الهايكو هي الأكثر شهرة
وهي قصيدة الومضة
وأكثر شعراء قصيدة النثر العرب يقلدونها
وهي جميلة ومعبرة وعالية الكثافة اللغوية
وقد اشتقت منها أيضاً ما تسمى(قصائد الرصيف) التي تهتم بالمعاش اليومي للبشر
............
أشكرك جزيلاً
على اطلاعنا على الشعر والأدب العالمي الذي نفتقر إليه
محبتي
صديقي الغالي الشاعر الجميل المثقف محمد سمير
صدقت فإن الومضة هي الاقرب إلى الهايكو كما أشرت في الجزء الثاني من تعقيبي على قصائد الهايكو. لعل الفرق يكمن في 3 أمور
1. الهايكو الأصلية نهتم بالطبيعة ومن شروطها وجود كلمة تشير إلى فصل من فصول السن يصورة مباشرة أو غير مباشرة (جليد، شمس، غيوم، أوراق متساقطة،... إلخ.) أما الومضة قلا تتقيد بموضوع
2. الهايكو تتألف من 3 سطور. الومضة قصيرة دون التقيد بعدد السطور.
3. الهايكو لا نظام للقافية لها ولكنها تتألف من عدد محدد من المقاطع هو 17 موزعة على الأسطر 5، 7، 5. أما الومضة فليس فيها انضباط كهذا. وإذا كانت قصيدة نثر فحريٌّ أن تكون الانضباطية أقل طبعاً
أسعدني وقع خطاك هنا صديقي الغالي. كن على قرب كما روحك